الأطفال ما قبل المدرسة 3-4 سنة
كيف تؤثر مشاكلنا وصدمات طفولتنا على تربيتنا لأولادنا
”أنا أشعر بانزعاج شديد عندما أصرخ على أولادي“ تقول الأم وهي تبكي بعد أن فقدت السيطرة على أعصابها وبدأت بالصراخ على أطفالها.
كلنا مررنا بصدمات كثيرة في طفولتنا كان لطريقة تربيتنا وتعامل آبائنا وأمهاتنا معنا دور كبير فيها وفي تشكيل إدراكنا ووعينا بالأمور، فهناك من كان والده عصبياً، أو كانت أمه تضربه، أو أن والداه كانا يتجاهلانه باستمرار، أو يطالبانه بأن يكون مثالياً في كل تصرفاته لا يخطئ أبداً.
كل هذه الأحداث تؤثر علينا في طفولتنا وفي مراحل نمونا، والفكرة هنا أن معظم الناس يعتقدون أن الصدمات يجب أن تكون أحداث كبيرة وصادمة فقط، مثل زلزال، أو اغتصاب، أو اختطاف، لكن ما لا يعرفونه أن هناك صدمات كبيرة وصدمات صغيرة أيضاً. معا سنفهم أكثر ما هي هذه الصدمات الصغيرة التي تؤثر علينا في حياتنا.
أنواع الصدمات؟
الصدمات الكبيرة تكون عادةً نتيجة لأشياء تحدث مرة واحدة وتكون كبيرة مثل الكوارث الطبيعية، الزلازل، البراكين، الفياضانات، الحرب…إلخ، أما الصدمات الصغيرة فهي تكون نتيجة لأحداث تستمر معنا طوال حياتنا ويكون لها تأثير دائم علينا. مثل عنف الآباء، أو تجاهلهم لأبنائهم، أو الخلافات بين الزوجين بوجود الأبناء، أو عنف الأب تجاه الأم، أو تعرض الأبناء للضرب في المنزل.
الصدمات الصغيرة هي تلك الأحداث الصغيرة التي تحدث عادة في بيوتنا جميعاً، دون أن نعرف أن لها تأثيراً سلبياً علي نفسية أطفالنا، وفي تكوين شخصياتهم مستقبلاً.
لذلك فإن ما شهدناه من أحداث في طفولتنا لا شك يؤثر علينا وعلى طريقتنا في التعامل مع أبنائنا وتربيتهم.
كيف ندرك تأثير هذه الأحداث علينا؟
عندما نتعرض لهذه الأحداث طوال حياتنا يكون لها تأثير على طريقة تفكيرنا وشخصياتنا، فيتشكل في أدمغتنا شيء يشبه السجن الذي يقيد أفكارنا دون أن ندرك ذلك. وهكذا يؤثر ذلك على تربيتنا لأبنائنا.
هذه القيود تظهر في حياتنا على شكل اكتئاب، أو توتر، أو خوف من كل شيء، أوعدم ثقة في الآخرين، أو مشاكل في علاقاتنا، أو عصبية وغضب مفرط، أو عدم ثقة بانفسنا.
كيف يمكن أن نمنع ما تعرضنا له في طفولتنا أن يؤثر على تربيتنا لأبنائنا؟
تنظيم مشاعرنا
عادة الآباء الذين يتعرضون لصدمات في طفولتهم يكون لديهم مشاكل في تنظيم مشاعرهم، مثل الغضب المفرط، أو عدم التعبير عن المشاعر بشكل صحيح، او التعامل الخاطئ مع المشاعر. لذا، عندما نواجه هذه المشكلة مع أبنائنا علينا أن نحاول أن نضع أنفسنا في مكانهم وأن نشعر بما يشعرون به، وأن نتحدث إليهم عن مشاعرهم وما يدور في داخلهم وكيف يمكن أن نساعدهم في التعامل معها.
التعامل مع الضغط العصبي
معظم الآباء والأمهات الذين تعرضوا لصدمات في طفولتهم ليس لديهم القدرة على التعامل مع الضغط العصبي بطريقة صحية. وعندما يصبح لديهم أطفال لا شك يتعرضون للضغط العصبي في أوقات مختلفة، فينهارون ولا يتحملون هذا الضغط.
إلا أن كيفية التعامل مع هذه الضغوطات تكون عن طريق التأمل كثيراً، أو القيام بتمارين التنفس، أو التدوين والكتابة عن مشاعرهم وعن أي أحداث مروا بها من قبل في حياتهم.
التعامل مع المحفزات
كما أن هناك أشياء تكون عادة بسيطة إلا أنها تعمل على تحفيزهم ومضايقتهم، لأنها مرتبطة بشيء يذكرهم بالماضي. عندما يحدث ذلك هناك حل بسيط وهو تدوين هذه المشاعر والأفكار التي تنتابهم، فالكتابة على الورق تقوم بتنظيم الأفكار وتوضيح السبب الرئيسي وراء انفعالاتنا، وما إذا كان لها علاقة بمشاكل حدثت بالفعل في طفولتنا أم لا.
أولادنا ليسوا موجودين لإزعاجنا
تقول لي الكثيرات من الأمهات: ”أنا ابني يفعل الكثير من الأشياء قاصداً ليسبب لي الغضب وليثير أعصابي“، إلا أن هذا الكلام غير حقيقي وغير صحيح. في معظم الأحيان عندما يتصرف الطفل بشكل مزعج يكون هذا رد فعل يعبر فيه عن مشاعر في داخله، مثل احتياجه إلى الحنان أو الاهتمام أكثر، ولكن ما يظهر لنا فقط أنه طفل مزعج.
الإهمال والبرود
البعض كانت تربيتهم فيها شي من القسوة والإهمال والبرود، وهذا بدوره ينعكس مع الوقت على تعاملهم مع أطفالهم في المستقبل ويؤثر على عطائهم، فيكون من الصعب عليهم حب أبنائهم بالشكل الصحيح أو المطلوب. لذا في مثل هذه الحالة، حاولوا أن تظهروا لأطفلكم حبكم لهم بأي طريقة حتى وإن لم تتمكنوا من ذلك في البداية، مع الوقت سيصبح الأمر حقيقياً وممتعاً. احضنوهم وعبروا لهم عن مشاعركم واستمتعوا بقضاء الوقت معهم.
الصراخ طوال الوقت
البعض يقومون بالصراخ على أطفالهم في كل وقت، فتزعجهم أمور صغيرة كأن يرفع الأطفال أصواتهم وهم يلعبون دون قصد. وهذا يؤثر على نمو الطفل، فيصبح ضعيف الشخصية أو عنيفاً نتيجة كثرة التوبيخ والصراخ عليه. عندما يحدث هذا حاولوا أن لا تتفاعلوا أو تصرخوا إذا كان الطفل يلعب بأمان. فأبناؤنا ليسوا تماثيل، بل أطفال يحبون اللعب والحركة بطبيعتهم.
كل هذه الأفكار مهمة ويمكن أن تساعدكم مع أطفالكم، لكن في النهاية من المهم جداً أن تتحدثوا مع شخص مختص إذا بدت الأمور صعبة ولم تتمكنوا من السيطرة على انفعالاتكم.
أهم شيء لا تخجلوا من تصرفاتكم مع أبنائكم وتلوموا أنفسكم كثيراً، لأن هذه التصرفات غالباً ما تكون خارجة عن إرادتكم. وبدل الإحساس بأنكم ضحايا بسبب الماضي يجب أن تأخذوا خطوة إيجابية للأمام وأن تصلحوا الخطأ. تحدثوا إلى معالج او مختص عن مشاكل الطفولة وواجهوها وتخلصوا من كل الطاقات السلبية المكبوتة في داخلكم لتتمكنوا من تربية أبنائكم بحب وسعادة.