التقييم والتشخيص
كل ما تريدين معرفته عن اضطراب طيف التوحد
أصبح العالم مع تطور العلم والطب أكثر وعي حول المشاكل أو الأمراض التي قد يعاني منها الإنسان، مما جعل حياتنا أكثر رفاهية وأصبحنا أكثر قدرة على إدراك المشكلات التي قد يعاني منها أطفالنا في مراحل مبكرة، ومن هذه الاضطرابات هو اضطراب طيف التوحد، والذي يعرف بأنه اضطراب نمائي يحدث نتيجة لاعتلالات في الجهاز العصبي المركزي تؤثر على وظائف المخ خلال فترة الطفولة المبكرة، ويؤدي إلى قصور الطفل في التفاعل الاجتماعي والتواصل بنوعيه اللفظي وغير اللفظي، وظهور أنماط سلوكية تكرارية.
ما هي خصائص اضطراب طيف التوحد؟
تظهر عادة خصائص اضطراب طيف التوحد منذ الأشهر الأولى من عمر الطفل، ولكنها تبرز بوضوح أكثر بعد بلوغ الطفل السنتين أو ثلاث سنوات من العمر وتستمر إلى سن البلوغ وما بعدها، ومن هذه الخصائص:
- خصائص اجتماعية
ومنها عدم وجود تواصل بصري بين الطفل والبيئة المحيطة به، أي عدم قدرته على اللعب التخيلي وعدم القدرة على تكوين صداقات مع الآخرين والمحافظة عليها، بالإضافة إلى فقدان القدرة على المبادرة في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، وصعوبة في فهم شعور الآخرين.
- خصائص تواصلية
يعاني الطفل من مشاكل في التواصل اللفظي فقد يفقد القدرة كلياَ على التخاطب اللغوي ويستعيض عن ذلك بالإشارة، أو تقتصر لديه اللغة على استخدام بعض الكلمات النمطية، أو تتطور لديه اللغة بشكل طبيعي مع وجود مشكلات مثل ارتفاع الصوت وانخفاضه، أو يستخدم اللغة بشكل غير مناسب، كما يعاني الطفل من ضعف التواصل غير اللفظي أو ما يعرف بالتواصل البصري، ولا يستجيب إذا ناداه أحد باسمه.
- خصائص سلوكية
تظهر لدى الطفل اهتمامات نمطية محدودة في البيئة المحيطة، إضافة إلى الرغبة الشديدة في اتباع روتين محدد سواء في السلوك أو في البيئة المحيطة، ورفض تغييره، فعلى سبيل المثال، فهو يقوم باللعب بألعاب محددة بنفس الطريقة كل مرة، كما تظهر حركات جسدية نمطية مثل اهتزازات في الجسد، أو تحريك الأصابع أمام العينين، أو الدوران حول نفسه، كما قد يقوم بإيذاء نفسه بالضرب أو يحدق في البيئة المحيطة به.
- خصائص حسية
يعاني الطفل من صعوبات في تجربة خبرات حسية جديدة سواء في الشم أو اللمس أو التذوق أو السمع، مثل عدم تقبل الاستحمام والخوف من استخدام الماء، وعدم تقبل الملابس الشتوية في الشتاء بينما قد يرتديها في فصل الصيف، بالإضافة إلى مقاومة تغيير ملابسه أو قيامه بتمزيقها، والانزعاج من الألوان المشعة على الجدران أو في البيئة المحيطة به مثل ألوان البالونات أو شموع أعياد الميلاد، والخوف من قص الشعر باعتباره تجربة لخبرة جديدة، وعدم تحمل أصوات الموسيقى والضوضاء وفي المقابل قد لا يتأثر بها ويبدو كالأصم في أحيان أخرى، كما قد يأكل أحيانا أشياء غير قابلة للأكل مثل الستائر أو غيرها.
