الأطفال ما قبل المدرسة 4-5 سنة
١٥ مهارة تعلّمينها لأطفالك قبل سن السادسة: الجزء الثاني
بقلم: هيلينا الصايغ
أهلا بك في الجزء الثاني من سلسلة المهارات الحياتية المكوّنة من ثلاثة أجزاء. في هذا المقال استمرارية للمعلومات القيمة التي قرأتها في الجزء الأول. تأكدي من البدء هناك لتحصلي على معرفة كاملة عن أهمية المهارات الحياتية بالنسبة للعائلة ككل – الأم، والأب، والأطفال. إننا نحتاج إلى إتقان مهارات معينة من أجل بناء حياة سعيدة ومُرضية. قد يحتاج اكتساب بعض هذه المهارات إلى مجهود أكبر من اكتساب مهارات أخرى، بينما ستجدين أن بعض هذه المهارات يأتي بشكل تلقائي.
إليك المهارات الخمسة الأولى التي تناولناها في الجزء الأول:
• اتخاذ القرار.
• الصبر والمكافآت المؤجلة
• حل المشكلات.
• الالتزام والانضباط.
• التواصل.
تذكري بأنه لا يوجد مهارة حياتية أهم من الأخرى، لكل واحدة منهن أهميتها، وهن يعملن معاً بشكل متكامل. بعد أن استوعبت المهارات الخمسة الأولى، بإمكانك الانتقال إلى المهارات الخمسة التالية:
• الاجتهاد
إن التوتر والسهو والالتهاء يزعجنا ويؤثر علينا جميعاً، لذا من الإعتيادي أن تشعري بالرغبة بالاستسلام عندما يأتيك الإحساس بأن الأمر يفوق طاقتك، أو عندما تكونين غير قادرة على التركيز في المهمة التي تقومين بها. وهذا يحدث بشكل خاص مع الأطفال. إن قدرتهم على الاحتفاظ بانتباههم تجاه شيء معين أقل منها عند الكبار، وخصوصاً أن عقولهم تعمل بجد لاستيعاب كل المعلومات الجديدة عن العالم من حولهم. عندما تشعرين بأن طفلك على وشك الوصول إلى الحد الأقصى لقدرته، قدمي له نشاطات ممتعة لتغير الأجواء بالنسبة له. إن إعطاءه استراحة قصيرة (5 دقائق كل 20 دقيقة من التركيز)، أوالقيام بالألعاب الممتعة (البطاقات، أو الكراسي الموسيقية)، أوإعطاءه أطعمة غنية بالطاقة (الحبوب الكاملة، الفواكه)، أوشرب الكثير من الماء، أوالحصول على قيلولة قصيرة، أو ممارسة نشاط رياضي لفترة قصيرة، كل هذا يساعد على تقسيم أوقات العمل الطويلة. إن الانتباه إلى أطفالك قبل وصولهم إلى مرحلة اليأس والتعب الشديد سيساعدهم على التنفيس عن أي احباط مكبوت بداخلهم، وسيساعدهم على الاجتهاد بالعمل على المهمة التي بين أيديهم.
انتبهي أيضاً إلى الجو المحيط بطفلك وهو يحاول التركيز. إن البيئة المعدّة بشكل جيد – والتي تتسم بالتنظيم، والهدوء، والقرب من ماما، في حال احتاج طفلك إلى طرح الأسئلة – تساعد الطفل على الشعور بالراحة والأمان. إن طفلك سيميل إلى مواصلة العمل، والسيطرة على مشاعره، إذا شعر أنك تعطينه الانتباه والدعم.
سيناريو: قبل البدء بهذا المهمة، أخبرني ما هي خطة العمل؟ وكيف من الممكن أن أساعدك في تنظيم هذه المهمة؟
سيناريو: لاحظت بأنك بدأت تتضايق من العمل على المهمة. لماذا لا تستمع إلى بعض الموسيقى الممتعة وتغني معها لتنفس عن بعض هذا الإحباط.
