الأطفال 6-11 سنة
تعزيز ثقة الطفل بنفسه.. بين البيت والمدرسة
ثقة الطفل بنفسه تكاد تكون السمة الأهم التي يجب أن تهتم بها العائلة والمدرسة في مراحل عمر الطفل الأولى، وأن يعملا معًا لتعزيزها في سلوكات الطفل وممارساته، وهذه الثقة لن تتحقق في نفس الطفل بمجرد النصح والإرشاد والتوجيه، أو المقولات وسرد الحكايات، بل ما يحققها هو طريقة التعامل مع الطفل في البيت والمدرسة، والوقت المخصص للتركيز على مهاراته منذ سنواته الاولى، إذ تلجأ كثير من العائلات للحصول على استشارات في هذا المجال فيتلقون نصائح من قبيل ممارسة الرياضة، أو ترك وقت مناسب للعب والمرح وممارسة الهوايات المتنوعة، إلا أن النتائج لا تكون وفق رغبة الأهل، وفي بعض الأحيان فإن الإجابة بانه ما زال صغيرًا كي يقوم بهذه الأعمال، ولو قام بها فإنها لن تكون كما يجب.
ما يترتب على العائلة والمدرسة اتباعه هو ترك هامش كبير لاختيارات الطفل في الأمور اليومية العادية التي لا تسبب خطرًا على حياة أي أحد من طلبة صفه أو أفراد أسرته وبيته، وفعل ما يرغبه بحرية منضبطة بمراقبة الأهل وتحت أعينهم، وإذا كانت نتيجة خياراته غير جيدة أو سببت ضررًا يمكن احتماله ومعالجته فإن أولى النقاشات أو التأملات يُصدرها الطفل، ولا يتلقى عليها تقريعًا أو لومًا أو تأنيبًا، بل يُترك له المجال للتأمل الذي يُفضي إلى تعلم وتصحيح في المرات القادمة.
لا ينبغي للعائلة أن تختار للطفل ما يقرأ من قصص، فقد رأيتُ ذات يوم مدرسي كيف أن أحد الطلبة تفاجأ من وجود قصص مليئة بالرسومات والألوان والألعاب، وعندما تتبعتُ الأمر أخبرني بأنه لا يقرأ إلا الكتب الدينية؛ لأن والداه يريدان ذلك، وتوسل إليّ ألا أخبرهما بأنه يقرأ قصص الأطفال الملونة. وأمر اختيار القراءة ينسحب إلى كثير من الأشياء الأخرى في الحياة مثل الطعام أو مكان قضاء العطلة نهاية الأسبوع، أو شراء الألعاب، وإذا شعرتْ العائلة أن المبلغ المالي المخصص لا يكفي لأن الأطفال بطبيعتهم يختارون الألعاب مرتفعة الثمن، فإنه لا بد من الاتفاق معهم على سقف مالي، وهذا الأمر ليس صعبًا على الأطفال، بل سينمّي في نفوسهم نوعًا من تحمل المسؤولية إذا حرصت الأسرة على فعل ذلك في كل مرة تشتري فيها الألعاب لأطفالها.
أفسحوا الفرصة لأبنائكم كي ينجزوا شيئًا من أعمال البيت البسيطة، أو الإسهام بإحضار مستلزمات البيت، أو الأنشطة المدرسية، ولا بأس من جعل الطلبة يتحملون مسؤولية في تنظيف مرافق البيت والمدرسة، فهذا الأمر يقوّي صلتهم بالمكان، ويشعرون بالانتماء إليه.
لا تستهينوا بمهارات الأطفال، بل أفسحوا لها المجال لتنمو وتظهر.