قصص أمهات
هكذا سأعلم أطفالي كيف يحققون أحلامهم
بقلم: باسنت ابراهيم
حكاية صانع الأحلام ولوحة الأمنيات.
"سنضع أحلامنا اليوم أمام أعيننا... نلمسها ونلصقها ونخطط لها بكل الطرق"
لم تكن العبارة السابقة تلقى على منصة TEDx أو أي منصة إلقاء حماسية في مكان ما مثلاً!
هذه الجملة المليئة بالحماس قالتها أم لأطفالها الصغار أقل من خمس سنوات في نهاية عام مضى وبداية عام حالي..
أم جميلة قررت أن تهدي أطفالها مع بداية العام الجديد لوحة بيضاء كبيرة لكل طفل، ملصق عليها أكثر صورة شخصية له يحبها، بشرط تكن مفعمة بالحماس والضحك والضوء... صورة لأكثر لحظاته جنونا وانطلاقًا.
بعد ذلك بدأت الأم تتحدث لصغارها أثناء اللعب عن الأحلام والأمنيات.. ثم سألتهم مباشرة، ماذا تتمنون للعام الجديد؟
لم يفهم الصغار في البدء كيف يجيبون، كانوا يضحكون ويخجلون ويركضون هنا وهناك..
بدأت الأم تتحدث عن أمنياتها لصغارها، أوصلت لهم الفكرة إلى حد ما.
إحدى الصغار سألها ببراءة: هل سيحقق لنا سانتا هذه الأحلام يا أمي؟
أجابت الأم ببراعة: بل أنت... أنت من ستحقق أحلامك والله سيساعدك بالطبع، وربما يحضر لك سانتا بعض الهدايا التي تدعم تحقيق تلك الأحلام لاحقًا... من يعلم؟
لم تملي الأم على أطفالها أمنيات.. تركتهم لخيالهم تمامًا طوال اليوم.. ينتقون أحلامهم ويضعون قائمة أمنيات.
"تخيلوا... ابدعوا... لا يوجد مستحيل" هيا بنا الآن هيا...
بعد قليل انتهوا الصغار، فأحضرت الأم مجلات ملونة متنوعة وعرضت على صغارها صور تقريبية لخيالاتهم:
تلك الطائرة التي تحلم بالسفر بها
هذه اللعبة التي ترغبها
وهذه نماذج لتنمية مهارات الرسم
وتلك كعكة عيد الميلاد الكبيرة التي تتمنى الحصول عليها.
وهذه سفينة الفضاء التي ترغب في قيادتها.
دراجة جديدة بدون عجلات مساعدة
التألق بكورس الباليه والحصول على حذاء ذهبي لامع
قائمة طويلة من الأحلام... بعد قليل ذهب الصغار للنوم.. لتقوم الأم بدور صانع الأحلام أو دعونا نكن أكثر دقة، مساعدة صانع الأحلام لأن صغارها هم من سيصنعون أحلامهم يومًا ما.
بدأت عملية قص ولصق أمنيات الصغار على اللوحات البيضاء الجميلة... كلا بما كان يرغب ويتمنى..
وعندما استيقظ الصغار في اليوم التالي وجدوا أحلامهم أمامهم تمامًا مع جملة ملونة بارزة "ستفعلونها... الأحلام تتحقق".
كان على الصغار مهمة أخرى الآن وهي التفكير والتخطيط لتحقيق هذه الأحلام.
هل ستتحقق جميعا هذا العام يا أمي؟
-ربما لا يوجد مستحيل... وربما يؤجل بعضها للعام القادم وما يليه، المهم أن تسعى لتحقيقها وتبذل جهدًا مناسبًا... ولا تكف عن الأحلام.
كانت حكاية هذه الأم من صنع خيالي تمامًا... حينما ذهبت لغرفتي بمنزل أبي ووجدت "لوحة تحقيق الأحلام التي صنعتها لنفسي يومًا ما... وجدت أحلام تحققت وأخرى أوشكت وأحلام استبدلت تمامًا مع سنوات عمري ونضوج عقلي"... كانت فكرة اللوحة مستوحاة من فيلم أجنبي لا أتذكره ثم بالبحث عبر الإنترنت وجدتها فكرة شائعة جدًا بالخارج.
طارت الفراشات داخلي وحول قلبي، تخيلتني الأم بطلة الحكاية السابقة بعد عدة سنوات مع صغاري نجلس فيدور بيننا هذا الحديث الممتع.
أرغب بأن أكون أم رائعة لصغاري بمواصفات الروعة التي أرغبها وليس بالمواصفات المثالية القياسية التي يراها البعض ويضعها في كتالوج ظالم للأمهات.. حتى ولو لم أكن أم رائعة بالفعل الآن... يوماً ما سأصير مساعدة صانعي الأحلام الصغار... مجرد تخيل الفكرة تنعش قلبي وتساعدني على تخطي مصاعب الأمومة وإرهاق السنوات الأولى وفقدان الأعصاب.
ابتسمت وتذكرت أن كل حلم لمسته بيدي يوماً ما على لوحة أحلامي وتحقق عشت فرحته مرتين... الاختلاف فقط أن أحلامي لم ترتبط بالأعوام الجديدة... بل تتجدد في كل يوم استيقظ صباحًا ولازال فضل الله على صحتي وعقلي وقلبي يملئني ويفيض.
في نهاية اليوم سألت صغيرتي بحماس ماذا ترغبين أن تكوني في العام الجديد.. أجبتني بسرعة دون تفكير "فريدة".
وقبل أن اتخيل أن فريدة صغيرة جدًا جدًا على الأحلام.. أدركت أن لها ما رغبت بالفعل.
أعلم أنها تعشق الألوان ومساعدتي في المشغولات اليدوية وتمزج بين الاثنان بأنامل مبدعة.. إلا أن إجابتها الطفولية أبهرتني أكثر.. حسنًا... سنلطخ يدانا كثيراً بالألوان ونصنع المزيد من الحُلي حتى تستطيع رسم أحلامها واضحة بألوان دافئة وخطوط مميزة.
هي فريدة وكذلك أحلامها ويومًا ما ستملأ لوحة الأمنيات الخاصة بها بأحلام أكثر تفردًا وجمالاً مما أظن.