صحة الأطفال
الشاشات وتأثيرها على تطور اللغة عند الأطفال
كلنا شاهدنا أو عشنا الموقف التالي: الأب والأم والأطفال يجلسون سوياً في غرفة واحدة، إلا أن كل واحد منهم يحمل في يده هاتفاً أو أي جهاز لوحي، ولا يتكلمون مع بعضهم البعض!
قد تكون التكنولوجيا فعلاً جعلت من هذا العالم قرية صغيرة، ولكن هل توقفت عند ذلك؟
وهل حقاً سهلت من مهمة الأمهات أم جعلتها أكثر صعوبة؟!
في ظل الأزمة الحالية وبدء التعلم عن بعد، وبين سلبيات وإيجابيات التكنولوجيا، والمؤيدين والمعارضين لها، وتزايد أعداد الأطفال الذين يعانون من التأخر اللغوي، سأقدم لكم هنا مجموعة من النصائح والإرشادات للتعامل مع الشاشات للحد من تأثيرها السلبي على تطور اللغة عند أطفالكم.
أولا: ماذا نقصد بالشاشات؟
نقصد بها التلفاز والآيباد والهاتف واللاب توب وأي شاشة رقمية نستعملها في الوقت الحالي، ويجلس أمامها أطفالنا لساعات طويلة.
ثانيا: ما علاقة الشاشات بالتطور اللغوي عند الأطفال؟!
بعد أن تحولت ألعاب الأطفال من ألعاب اجتماعية يلعبون بها سوياً، ويتكلمون ويتفاعلون خلالها مع بعضهم مثل: لعبة الغميضة أو فتحي يا وردة، أو إسم حيوان جماد...إلخ، إلى ألعاب رقمية يلعبون بها وهم متسمرون أمام الشاشة فقط من غير كلام، بدأت تظهر العديد من الدراسات لتجيب عن تساؤل مهم جاء نتيجة ملاحظات متتالية من الأهالي ومقدمي الرعاية للأطفال: هل الشاشات تؤثر على التطور اللغوي عند الأطفال؟!
كشفت دراسة أجريت في كندا على تسعمئة طفل، بين عمر الستة شهور والسنتين، لتحديد ما إذا كانت الشاشات تؤثر سلباً على تطور لغتهم وإنتاجهم للكلام، أنه يوجد فعلاً علاقة بين تطور اللغة والشاشات.
وأنه كلما زادت المدة التي يجلس فيها الأطفال أمام الشاشات كلما قلل ذلك من قدرتهم على اكتساب المفردات اللغوية،وبالتالي زيادة نسبة التأخر اللغوي لديهم.
نعم، هذه الدراسات أكدت الشكوك وهي ما زالت مستمرة حول هذا الموضوع. وقد أوصت الجمعية الكندية للأطفال أنه لا يجب للأطفال ممن هم أقل من عمر السنتين التعرض للشاشات أبداً، لكي لا يؤثر ذلك سلباً على تطورهم.
أما الأطفال من عمر سنتين إلى خمس سنوات فبإمكانهم مشاهدة هذه الشاشات لمدة لا تزيد عن ساعه خلال اليوم بأكمله!
كأم قبل ان أكون أخصائية سمع ونطق، أؤكد أنني أفهم انشغال الامهات، وأفهم أن أي أم الآن لا بد تتنقل من غرفه إلى أخرى ومن مهمة إلى ثانية، وأن مسؤولياتها عديدة وكثيرة.
بالإضافة إلى أنها قد تكون أم عاملة وذلك يجعلها تلجأ إلى جعل أطفالها يجلسون لمشاهده هذه الشاشات الرقمية لمده طويله لتستطيع أن تنجز العديد من المهمات بهدوء بدون إزعاج.
ولكن.. نحن كأهل وحدنا المسؤولون عن تربية أطفالنا!
فإذا كان الطفل يجلس طوال الوقت وهو يشاهد الآيباد ولا يتكلم مع أحد! ثم يصبح لديه تأخر لغوي، وتأتي الأم لتشتكي وتقول ابني يفهم كل شيء ولكنه لا يعبر باستخدام الكلام عن الشيء الذي يريده من طعام او شراب أو الخ.
هنا يكون سؤالنا لها: كم ساعةً يجلس طفلك أمام الشاشات دون أن يتحدث لأحد؟!
ثالثاً: ما هو دورنا كأهل للتقليل من وقت الشاشات وتأثيرها؟
كأهل قد نكون فهمنا أهمية تقليل وقت الشاشات لأطفالنا، ولكن كيف نفعل ذلك في زمن التكنولوجيا؟!
سوف أذكر لكم هنا خمسة طرق، تستطيعون من خلالها تقليل الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشات، وتحفيز اللغة لديه لكي تتفادوا حصول التأخر اللغوي:
-
أخروا شراء هاتف أو موبايل خاص بطفلك قدر المستطاع
في زمننا الحالي نجد العديد من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخمسة سنوات لديهم إما آيباد أو هاتف محمول خاص بهم يستعملونه متى شاؤوا، وذلك يجعلهم يستعملونه طوال الوقت دون توقف!
-
ضعوا حدوداً وقواعد
لا بد من تحديد قواعد في المنزل لاستخدام الشاشات، فإن كان طفلك أقل من عامين لا يجب له ابدا التعرض لهذه الشاشات، وإن كان أكبر من عامين حاولي ألا يقضي أكثر من ساعة واحدة خلال اليوم بأكمله.
-
ركزوا على الناحية الأكاديمية واجعلوا الطفل يربط الشاشات بوقت التعلم فقط
لتستطيعوا ذلك شجعوه على ممارسه الهوايات وقضاء وقت اللعب بركوب الدراجة، أو الرسم، أو السباحة، أو أي نشاط آخر، بحيث تملؤون وقته بكل ما هو مفيد وتفاعلي يشجعه على الكلام، فمثلا: عند قضاء الطفل بعض الوقت في الرسم قد يضطر إلى أن يطلب منك الألوان ودفتر الرسم أو أي شيء يحتاجه، وبهذا يتشجع للتعبير والكلام.
-
خصصوا من وقتكم ولو القليل للعب مع الطفل
فذلك سيساعده على تطوير لغته، مثلا: قد تلعب الأم أو الأب مع الطفل بالكرة وخلال ذلك سوف يكتسب العديد من الكلمات مثل: كرة، ارمي الكرة، الكرة كبيرة ..إلخ.
-
كونوا نموذجاً جيداً!
الأهل هم قدوة الأطفال الأولى فإذا كانوا يجلسون طوال الوقت على الموبايل أو التلفاز، فكيف سيستمع الأطفال إليهم ويقللون من الوقت الذي يقضونه في مشاهده هذه الشاشات!
وحاولوا أيضاً أن تجعلوا لكم وقتاً خاصاً تمارسون خلاله هواياتكم، كالقراءة وممارسة الرياضة، ليشاهدكم اطفالكم، فيتعلمون منكم الابتعاد عن هذه الشاشات وممارسة الأنشطة التي ستساعدهم على اكتساب مفردات لغوية بشكل كبير مثل قراءة القصص.
أطفالنا يتطورون بشكل أفضل من جميع النواحي، وليس فقط من ناحيه النطق واللغة، عندما يتفاعلون مع الآخرين.
كأهل من واجبنا توفير بيئه تحفزهم وتساعدهم على التفاعل وذلك لا يكون من خلال الشاشة التي تجعلهم متلقين فقط.
نعم قد تكون أزمة الوباء المتفشي حالياً صعبت المهمة على الأهالي، فنحن في وقت أصبح التعليم نفسه إلكترونياً، ولكن يستطيع الأهل الآن ربط الشاشة بوقت التعلم فقط وتشجيع أطفالهم على ممارسة الهوايات وفعل العديد من الأنشطة التي تطور لغتهم ونطقهم وحتى شخصياتهم بشكل افضل.