قصص أمهات
هل يمكن تقييم الأمهات كأم ناجحة وأم فاشلة؟
بقلم: نهى حمادي، أم لطفل
نسمع الكثير من الأمهات يرددن هذه العبارة وإذا سُئلن عن الأسباب فستكون مثل: "لم أنجح في تنظيم وقت نوم أطفالي"، أو "لم أستطع أن أجعل طفلي يتناول أكلاً صحياً"، أو "طفلي يقضي أغلب الوقت أمام شاشة الجوال أو اللوحة الرقمية"، أو "طفلي لم يتكلم إلى الآن لأنني لم أقم بتقديم أنشطة له تحفزه على الكلام والحوار" وغير ذلك من أسباب ..
لكن، هل حقاً توجد أم فاشلة وأخرى مثالية؟
وهل مثل هذه الأسباب هي أسباب مقنعة حقاً ويمكن اعتبارها مقياساً للفشل أو النجاح؟
أمهاتنا سابقاً لم يقدمن لنا أنشطة متنوعة كما في هذه الأيام، وكنا نقضي أغلب اوقات يومنا أمام التلفاز وفي اللعب الحر مع إخوتنا وأقراننا، لم نحفظ عواصم البلدان في سن الثالثة ولم نرسم روبوتاً في سن الرابعة ولم ولم ولم...
فهل شعرت أمهاتنا يوماً بالفشل؟!
لا طبعا، بل كن فخوراتٍ دائماً بما قدمنه لنا من حنان ودفء وتماسك عائلي وشحنات عاطفية جعلت منا أناساً أسوياء، رغم عدم وجود مصطلح التربية الإيجابية أو الذكية في زمانهن، إلا أنهن يتحدثن كثيراً عن أنهن قد ربيننا أحسن تربية ولم ينقصوا علينا بشيء.
أما في زماننا، فإن تخبط الأمهات بين شعور الفشل والإحباط وبين الصورة المثالية غير الموجودة حقيقةً، هو شيءٌ مرهق جداً لصحة الأم النفسية والجسدية، وله تأثير سلبي على الأبناء ضعف تأثيره على الأمهات.
من أهم أسباب شعور الأمهات بالفشل ووضع أنفسهن محل المقارنة دائماً بأمهات أخريات، هو انتشار حسابات الأمومة والتربية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وخاصة تلك الحسابات التي تبث مقاطع فيديو من حياتهن اليومية مع أطفالهن أثناء الأكل والتجوال والدراسة وغير ذلك من روتين يومي لكل العائلات.
بالإضافة إلى انتشار حسابات لأمهات يقدمن استشارات لغيرهن من الأمهات المحبَطات اللواتي لم يجدن سبيلاً لمعالجة المشاكل التي تعترضهن في مشوارهن التربوي، وفي هذا شيء من تعزيز فكرة الأم الناجحة والأم الفاشلة.
مع العلم أنني لست ضد تقديم المشورة والاستماع إليها، لكن على الأم وهي تفعل هذا أن تكون واعية لحقيقة أن لا شيء مثالي في هذا العالم!
وهذه بعض النصائح التي تفيد في التغلب على هذا الشعور بالإحباط والفشل:
- حاولي التخفيف من متابعة حسابات الأمومة التي تشعرك بالتقصير تجاه أطفالك، وكوني حكيمة في اختيار الحسابات التي تتابعينها.
- لا تقارني نفسك بأي شخص كان وحتى وإن كان هذا الشخص أختك أو أمك، ولا تقارني طفلك بأطفالٍ آخرين مهما كانت الظروف.
- لا تطلبي الاستشارة التربوية إلا ممن هم حقاً أهل لها. "واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"
- لا تنعتي نفسك بالفاشلة أبدا، خاصة أمام طفلك فنحن مجرد بشر خلقنا لنتعلم ونخطئ ونصيب ثم نتعلم مرة أخرى، فلا كمال إلا لله وحده.
إذاً عزيزتي، لا تجلدي ذاتك أبداً بوهم المثالية ولا تكسري أجنحتك بشبح الفشل.
اسقطي ثم انهضي واصنعي خلال مشوار أمومتك ما يشعرك بالفخر والسعادة ويبني صلة ثقة بينك وبين أطفالك.
نعم، خذي من الغير ما يفيدك وما يضيف الأفضل لحياتك، لكن اتركي وراء ظهرك كل ما يرهقك ويشعرك بالتعب والإحباط.
اقرئي أيضاً: