الأطفال 6-11 سنة
كوني منصتة لأطفالك وليس مجرد مستمعة
تختلف أساليب التربية، ولكن كأمهات نبحث دائماً عن أفضل الطرق للتواصل مع أطفالنا بشكل أفضل وفهم احتياجاتهم بشكل أكبر والتعامل بالطريقة المثلى والمساواة فيما بينهم، ونحاول تجنب الأخطاء التي قد تؤثر سلباً عليهم، فنجتهد ونحاول البحث والقراءة وجمع المعلومات، و ننسى وجود أكبر وأهم مصدر الذي سوف يساعدنا على فهم احتياجات كل طفل من أطفالنا. تتساءلين ما هو المصدر؟
المصدر هو طفلك فبمجرد إنصاتك له بشكل جيد سيزيد استيعابك لشخصيته ومشاكله وهذا سيساعدك في التعامل مع شخصيته بالشكل الصحيح، ولكن قد تعتقدين أن الاستماع للطفل هو ذاته الإنصات، ولكنك مخطئة في هذه النقطة وسوف أوضح لك الفروقات بينهم ولماذا يعد الإنصات مهماً!
هل هناك فرق بين الاستماع والإنصات؟
جـزء من الضرر العام الذي نتسبب فيه لأطفالنا ميلُنا إلى افتراض أننا نعلم ما يقصدونه دون إنصات فعلي لهم. فأفواهنا تظل مشغولة جداً بتوجيه الحديث واللوم لدرجة تمنعنا من الإنصات لما يصدر من أفواههم. بالإضافة إلى أن العديد منا يفضل قراءة كتاب أو مشاهدة برنامج تلفزيوني يقدم النصائح الحكيمة والبسيطة لأطفال أهالي آخرين، إلا أن النظر خارج بيوتنا للحصول على هذه المعرفة ليس بالضرورة أن يكون هو الحل، حيث سنجد حولنا كل ما نحتاج له للحصول عليها.
أطفالنا ماهرون جداً في تقدير حجم المواقف، فهم يملكون حلولاً ذكية لهذه المواقف، بل إنهم يملكون وجهة نظر مختلفة يمكننا استخدامها كـميزة ٍ لنا.
كثيراً ما يدرك أطفالنا ما نقوم به بطريقة خاطئة وفي المقابل نشعر أننا الوحيدون الذين نملك حق إخبارهم بأخطائهم وليس العكس. فكبرياؤنا يمنعنا من الإنصات لهم والأخذ بكلامهم في حين أنه بإمكاننا الاستفادة كثيراً من حساسيتهم للمواقف إذا ما عاملناهم كـندٍ لنا وأنصتنا لهم. فيما يلي قصة تُظهر أهمية الإنصات.
كان الإخوة حسام وسهام ومنى يتشاجرون حول من يحق له مشاهدة برنامجه المفضل على التلفاز. كان حسام يرغب في مشاهدة فيلم بوليسي في حين رغبت أختاه في مشاهدة مسرحية كوميدية .... أخيراً أصبحت الأم غاضبة جداً " لقد سئمت من هذه المشاجرات ... اذهب لغرفتك ".... "لماذا تُلقين الـلــوم عليَ دائـمـاً " قال حسام بتذمر ... أجابت الأم "غادر الغرفة دون تعليق".
كان من واجب الأم الإنصات لحسام، سأل حسام سؤالا جيداً. " لماذا يُلقى اللوم عليه دائماً؟؟ " لأنه دائماً يقع في الفخ الذي تنصبه ابنتاها (سهام ومنى) له لإيقاعه في المشاكل. لو أن الأم أنصتت لحسام لكانت بدأت طريق اكتشاف حقيقة مساهمتها في استمرار مشاكل أبنائها.... في الوقت الذي يتعامل الأطفال مع بعضهم البعض بصراحة ٍمذهلة فإنهم نادرا ما يُعطوننا فرصة الاستماع لهم، لأننا عادة ما نُضخم الأشياء التي نستمع لها بالصدفة الأمر الذي جعلهم أكثر حِرصا وحذراً معنا.
تتعلم كل أمٍ التمييز بين نبرات صوت بكاء طفلها، فبالصوت فقط تعرف الأم متى يكون طفلها غاضباً ومتى يكون شاعراً بألم في جسده. نحن كأمهات نملك هذه الموهبة، ولكننا نتخلى عنها مع الوقت عندما يكبر الأطفال. عندما نسمع أطفالنا يصرخون نندفع بسرعة لرؤية سبب صراخهم دون محاولة لتخمين سبب صراخهم (أو الاستفسار) كما كان يحصل مع بكائهم وهم صغار.
ختامــــاً:
الاستماع: مجرد سماع الكلمات والأصوات المختلفة.
الإنصات: سماع الكلمات والأصوات ومحاولة فهم معانيها وما يقصده الشخص الذي يقولها أو يصدرها.
احرصي كأم على اكتساب مهارة الإنصات لتجيدي الفصل بعدالة بين أطفالك عندما تجدين نفسكِ مضطرة للتدخل بينهم أو مساعدتهم في أي موقف.
حتى تكتسبي أو تطوري مهارة الإنصات أنتِ بحاجة لمراجعة أفكارك بخصوصها وتقييم أدائك الحالي فيها وذلك عن طريق طرح الأسئلة التالية:
- هل مهارة الإنصات مهارة مهمة في التربية؟
- هل استخدامي لهذه المهارة حالياً جيد بما فيه الكفاية أو أنني بحاجة لتطوير أدائي فيها؟
لضمان حصولك على إجابات موضوعية تصف واقعك فعلاً وجِّهي السؤال الثاني لأشخاص مقربين منك ويشاركونك الكثير من تفاصيل حياتك لتدعم إجاباتهم إجابتك الشخصية بهذا الخصوص.
في حال وجدتِ أنك بحاجة لتطوير مهارة الإنصات لديك ابدئي ذلك من خلال أنشطة محببة لكِ.
على سبيل المثال:
إذا كان لديك برنامج مفضل بإمكانك إعادة الاستماع لحلقات سابقة له ومحاولة اكتشاف موضوعات أو حوارات لم تنتبهي لها عند مشاهدة البرنامج في المرة الأولى أو البحث عن تعبيرات وجه أو جسد لأحد الأشخاص فيه لم يسبق لك الانتباه لها.... الخ وهكذا إلى أن تلمسي فرق واضح في مهارة الإنصات لديك ومن ثمّ راقبي أدائك مع أطفالك: هل بدأتِ تلاحظين أو تدركين أشياء لديهم لم يسبق لكِ إدراكها؟