قصص أمهات
نسيت طفلتي في السيارة رغم حرصي الشديد
بقلم: آني رينو سمعت قصصاً فظيعة...عن ترك أحد الوالدين طفله في السيارة في يوم حار في لحظة نسيان أو انشغال، مما أدى لشيء لا يمكن تصوره. وكان لطالما رد فعلي مثل كثير من الناس "كيف لذلك أن يحصل؟!" عندما رزقت بطفلي الأول، فهمت على الفور مدى قوة حب الأهل لأطفالهم، وكذلك قدر المسؤولية الكبيرة التي توازي هذا الحب. أن تكوني أماً هو عمل بدوام كامل والأولوية الأولى لهذا العمل هو المحافظة على أطفالنا أحياء وآمنين. لذلك، إن أولى الأهل الاهتمام اللازم لأطفالهم وبقوا على اتصال مباشر معهم، فكيف لهم أن ينسوهم؟ كيف لهم أن يسمحوا بأن تحدث مأساة لا منطقية كان يمكنهم تفاديها بكل سهولة؟! كنت على علم دائم عن مكان طفلتي وهي تحت رعايتي، كنت متأكدة أنه ليس بالإمكان أن أنسى أحد أبنائي أو أن اتركه في السيارة لوحده. كنت متأكدة من ذلك تماماً حتى حصل ذلك معي! ابنتي الثانية كانت حديثة الولادة عمرها خمسة أو ستة أشهر، والكبرى عمرها أربعة سنوات. ومن لديه أطفال في سن قبل المدرسة يعلمون كم الضجيج والكلام الذي تحويه تلك المرحلة، حتى عندما كانت طفلتي الأولى طفلةً رضيعةً لم تعتد على النوم في السيارة. لذلك ولمدة ثلاث سنوات، كان هناك أصوات معي – الكثير منها- في السيارة في أي وقت نخرج فيه. لكن في أحد الأيام، كنت مع عائلتي نقوم بقضاء بعض المهام، واقترب وقت الظهيرة أي وقت وجبة الغداء، مما عنى أن علينا تجهيز الطعام، إلا أنه كان يجب علي الذهاب إلى المتجر وشراء بعض الحاجيات. فقمت بإيصال زوجي وابنتي ذات الأربعة أعوام إلى المنزل وأخذت طفلتي الرضيعة معي في حال أرادت أن أرضعها عندما تستيقظ. الخمسة عشر دقيقة في الطريق إلى المتجر كانت هادئة، ولم أكن يوماً مع طفل في سيارة بدون أصوات ولمدة أعوام. كنت معتادة على أن الرحلة الهادئة تعني أنني لوحدي في السيارة. وبالفعل، لدى وصولي إلى المتجر، نزلت من السيارة وأغلقت الأبواب وتوجهت إلى المتجر، اخترت عربة التسوق وبدأت في جرها باتجاه الجهة الخلفية له حيث الحاجيات التي أردتها، وصلت إليها وأخذتها من على الرف، وما أن قمت بفتح مقعد الأطفال الموجود أعلى العربة حتى اضعها عليه، في تلك اللحظة فقط، فهمت ما قد فعلته!
توقف الزمن لجزء من الثانية، تركت عربة التسوق وركضت لكنني كنت أشعر أنني أركض على شيء لزج (كالدبس) واختفت الأصوات من حولي وأصبحت لا اسمع سوى دقات قلبي.
وصلت إلى السيارة، ارتعشت يداي وأنا اضع المفتاح في باب السيارة، وعندما فتحتها كانت ملاكي، طفلتي، هناك نائمة بسلام في كرسي السيارة. كان وقت الغروب، وكان ذلك المساء صيفي لطيف، فلم تكن السيارة ساخنة من الداخل، كما أنها بقيت لوحدها لمدة خمس دقائق على الأكثر. لكنني تعلمت درساً قيماً ذلك اليوم.
أنا لست معصومة عن الخطأ، كنت وما زلت أماً مهتمة بتفاصيل حياة أطفالي وموجودة معهم دائماً. أطفالي هم عالمي. لكن، مجموعة من الظروف الصعبة وقلّة النوم أوصلاني لمثل هذه اللحظة – اللحظة التي لم أتخيل أبدأ أن أعيشهاً ولو لثانية واحدة.
قرأت الكثير من التعليقات على مثل هذه القصص، لذلك بإمكاني توقع ما قد يقوله الناس على ما حصل معي مثل أن يقولوا: "لا، آسفة لن يمكن أن أسمح لأي شيء أن يحدث حتى يحصل معي مثل هذا الموقف." أو "لا يمكنني تصديق قصتك، إذا كان أطفالك هم أولوياتك وهذا الشيء الطبيعي، فعليك أن تكوني على علم بأماكنهم في جميع الأوقات." أو "أفضل ما يمكنني قوله لك: "إذا كنت غائبة الذهن لدرجة أنك نسيت طفلتك فاعتقد أنه لا يجب أن يكون لديك أطفال!". رأيي وبصراحة، أن الأهل المتأكدين 100% من أنفسهم، أن لن يحصل معهم مثل هذا الموقف أبداً، والأشخاص الذين يعتقدون أنه من "السخيف" أن يحتاج أحد الوالدين إلى شيء ملموس لتفقد الكرسي الخلفي للسيارة، والذين يقومون بتأنيب الوالدين الذين مرا في حادثة بعيدة عن التصور، مأساوية ومرعبة ويقسون عليهم مع أنهم يعلمون أن عليهم العيش مع نتائج هذه الحادثة مدى الحياة، هؤلاء الناس الذين مهما قرأوا قصصاً مثل هذه ومهما صدرت دراسات تشرح كيف ولماذا تحصل هذه الحوادث مع أهل محبين لأطفالهم وطبيعيين، هم من يخيفونني أكثر من أي شخص آخر. لأنهم يصبحون أكثر عرضة لمثل هذه المواقف في لحظة مرورهم بظروف صعبة لا يمكن لهم توقعها.
لذلك وجد سبب للقول المأثور "Never Say Never" (الترجمة: أبداً لا تقل أبداً). مضى ثلاثة عشر عاماً على هذه التجربة، ودعوني أقول لكم أنها ليست المرة الوحيدة من السبعة عشر عاماً كأم توقفت عن قول "أبداً". فهذا شيء يمكن أن يحصل حتى لو كنتِ أماً حضورها دائم واهتمامها بأطفالها ليس له مثيل. ففي الحقيقة، أن هذا الأمر شائع الحدوث أكثر مما تتخيلين ولكننا لا نسمع القصص لأن الأهل يخافون من الأحكام التي قد تطلق عليهم عند مشاركتهم لتجاربهم.
أنا لست خائفة من الأحكام، فأنا أعرف قلب الأمومة الذي أملك، وأعلم الحقيقة المرعبة بأن تحت الظروف المختلفة يمكن أن تكون النتيجة مأساوية. لا يمكنني أن أتخيل الألم الذي يعاني منه الأهل لمدى حياتهم عند فقدانهم لطفلهم بهذه الطريقة. ولكنني على يقين الآن، أن إمكانية نسيان أحد أطفالنا في السيارة موجودة، سواء اعترفنا بذلك أم لا. وبعد أن مررت شخصياً بهذه التجربة، لن أقوم بالحكم على أي من الأهل الذين يجدون أنفسهم على ذلك الجانب من باب السيارة. *صدر هذا المقال باللغة الإنجليزية على موقع ScaryMommy.