قصص أمهات
طفلي وحرية الاختيار... أمر سهل عليّ الكثير
بقلم: رفاه القرشي - أم لطفل.
كان عمرُ عبد الرحمن أربعة عشر شهراً عندما وضع أبوه أمامه علبتين من العصير وخَيَّرَه بينهما قائلاً: "عبد الرحمن، هاد وللا هاد؟"
إن الإنسان البالغ السوي الذي يحسن الاختيار ويتتبع عواقب اختياراته ويتحمل مسؤولياتها لم يصبح هكذا بين يوم وليلة، هذه التصرفات عند البالغين هي نتيجة احترام آرائهم وجعلهم يتحملون مسؤولية تصرفاتهم منذ الصغر.
لأن الطفل الصغير يبدأ شيئاً فشيئاً في صنع استقلاليته ويبدأ باستمداد سعادته من استقلاله هذا، وطبعاً، باستمداد خبراته وزيادة تحصيله الإدراكي، هذا فقط إن قوبلت هذه الاستقلالية بالاحترام والتقدير من قبل الوالدين، لا بالسخرية والاستهزاء بحجة "لا زلت صغيراً" و"أنت لا تفهم شيئاَ"، وإلا فسينشأ كطفل لا يتحمل المسؤولية ولا يحترم آراء الناس ولا يرى عيباً في ذلك.
يجب أن يُعطى الطفل حرية الاختيار، لكن ضمن الحدود المسموحة، من الخطأ مثلاً أن تدخليه متجر ألعاب ليختار ما يشاء وبعدما يختار تقولين: "هذا غالي" أو "هذا غير مناسب لعمرك". من البداية عندما تدخلين ضعي أمامه لعبتين او ثلاث واجعليه يختار من بينهم، كذلك في الطعام والشراب والملبس وغيرها.
أما ما يأتي بعد ذلك، هو أن تحترمي اختياره، وهذا أهم من مرحلة الاختيار، لأنك إذا احترمتِ اختياره سيتعلم من داخله أن يحترم آراء الناس، وآراءهُ هو أيضاً.
وبعدما يختار، وتحترمي اختياراته، دعيه يتحمل مسؤولية هذه الاختيارات، ولا تقولي له كلمات مثل: "لو اخترت هكذا كان أفضل" أو "قلت لك أن هذا خاطئ"، لأنك إن فعلت ذلك سيتردد قبل أن يختار في المرات اللاحقة، ولن تصبح اختياراته سليمة أو نابعة من قلبه.
هذا ما تعلمته نظرياً من كلام الكثير من الخبراء والأمهات، وتعلمته عملياً عندما سكب زوجي عامر لعبد الرحمن العصير الذي اختاره بنفسه، وكان عبد الرحمن بطبيعة الحال سعيداً جداً بذلك.