سيناريو: يبدو أنك ملهية عن المهمة التي تقومين بها. لنذهب ونتمشى معا لمدة 20 دقيقة لتغيير الجو، ومن ثم نعود إلى التركيز.
سيناريو: لقد قاربت على الانتهاء، وأنا أعتقد بأنك تستطيع الصمود وإكمال المهمة. أنا أشعر بأنك ستكون فخوراً بنفسك عندما تنتهي منها. لا تستسلم الآن. هل هناك شيء أستطيع فعله لأساعدك على الإنهاء؟
• التعاطف والإحساس بالغير
إن الرفق – أو الإحساس بالغير – صفة تمهد الطريق إلى التفهم والتسامح. إنها ليست الشعور بالأسف تجاه شخص آخرفقط، والذي من الممكن أن يؤدي إلى عقدة الشعور بالفوقية. ولكن التعاطف هو أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر، وتستوعب مشاعره وتحس بها. وهو يساعدك على إدراك أن لكل منا وجهة نظر حقيقية وشرعية، وأنه يستحق الاحترام والرعاية. إن الشعور بالتعاطف تجاه الآخرين هو عكس أن يتمحور شعورك فقط حول نفسك وحول سعادتك. لنعلّم أطفالنا أن يضعوا أنفسهم مكان الآخرين وأن يشعروا بهم بإخلاص.
إن اللفتات الحانية من الأم تجعل الأطفال لطفاء أكثر تجاه الآخرين ويراعون مشاعرهم أكثر. إن لطريقة لعب الأدوار أهمية خاصة عند تعليم الرفق والإحساس بالغير، لأن الطفل يكتسب هذه الصفة عن طريق تقليدها عند رؤيتها تطبّق. بعض الطرق الممتعة لتعليم أطفالك هذه الصفة تشمل على: تخبئة ملاحظات صغيرة في غرفهم والتي تحتوي على رسائل محبة يعثرون عليها بعد العودة من المدرسة، ومساعدة طفلك على انتقاء هدية مميزة لصديق أو معلم، وقضاء وقت قيَم معاً والانتباه إلى كل التفاصيل التي يشاركها طفلك معك، بالإضافة إلى الاشتراك في النشاطات التي يستمتع بها طفلك، وعمل بطاقات لشخص مريض أو يمر بوقت عصيب، وإعطاء طفلك الكثير من الأحضان والقبل من دون سبب، وإسماعه عبارات لطيفة. بالإضافة إلى التبرع بالمال، والتطوع في المؤسسات الخيرية. هناك الكثير من الأشياء التي بإمكانك تطبيقها أمام طفلك ليتعلم التعاطف والإحساس بالناس. كوني خلاقة وأضيفي أفكارك الخاصة إلى هذه القائمة.
سيناريو: إن ما قلته عن ملابس هذا الطفل مؤذ جداً بالنسبة له. انا أراهن أنك ستشعر بالحزن الشديد إذا قال أحدهم لك نفس الكلام. إن عائلتنا تقدر كل إنسان وتعتبره مميزاً وجميلاً بطريقته الخاصة. إن ملابسنا لا تجعلنا أفضل من الآخرين. خذ بعض الوقت وفكر بتأثير كلامك على الناس. كما أود أن تعطيني مثالاً عن كلام محب ولطيف كان بإمكانك قوله بدلاً مما قلت.
