الأطفال الصغار 24-36 شهر

التربية الإيجابية لا تعني الحرية المطلقة!

التربية الإيجابية لا تعني الحرية المطلقة!
النشر : يونيو 01 , 2020
آخر تحديث : يوليو 31 , 2022
ريم كاتبة وصحفية وباحثة متخصصة في مجال التربية وتطوير التعليم، وهي أم لفتاتين، ياسمين وأريج. حائزة على شهادتي مجستير في مجال البحث والإعلام من جامعة باريس... المزيد

مفهوم التربية الإيجابية هو من أكثر المفاهيم التربوية المنتشرة اليوم بين المربين وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه في الوقت نفسه واحد من أكثر المفاهيم المغلوطة أيضاً. فإذا سألت اليوم أي أم أو مربي: "ماذا تعني التربية الإيجابية بالنسبة لك؟" فهناك احتمال كبير جداً أنه سيجيبك: "إعطاء الطفل الحرية المطلقة للاكتشاف والتعلُّم دون أي قيود"، وهذه بلا شك إجابة خاطئة...

نعم، التربية الإيجابية تعني إعطاء الطفل حرية واسعة للاكتشاف والتعلم بعيداً عن تدخل الكبار وأسلوب التلقين والتوجيه المباشر، إلا أن ذلك من المستحيل أن يتم بعيداً عن مجمل القيود والقواعد، بل على العكس.

من المستحيل، بل من غير المنطقي أيضاً، أن يتمكن الأهل من إعطاء الأطفال في عمر صغير مطلق الحرية في التصرف والاكتشاف إذا لم يوفروا لهم معايير السلامة أولاً، وإذا لم يقوموا برسم حدود واضحة لهم ثانياً، كي يتمكنوا من الاستمتاع بحريتهم دون التعدي على الآخرين أو راحتهم أو ملكياتهم. لذلك فإنّ القواعد البسيطة والواضحة والثابتة هي الأساس الأول والمتين للتربية الإيجابية.

نعم، بإمكانك كأم أن توفري لطفلك أدوات التلوين المائي وأن تسمحي له أن ينمي مهاراته الحسية من خلال إعطائه مطلق الصلاحية لاستخدامها كما يهوى. ولكن من واجبك أيضاً كمربية إيجابية أن توفري له المكان الآمن لممارسة نشاطه دون أن يسبب ذلك إزعاجاً أو فوضى غير مرغوب فيها في المنزل.

من واجبك أيضاً أن تلبسيه ثياباً تليق بنشاطه الفني المبعثر، وأن تشرحي له القواعد الأساسية لممارسة النشاط قبل أن يبدأ لتجنب أي صدام يقلق راحته خلال النشاط وأن تتأكدي أنه قد فهم هذه القواعد جيداً أيضاً.

إذاً الحرية المطلقة ليست أساس التربية الإيجابية الناجحة. فما هي الأسس التي يجب أن نستند عليها لنكون مربين إيجابيين؟

  • أولاً: التربية اليقظة
    وقد اخترت أن أذكرها في البداية لأنها بالنسبة لي العماد الأساسي للتربية الإيجابية: مراقبة الطفل، والتعرف إلى نقاط قوته وضعفه بالإضافة إلى نمط شخصيته وسماتها المحددة بهدف تقبله واحترام فرديته، وأن يوائم أسلوب الأهل في التعامل معه في رحلته التعليمية شخصيته، ليوجهوه بما يتلاءم مع اهتماماته ونفسيته. فيكون الطفل هو الموجه الأساسي للعملية التربوية والتعليمية وليس خاضعاً متلقياً لها.
     
  • ثانياً: التربية الفعالة
    ويتم ذلك عندما يكون الأهل قدوة لطفلهم، فتكون أقوالهم وأفعالهم متناسقة ومتجانسة، ليحصلوا على استجابة أفضل من الطفل في كل شيء.
    فالتربية الفعالة تتحقق عندما ندرك كأهل أن كلامنا وتصرفاتنا تؤثر بشكل مباشر على تصرفات الطفل وكلامه أيضاً. بل هي تساهم بشكل مباشر في تشكيل نظرته لنفسه وللعالم من حوله وثقل علاقته بنفسه ومع الآخرين.
     
  • ثالثاً: التربية النشطة
    والتي لا تتحقق إلا بالمشاركة المباشرة في حياة طفلك وتخصيص الوقت له، من أجل بناء علاقة قوية معه قائمة على الحب والاحترام. تنشأ أسس الاحترام منذ الصغر عبر تجاوب الأهل مع حاجات الطفل بتعاطف وتقبل بعيداً عن الغضب والتأفف. ومن ثم من خلال تحفيزه وتطوير قدراته العقلية والاجتماعية عبر تقديم النشاطات المناسبة لعمره ومراحل نموّه النفسي والفكري.
     
  • رابعاً: التربية الواعية
    والوعي هنا لا يقتصر على حاجات الطفل فحسب، بل يشمل حاجات الأهل أيضاً ويقوم على:
  1. الوعي باختلاف وجهات النظر بين البالغين والأطفال - محاولة رؤية الأمور من وجهة نظر الطفل خاصة خلال الفترات الصعبة.
  2. الوعي بصعوبة التربية بشكل عام وتقبل وجود فترات صعبة إلى جانب الفترات الجميلة والدافئة.
  3. الوعي بحاجاتنا كأهل وتقبلها واحترامها وإيجاد توازن بينها وبين حاجات الطفل وواجباتنا تجاهه.
  4. الوعي بمشاعرنا الخاصة ومحاولة التعامل معها قبل التعامل مع مشاعر الطفل.
  5. وأخيراً الوعي بإنسانيتنا وتقبلها وطلب المساعدة عند الحاجة!


اقرئي أيضاً:

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية