العناية بالذات
دور المشاعر وتأثيرها في حياتنا اليومية
لطالما كان لدي العديد من الأسئلة حول المشاعر ولكني لم أفكر بها مطلقاً. أحياناً وفي اللحظات التي أنفعل فيها في الحياة وتنتابني مشاعر مختلفة أتساءل: "هل من الجيد أن أشعر بهذه المشاعر؟" أو "هل أنا عاطفية للغاية في هذا الموقف؟". لكنني فيما بعد بدأت في أتساءل عن سبب وجود هذه المشاعر لدينا من الأساس وما هو الغرض منها، وكلما تعلمت عنها أكثر، أصبحت مندهشة من قيمتها ومدى تأثيرها على حياتنا.
تلعب العواطف دوراً مهماً في حياتنا، فهي تؤثر على طريقة تصرفنا، والقرارات التي نتخذها، وعلاقاتنا، وطريقة تربيتنا لأبنائنا، وحتى إحساسنا بالإنجاز بشكل عام، ويتمثل دورها في توجيهنا وتركيز انتباهنا على ما هو مهم؛ كما أنها يمكن أن تحفزنا من أجل اتخاذ إجراءات معينة في مواقف حياتنا. وأود هنا أن أعطي مثالاً عن شعور "الغضب" الذي يحظى بسمعة سيئة في الغالب، وهذه السمعة تأتي من ردود فعلنا تجاهه وليس من الشعور نفسه.
الغضب يعني أن هناك شيئاً ما يسد طريقنا ويشعرنا بأننا عالقون؛ لذلك، يتمثل دورنا في تركيز انتباهنا على العقبات التي تعترض طريقنا سواء في علاقاتنا، أو في حياتنا المهنية، أو في أي مجال آخر لا نتقدم فيه. فمعظم الناس يتفاعلون مع الغضب من خلال الرد إما عن طريق الصراخ أو الهجوم، ويمكن أن يكون ذلك مفيداً إذا كان شخص ما يؤذي أطفالنا على سبيل المثال. لكن في معظم الأحيان، لا يساعد الصراخ أو الضرب في مثل هذه المواقف ولا ينفعنا. فإذا فهمنا الرسالة الكامنة وراء الغضب، يصبح الغضب حافزاً لنا لتجاوز هذه العقبة بعد اختيار استجابة أفضل والتصرف بطريقة تجعلنا نحقق ما نرغب به.
هناك دائماً هدف ومعنى وراء عواطفنا؛ فهي تساعدنا وتلفت انتباهنا إلى جميع الفرص والتهديدات من حولنا عن طريق توجيهنا للمحافظة على حياتنا إذا كان تهديداً، وللنجاح والتطور إذا كانت فرصة. عندما يحدث شيء ما حولنا في الواقع أو في أذهاننا، نشعر بالعواطف من أجل فهم معنى ما يجري حولنا. على سبيل المثال: "الخوف" هو مؤشر على أن شيئًا ما نهتم به في خطر (حياتنا، حياة شخص آخر، غرورنا ... إلخ) لذلك يمكن أن يساعدنا في ملاحظة ما نهتم به ويصبح حافزاً لحمايته.
لذا، عندما نقمع عواطفنا ونقلل من تأثيرها على حياتنا واتخاذنا للقرارت ونعتمد فقط على التفكير العقلاني، فإننا نفقد البيانات المهمة التي تمنحنا إياها العواطف، فهي تلعب دوراً مهماً حتى في التفكير العقلاني. لا يمكننا أن نبني قراراتنا دون التفكير فيما تعلمناه وعشناه من عواطف في تجاربنا السابقة. وهذا يعني أن العواطف والإدراك يعملان معاً، وبدلاً من قمعها يجب أن نستعين بها في كل شيء، فالمشاعر ليست جيدة أو سيئة لكنها ببساطة محايدة، ولا يمكننا اعتبار المشاعر “غير المريحة” سلبية بسبب الرسائل المهمة التي تحملها.
أما كيف نفسر ونفهم هذه الرسائل التي تأتي من المشاعر، فإن ذلك يعتمد على الطريقة التي ننظر بها إلى مشاعرنا؛ هل ننظر إليها كصديقة أم كعدوة لنا؟ تذكروا دائماً أن العواطف موجودة لمساعدتنا وللفت انتباهنا إلى ما نحتاج إليه وما نريده. لذلك في كل مرة تشعرون فيها بعاطفة ما في حياتكم المزدحمة بالأفكار والمواقف، فقط خذوا لحظة لتفكروا بمشاعركم أكثر ولتفهموا الرسائل التي تحملها بشكل أفضل؛ عندها فقط يمكنكم اتخاذ قرارات أفضل لتحقيق أهدافكم وما تريديونه حقاً.