- خصائص حركية
قد يعاني البعض فقط من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد من مشاكل واضطرابات حركية مثل فقدان اللياقة البدنية والرشاقة وعدم القدرة على قيادة العجلة الثلاثية والسير على أطراف الأصابع، وضعف التوازن والتناسق الحركي، وضعف الإدراك الحركي العميق.
ما هي أسباب اضطراب طيف التوحد؟
لا يوجد سبب محدد للإصابة باضطراب طيف التوحد، لكن وجد أن للعوامل الوراثية دور في الإصابة به مثل حدوث طفرات جينية، كما قد يكون للعوامل البيئية وفقاَ لبعض الدراسات دوراً أيضاً في الإصابة به مثل العدوى الفيروسية أو تعرض الأم الحامل للتلوث البيئي أو مضاعفات بعض الأدوية.
كيف يتم تشخيص اضطراب طيف التوحد؟
يصعب تشخيص اضطراب طيف التوحد، إذ لا يوجد حتى الآن فحص طبي محدد للكشف عنه، وذلك لكثرة الأعراض وتنوعها، لذا يحتاج الكادر الطبي المختص في اضطرابات تأخر النمو إلى تقييم مراحل النمو، ومراقبة الطفل والسؤال عن تفاعله السلوكي والاجتماعي مع البيئة المحيطة، إلى جانب فحوصات النطق والسمع، واستخدام معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية.
ما هو علاج اضطراب طيف التوحد؟
لا يوجد علاج شافٍ لاضطراب طيف التوحد لكونه اضطراباً مزمناً، لكن يحتاج الطفل إلى برنامج علاجي متكامل يهدف إلى الحد من تأثير الاضطراب على أداء الأنشطة اليومية الروتينية وتحسين جودة حياته، ويتنوع البرنامج العلاجي ليشمل العلاج السلوكي والمعرفي الإدراكي، والعلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي، إضافة إلى العلاج النفسي.
دور العلاج الطبيعي والتأهيل في اضطراب طيف التوحد
قد يتأثر الطفل باضطرابات حركية ناتجة عن إصابته والتي تنطوي على ضعف التناسق الحركي، وتأخر التطور النمائي الحركي، إضافة إلى انحراف القوام لدى بعض المصابين الناجم عن الأنماط الحركية السلوكية المعتادة للمصاب، لذا يهدف العلاج الطبيعي إلى تعزيز التناسق الحركي وتطوير المهارات الحركية لتتناسب مع المرحلة العمرية للمصاب من خلال أداء أنشطة رياضية معينة مثل القفز والتصفيق المحاولة على التقاط الكرة، كما يفيد العلاج المائي في ارتخاء الجسم وتحسين المدى الحركي للمفاصل، وتقوية العضلات من خلال ممارسة التمارين العلاجية داخل الماء والذي يشكل أيضاً تحفيزاَ للمستقبلات الحسية مما يحسن من التفاعل البيئي والتواصل الاجتماعي لدى المصاب.
أما العلاج الوظيفي فهو يدعم استقلالية المريض في أداء وظائفه اليومية وأنشطته الروتينية دون الاعتماد على الآخرين قدر المستطاع، ويتضمن التدرب على ارتداء الملابس واستخدام التواليت، والاستحمام وتناول الطعام، إضافة إلى اهتمام العلاج الوظيفي بالتفاعل البيئي والاجتماعي وزيادة التواصل البصري من خلال برنامج التكامل الحسي الذي يحسن من استجابة المصاب للمؤثرات البيئية دون انفعال زائد أو لامبالاة.
ويحتاج المصاب إلى تأهيل السمع والنطق والتدرب على استخدام اللغة بشكل مناسب وزيادة التواصل اللفظي مع المحيطين به، إلى جانب الحاجة إلى العلاج السلوكي والإدراكي المعرفي والحصول على الدعم النفسي من أجل تحسين التفاعل الاجتماعي وتطوير القدرة على التعبير عن المشاعر والربط بينها وبين السلوك المناسب لها.