أخبار حول العالم
قصة الأسيرة إسراء جعابيص بين حرقة القلب والجسد
أذكر عندما قرأت خبر اعتقال الأسيرة إسراء جعابيص كم شعرت بالحزن والأسى على ما أصابها، فنحن الفلسطينيون وإن كانت حياتنا مهددة في أية لحظة وإن كنا نعيش تحت التهديد بشكل يومي، إلا أن لكل أسير وأسيرة ولكل شهيد وشهيدة قصة، فنحن لا ننظر لهم على أنهم أرقام، بل نذكرهم بأسمائهم وننشر صورهم كي نتذكرهم دائماً.
وقد تكون الأسيرة الأم إسراء جعابيص إحدى القصص والشخصيات التي لا نستطيع أن ننساها، فكيف يمكن أن تغيب عن أذهاننا وهي لازالت تحت الأسر، تعاني من حروق في كافة أنحاء جسدها. قصة اسراء قد توصلنا إلى فقدان الأمل بالإنسانية وبالعدالة في العالم، ولكن الاحتلال لم يكن يوماً عادلاً ولن يكون.
اسراء جعابيص، أسيرة فلسطينية تبلغ من العمر 36 عاماً، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقلتها بعد أن شبت النار في سيارتها على إحدى الطرق العامة، وقد كانت صدفة وأيها صدفة التي ألقت بها في ذلك التوقيت وتحديداً على أحد الشوارع التي تتواجد فيها قوات الاحتلال.
ففي 11 أكتوبر 2015 كانت اسراء في طريقها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس، حيث كانت تعمل في مدينة القدس يومياً، وكانت تنقل بعض الأغراض ببيتها إلى سكنها الجديد بالقرب من مكان عملها، وفي ذلك اليوم كانت تحمل معها أنبوبة غاز فارغة وجهاز تلفاز وحسب ما ذكرت إسراء للمحققين كانت تشغل المكيف ومسجل السيارة.
عندما وصلت إسراء قبل حاجز الزعيم بأكثر من 1500متر تعطلت السيارة وحدث تماس كهربائي وانفجر بالون السيارة الموجود بجانب المقود، وهو موجود أصلاً للتقليل من مضاعفات حوادث السير، واشتعلت النيران داخل السيارة فخرجت إسراء من السيارة وطلبت الإسعاف من رجال الشرطة الإسرائيليين المتواجدين على مقربة من مكان الحادث إلا أن أفراد الشرطة لم يقدموا لها الإسعاف واستنفروا واستحضروا المزيد من رجال الشرطة والأمن، وعدم استجابة الشرطي الذي كان مار من هناك اغلق الباب على إسراء واشتعلت النار بفعل تماس كهربائي، وأعلنت الشرطة في البداية أنه حادث سير عادي، ثم ما لبث الإعلام العبري عدّ ما حصل أنه عملية لاستهداف الجنود الإسرائيليين، واكتشف المحققين وجود التلفاز مع أنبوبة الغاز الفارغة، وانفجار بالون السيارة وليس أنبوبة الغاز، وعلموا أن تشغيل المكيف منع انفجار زجاج السيارة، لكن المخابرات الإسرائيلية ادعت أن إسراء كانت في طريقها لتنفيذ عملية.
وقد تم الحكم على اسراء بالسجن لمدة 11 عاماً، وعلى الرغم من المطالبات المستمرة بالإفراج عنها أو تقديم العلاج اللازم لها، حيث تسبب الحريق في أضرار تسببت بتغيير ملامحها كلياً، وأدت لالتصاق كتفها الأيمن من تحت الإبط بجسدها، حيث أصبحت عاجزة كلياً عن تحريك يدها، كما التصقت أذناها برأسها بفعل النيران، وفقدت يديها الاثنتين وتعاني من صعوبة في تناول الطعام أو الشرب، إلا أن قوات الاحتلال ترفض ذلك.
وقد تركت قوات الاحتلال الإسرائيلي اسراء دون علاج حتى عام 2017، حيث تم إجراء عمليتين لعينها والتصاق جلدها بإبطها الأيمن بسبب المطالبات المستمرة بعلاجها، ومؤخرًا، أطلق نشطاء وأسرى محررون حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ "#أنقذوا إسراء جعابيص"، للمطالبة بالإفراج عنها، خاصة أنها بحاجة لتدخل طبي، وتحتاج لأكثر من ثماني عمليات جراحية لتستطيع العودة إلى ممارسة حياتها بشكل شبه طبيعي.
واسراء الأم لديها طفل ينتظرها مع جدته وخالاته في القدس، وعلى الرغم من صغر سنه، إلا أن طفلها يرافق عائلتها دائماً لزيارتها في الأسر وفي المسيرات والحملات التي تطالب بالإفراج عنها، وقد تكون حرقة قلب اسراء على بعدها عن طفلها أكبر من حروق الجسد، فعلى حسب شهادة الأسيرات الأخريات اللاتي رافقن اسراء في السجن، كانت اسراء دائمة التفكير في ابنها وكيف أنها ستخرج لتجده قد تغير وأصبح شاباً وأنها لن تستطيع أن ترافقه في كل خطواته.