سيناريو: لنجرب ونتخيل أنفسنا مكانها. هل بإمكانك تخيّل ما تشعر به الآن؟ هل تحب أن تشعر بنفس الطريقة؟ هل بإمكانك إعطائي أفكاراً لجعلها تشعر بشكل أفضل الآن؟
سيناريو: أنا أبحث في خزانتي لإعطاء بعض الأشياء الجميلة للناس المحتاجين. هل تود اختيار بعض الملابس أو الألعاب لإعطائها لطفل ليس لديه الكثير؟
• القناعة
إن الأهل القنوعين يربون أطفالاً قنوعين. عندما نتذمر ونتحسر بسبب مشاكلنا وبسسب أصدقائنا، وعملنا وممتلكاتنا، فمن المرجح أن يكبر أطفالنا وهم يعتقدون أن الجانب الآخر مشرق أكثر – أن الجميع لديهم أصدقاء أفضل، وعمل أفضل، وأشياء أفضل. كآباء وأمهات، علينا أن نساعد أطفالنا على الموازنة بشكل صحي بين الاستمتاع بما يملكون الآن، وبين طموحاتهم من أجل تحقيق أهداف ومعايير أعلى في الحياة. كوني قدوة لأطفالك، وذلك بشعورك بالامتنان والشكر، وأظهري لهم كم هو صحي وممتع أن نقدّر ما لدينا في هذه اللحظة، وأن لا ننظر إلى النعم وكأنها أمر مفروغ منه.
سيناريو: إن التذمر لا يليق بك. أود منك إعطائي الآن خمسة أشياء أو أشخاص أنت ممتن لوجودهم في حياتك.
سيناريو: أنا ممتنة جداً لأنك ابني، وأنت من أهم النعم في حياتي، وأنا أشكر الله على وجودك. ماهيالأشياءالتيتشعراليومبالامتنانلوجودهافيحياتك؟
سيناريو: أنا أعلم أنك تريد مزيداً من المكعبات لتتمكن من بناء برج أعلى. ولكن هذا هو الموجود لديك الآن. هل تستطيع أن تستغله بأفضل طريقة؟
سيناريو: معك حق. من الواضح أن صديقك مسموح له أن يشاهد العديد من الأفلام بينما ليس مسموحا لك ذلك. أنا أسفة لأنك تشعر بالحزن ولكن أنا وبابا لدينا أسبابنا الخاصة. هل أستطيع مساعدتك على الخروج بأفكار بديلة عن مشاهدة الأفلام، والتي قد تكون ممتعة بالنسبة لك؟
• التفهم
إن تفهم ما يدفع الأشخاص الآخرين ويحرّكهم – ما يسعدهم، أو يحزنهم، أو يزعجهم، أو يحمّسهم – يساعدنا على التفاعل والتواصل معهم بشكل أفضل. وهذا صحيح بالنسبة لعلاقتنا مع أطفالنا، وبالنسبة لتعليمهم كيفية التعامل مع الآخرين. اطلبي من أطفالك المساعدة عندما لا تفهمين كلامهم أو تصرفاتهم، لأن هذا سيساعدك على فهم ما يفعله أطفالك وكيف يفكرون، كما سيساعد أطفالك على التعرف على ردود أفعالهم تجاه المشاعر المختلفة. إن خلق جو من الوعي بالذات والتفهم صحي لكافة أفراد العائلة.
لاحظي أن التفهم لا يعني بالضرورة موافقتك على سلوك طفلك! نعم، أنت تتفهمين أن طفلك منزعج، ولكن هذا لا يعني أنك توافقين على نوبة الغضب التي حدثت جراء ذلك. إن الهدف من تعليم طفلك كيف يتفهم نفسه والآخرين هو مساعدته على اكتشاف الطرق الخاصة به للتفريغ عن الضغط وللتغلب على التوتر، وأيضاً ليتعامل باحترام مع الآخرين.
