قصص أمهات
لو أحببتِ العالم ولم تحبي ذاتك فأنت لم تكتشفي الحب بعد
نرى الحب حولنا في كل مكان، في الأغاني والأفلام والمسلسلات وحتى الإعلانات التي نشاهدها بشكل يومي، نرى من يتغنى بالحب ومن يحاول أن يكتب الشعر لوصف الحبيب، ويتغنى الشعراء والكتاب بمدى جمال الحب واللهفة للمحبوب، ولكن لم يبدأ العالم بالتحدث عن حب الذات إلا حديثاً، خاصة المرأة، التي يتوقع منها أن تكون المعطاءة والمحبة والمضحية للآخرين، المرأة التي تكون مستعدة للتنازل عن كل شيء من أجل الحب.
ولطالما نظرت للحب على أنه ضعف، وأنه وسيلة لجعلنا نضحي ونتمسك بالآخرين، ولكنني عندما اكتشفت حب الذات، أيقنت أنني لم أعرف الحب يوماً قبل ذلك، لم يعلمني العالم أن أحب ذاتي، كان الجميع يوجهونني لحبهم وللبذل لهم، وعندما أحاول أن أفعل شيئاً ما لنفسي حتى يأتي أحداً ما ليقول لي أنتِ أنانية.
أنانية لأنني أريد الأفضل لذاتي، ولأنني أحاول أن أكون أكثر وعياً بكياني بعيداً عن المسميات والألقاب التي أحملها، بعيداً عن محاولات الآخرين لطمس هويتي ووضعي دائماً في النهاية.
وقد أدركت عندما أصبحت أماً أنني لن أستطيع أن أحب ابنتي ولا أن أكون الأم المحبة والمعطاءة إن لم أحب ذاتي أولاً، كيف لي أن أعطي طفلتي الثقة وأنا أعيش بتردد دائم، وكيف لي أن أشعر طفلتي بالأمان إن كنتُ لا أشعر بذلك ولا بحب الآخرين، وأعيش في خوف دائم من الخسارة، الخوف من أكون لا أستحق حب غيري لي.
أن أحب ذاتي يعني أن أكون واثقة ومتقبلة لجسدي وصفاتي وإن كانت مختلفة، أن أكون واعية باحتياجاتي وحدودي وقدرتي على العطاء، أن أعرف متى أقول لا لمن يحاول استغلالي!
عندما بدأت بإعطاء ذاتي الحب والتقدير، بدأت تتحسن علاقاتي مع الآخرين وباتت أكثر وضوحاً، لم أعد امتداد للآخرين من حولي ولم تعد لي حاجة لطلب الأمان منهم أو القبول، تقبلت جسدي ولم أعد أرى اختلافي عيوباً، بدأت أدرك قيمتي ومكانتي، مما يجعلني أرفض المعاملة السيئة والإهانة من الآخرين.
حب الذات ليس أنانية ولا نرجسية إن كان بحدود طبيعية ومقبولة، حبنا لأنفسنا وتفضيلنا راحتنا في بعض الأحيان ورفض الانصياع لرغبات من حولنا لا يعني أننا لا نحبهم، بل يعني أننا ندرك ذاتنا وأننا قادرين على فرض الحدود الممكنة لنا وأننا نستطيع أن نعبر عن ذاتنا بشكل جيد، إن الأم القوية تخلق جيلاً أكثر وعياً وقدرة على التعامل مع مشاعرهم وذواتهم.
ستكون قادرة على تقبل ذاتها ورفض الآراء السلبية والتعليقات المسيئة، وخاصة تلك التي تتعلق بأجسادنا، وشعورنا الدائم بالخجل من الخروج أو ارتداء الملابس التي نحب بسبب اكتسابنا الوزن بعد الولادة أو الأمومة، أو التغييرات التي تحدث لبشرتنا أو شعرنا، سعينا الدائم للمثالية المزيفة التي يحاول العالم فرضها علينا، أن نصبح نسخ مشابهة لبعضنا البعض، عدم تقبلنا لاختلافنا وصفاتنا المميزة.
أحبي ذاتك وقدمي لها الاحترام والتقدير، فالعالم يتبع القواعد التي تضعينها لذاتك، إن كنتِ لا ترين جمالك فكيف للعالم أن يراه!