قصص أمهات
تقضي ابنتي وقتها في الليغو والقراءة وهذه هي النتيجة
قصة: أحمد عدلي، كتابة: سنا عويدات - من فريق أمهات ٣٦٠
اسمي أحمد عدلي.. أحبَبتُ أن أُشارِكَكُم قِصَتي أنا وعائِلَتي الصَّغيرة، زوجتي .. وابنتي .. نُور التي تبلغُ مِنَ العُمر ثماني سَنوات. أنا وَزوجتي مِنْ نَفْس المرحلة العُمرية.. في مُنتَصَف الثلاثينات، وكِلانا درس في نَفْس الكُلية.. قِسم الهندسة. وفي نَفْس الجامعة أيضاً.. جامعة عين شمس. أعلمُ جيداً أنَّ ما يَشْغَلُ بالَنا يومياً نحنُ كآباء وأمهات هو ماذا يُمكِن أن نُقدِّم لأبنائنا في سَبيلِ إِسعَادِهم ومَلئ أوقاتِ فَراغِهم، والأهمُّ مِنْ ذلِك بِطريقةٍ مفيدةٍ ومسلية. قُمْتُ أنا وزوجتي بتَجرُبةِ العَديدِ مِنَ الألعاب مَع ابنتِنا نور مِثل البازل ( Puzzle )، الدُّمى، الشَّطرَنج، وألعاب أُخرى مِنْها لُعبَة الليجو (Lego) والتي كانت بِلا شَكْ المُفضَّلة لَدَيها. لاحَظْنا كَمْ مِنَ الوَقت كانت تُحِبُ أن تَمضِيَه كُلَّ يوم في تركيبِ القِطَع وتَفكيكها مَرَّة تِلوَ مَرَّة. وَحتى تَطَورها في تركيبِ القِطع مِنْ أشكال بَسيطة إِلى أشكال أكثر تعقيداً وأكبرَ حَجماً.
لم يكُن بالأَمر السَّهل بتوفيرِ تكاليف مَثل هذهِ الألعاب بسبب إرتفاع ثمنها، غيرَ أننا لاحظنا أيضاً أنَّهُ كُلَّما اهتَمَمْنا أكثر في مَواهِبِها كُلَّما زادَ إبداعُها
أحببنا أن نَتدرَج مَعها في المُستوى تِبعاً لِعُمرها المُناسِب، إِلا أنَّها الآن تَلعَب في مُستويات تَفوقُ سِنَّها. لا بُدَّ أنَّها أخذَت تِلكَ الموهبة مني أنا وَوالدَتها. بالنسبةِ لي أحِبُ كثيراً القيامَ بالمشاريعِ الهَندسية. لَقدْ كُنتُ كالطبيب الذي يُحضِرُ لابنهِ حقيبةِ أدوات الطبيب كَلُعبَة. في البداية لم يكُن بالأَمر السَّهل بتوفيرِ تكاليف مَثل هذهِ الألعاب بسبب إرتفاع ثمنها، غيرَ أننا لاحظنا أيضاً أنَّهُ كُلَّما اهتَمَمْنا أكثر في مَواهِبِها كُلَّما زادَ إبداعُها، فلَقَدْ تفاجأتُ بابنتي نور وهيَ تَقُوم حتى بتركيبِ دوائرَ كَهرُبائية وأجزاءٍ ميكانيكيةٍ صَعبة.. كَمْ أنا سعيدٌ و فَخور بِها. قُمنا أيضاً بإضافةِ أنشطةٍ أُخرى مِثْل الرَسم، والقِراءة كجزءٍ مِنَ النَشاط اليومي وليسَ مُجرَّد هِواية تُمارِسُها في وَقت الفَراغ.. بَدأنا بِقراءةِ قِصص قَصيرة و مُبَسَّطَة، ثُمَّ تَدرَجْنا شيئاً فَشيئاً تماماً مِثلَ أيّ نَشاط تمارِسُه. وَبعدَ خَمْس سَنوات بَدأَتْ تقرأ الكَلِمات البسيطة في قصصٍ مُصَوَرة، ثُمَ أصبحَت تستطيعُ قِراءة مَجلات خاصة للأطفالِ مِثل مَجلة ميكي، ماجد، وباسم. لَقَدْ أثمرَتْ كُلُّ هذهِ النَشاطات في شخصيةِ ابنَتِنا نور.. وحتى في تَفوقها الدراسِيّ، هي الآن مِنْ ضِمن الثلاثةِ الاوائل في مدرسَتِها. بَلْ وأثرَت أيضاً في تفكيرِها بِكُل ما حولها، تتساءل أحياناً " أبي، كيفَ تُشرقُ الشَمْس؟ " بَلْ وَحتى في آليةِ عَمَل الأشياء مِنْ حَولنا.. فتتساءل أحياناً أُخرى، " وَكيف تَطيرُ الطائِرة؟" وأصبحنا نتناقش مُطَولاً في كُلِّ تِلكَ الأمور. ولا بُدَّ مِنْ ذِكرِ الدور الكبير الذي تُقدِّمُهُ والِدتها لها في مُتابَعةِ واجباتها المَدرسية، كُلّ ذلِكَ ساهم معاً في رَفعِ مُستواها الدراسِي أكثرَ وَأكثر. لَقَدْ كان دوري أكثر في مُمارَسةِ الأنشطةِ الإبداعية، وَالرَسم، والرحلات واللَّعِب في إجازةِ نهايةِ الأسبوع. لَكنَّنا حَرَصنا معاً على التعاون فيما بيننا في سبيلِ إيجاد بديلٍ نافِعٍ ومُمتِع لابنَتِنا عن الآي باد، وَالتِلفاز، والموبايل قدرَ المُستَطاع. لِما لِتلكَ الأجهزةِ مِن دورٍ كبيرٍ في تثبيطِ قُدرات الطِفل في تطوير التفكيرِ والإبداع. لأنَّ الطفل يعتمدُ فيها على تلقي المعلومة دونَ أن يَتفكر بِها أو يَستِنتِجها مِن نفسِه وما حولَه. لَقَدْ كانَ الأمرُ مُثمِراً جِداً. وكأنَّها نبتة كُلَّ ما اعتنيتَ بِها كُلَّما نَمَتْ وازدادت قُوةَ وَكَبُرَت أكثرَ وَأكثر. نصيحتي لِجميعِ الآباءِ والأُمهات في الابتعادِ عَن الحُلول السَّهلة وَالفورية لإِشغال الأطفال، كالموبايل والكارتون وألعابُ الكُمبيوتر. لأنَّكم ستشعرونَ بالنَدَم لاحِقاً حِينما تَجِدُ طِفلِكم بِمُستوى ضعيف في الأنشطةِ المدرَسيةِ الأساسية كالقِراءة، وَالكِتابة، والرَّسم. لا بُدَّ من الاستثمار في عقول أطفالِكُم وتفكيرهِم، وابدأوا في تنميتِها مُنذُ الصِّغر بطريقةِ التفاعل والتواصل مع عالمهم الحَقيقي وذلكَ بإشراكهم في ألعاب ونشاطات تُحَفِزُ أدمِغتهِم وحواسهِم، واحتكاكهِم مع العالم الواقعي والحقيقيّ وليس الافتراضيّ والوَهمي.