سيناريو: أنا بحاجة لمساعدتك لكي أتفهم مشاعرك الآن. أنا أعتقد بأنك خائف من اليوم الأول في المدرسة، ولكن أن تقوم بركلي أمرغير مقبول. هل هناك طريقة أخرى تستطيع التعبير فيها عن مشاعرك؟ هل بإمكانك التحدث عن هذه المشاعر؟
سيناريو: أنا لا أحب الكلمات التي تستعملها للحديث عن هذه الطفلة. أنا أعلم أنها جديدة، ومن بلد آخر، وأنها قد تقوم بالأمور بطريقة مختلفة عنك وعني. هل تعتقد أنك تستطيع تفهمها بدلاً من إصدار الأحكام عليها؟
سيناريو: أنا لست متأكدة من الطريقة التي يمكن أن تهدئك الآن. أنا أعلم أنك غضبان جداً. هل هناك شيء أستطيع عمله؟ هل تحب أن تكتب عن غضبك لتتعامل مع أفكارك؟ أو ربما تغير هذه الأجواء وتضحك على فيديو مسلٍ؟
• التقبّل
إن الحب غير المشروط هو أقوى نوع من الحب يمكن أن تظهريه لأطفالك، لأنه يقول لهم: "سأحبكم للأبد، ومهما حدث." إن إحدى الطرق التي تظهرين فيها الحب غير المشروط هي التقبل. هل قمت بعمل خاطيء؟ هل ارتكبت غلطة؟ هل صرخت وبكيت ومررت بنوبة غضب كبيرة في محل بيع الحاجيات؟ أنا مازلت أحبك. أنا ما زلت أتقبلك. هذا ما يحتاج أطفالك لرؤيته وسماعه منك. نعم، أنت تصححين وتؤدبين. ولكن الحب ما زال موجوداً، والرغبة في المحافظة على الرابطة بينكم ما زالت موجودة.
سيكون هناك الكثير من الوقت للاستحسان والإطراء – إظهار الفخر عندما يحقق طفلك شيئا ما. ولكن التقبل شيء نظهره ونعطيه حتى عندما يمر أطفالنا بلحظات الفشل. إن هذا يساعد أطفالنا على تعلم كيف يحبون أنفسهم ويتقبلونها، ومن ثم ينقلون هذه المشاعر إلى الآخرين. إذا قمنا بإصدار الأحكام وأظهرنا وكأن حبنا يعتمد على أداء أطفالنا، سيصبح أطفالنا ميالين للانتقاد وللشعور بعدم الثقة بالنفس.
ماما، إن كلماتنا وأفعالنا تعني الكثير. إذا شعر الأطفال أن لدينا توقعات غير واقعية منهم، وأنهم لن يرقوا أبداً للمستوى المطلوب، فإن الشعور بعدم الثقة بالنفس سيتسلل إلى قلوبهم. إذا قمت بتوجيه الانتقاد لنفسك (أنا لا أقوم بأي أمر بطريقة صحيحة، أنا مغفلة، أنا لست جميلة بشكل كافٍ)، فإن أطفالك سيكبرون وهم يعتقدون أن قيمتهم تساوي مجموع نجاحاتهم وإخفاقاتهم. بمعنى، أنهم لن يتعلموا أنهم رائعون ومميزون كما هم، وبغض النظر عما يفعلون. من المهم أن تقوم الأمهات بترديد العبارات الإيجابية عن أنفسهن وعن أطفالهن، وأن يشجعوا صغارهن على فعل الشيء نفسه.
سيناريو: لقد عملت بجد في المدرسة، وقد تشعر بأن علاماتك لا تعكس مجهودك. أنا أشعر بك وأحبك، وأنا سعيدة جدا لأنك ابني.
سيناريو: أنا حقاً أستمتع بقضاء الوقت معك، وأحب أن أستمع اليك وأنت تشارك أفكارك ومشاعرك. أنت مميز جداً بالنسبة لي، ومشاهدتك وأنت تكبر متعة لي. لا يوجد شيء يمكن أن تفعله لتجعلني أتوقف عن حبك.
فكري في هذه المهارات الحياتية، وكيف تستطيعين إدخالها إلى حياتك وحياة أطفالك بشكل أفضل. عودي إلى المهارات التي قدمناها في الجزء الأول وتأكدي من قراءة الجزء الثالث. عندما تبذلين مجهوداً لمساعدة عائلتك على النمو في هذه النواحي المختلفة، ستتمكنون من التواصل بشكل أفضل، وستشعرون بسلام أكبر، وستختبرون إحساساً جديداً بالسعادة.
*تم كتابة وتدقيق هذا المقال من المقال الأصلي من الموقع : http://www.helenasayegh.com