بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة مع الدكتورة دلال العلمي
في عيادة الطبيبة، جلست صبية في السادسة والعشرين من عمرها، وقد فاض وجهها أملاً وفرحة.
نظرت إلى الطبيبة وقالت: مرحبًا، اسمي هناء. تزوجت قبل أشهر، وأنا حامل الآن. أشعر بسعادة كبيرة، لكنني أخاف من اكتئاب ما بعد الولادة؛ لأن ابنة عمي أُصيبت به بعد ولادة طفلها الثاني بأربعة أشهر.
- الدكتورة: أهلا بكِ يا هناء.. ومباركٌ لكِ الحمل.. اتركي الخوف جانباً!
دعينا نعرف ما هو الاكتئاب؟
الاكتئاب هو ظاهرة تكاد تكون منتشرة بين النساء. بالرغم من الدراسات التي تشير إلى أن أكثر من 25% من النساء يعانين من الاكتئاب؛ إلا أن النسبة قد تزيد عن ذلك لأن كثيرات منهن لا يفضلن الحديث عن الأمر ولا يلجأن إلى المعالج النفسي.
هناء:
"ما هي الأعراض التي يمكن أن أشعر بها؟"
- الدكتورة: أولاً، يمكنكِ أن تطمئني؛ فهذا حملك الأول وبشكل عام، تكون الإصابة بالاكتئاب قليلة لدى النساء عند ولادة الطفل الأول، وتزداد عند قدوم الطفل الثاني أو الثالث. والسبب واضح جداً؛ وهو التغيرات الكبيرة في هرمونات الإستروجين والبروجسترون. في حملها الأول، يكون جسم المرأة محتفظ بالفيتامينات والمعادن اللازمة لنمو الجنين وإرضاعه، أما عند الحمل بالجنين الثاني، فمما لا شك فيه أن القدرة على التحمل تقل فيزيولوجياً؛ بسبب فقدان المعادن والفيتامينات بشكل أكبر. وهنا، يكون مستوى الهرمونات الأنثوية مختلفاً، مما يلعب دوراً أساسياً في الإصابة بالاكتئاب.
هناء:
"هل العلاج صعب؟"
- الدكتورة: لا يا هناء. ولكن العلاقة الأسرية وتفهم الزوج وحنانه ومساعدته المعنوية والنفسية للزوجة أمورٌ تساعدها في تخطي الأزمة.
هناء:
"هل تؤثر الضغوط النفسية على هذه الظاهرة عند النساء؟"
- الدكتورة: نعم، إن لها أكبر الأثر. كثيراتٌ هنّ الأمهات اللواتي يصبن بالاكتئاب، لكن توفر الحب الحقيقي من الزوج، وتواجد الأم الحنونة، ومساعدة الصديقات المساندات، كل ذلك يساعد كثيراً على تخطي الأزمة.
هناء:
"هل تطول هذه الأزمة؟"
- الدكتورة: لا يا عزيزتي، فمدتها تتراوح بين 3 أشهر و6 أشهر على الأكثر.
هناء:
"العلاج؟"
- الدكتورة: أولاً تعاون الزوج والأسرة والأصدقاء. ثم إن دعت الحاجة إلى ذلك، يمكن اللجوء إلى جلسات العلاج النفسي والمعرفي التي تساعد في أساليب التعامل مع الطفل وتلبية احتياجاته فضلًا عن تقديم النصح والمشورة حول مهارات تنظيم الوقت والمحافظة على جودة الغذاء خصوصاً إن كانت تقوم بالرضاعة، مما يمكن أن يحرمها النوم ويزيد من شعورها الدائم بالإرهاق.
هناء:
"هل هذه المشاعر طبيعية؟"
- الدكتورة: طبعا يا عزيزتي؛ فعدم النوم ليلاً والسهر الدائم من أجل الطفل يرهق جسم الأم ويجعلها حادة المزاج. ويأتي هنا دور الزوج الحاني الودود؛ كي يتفهم العبء الكبير الذي يقع على زوجته، فيمد يد المساعدة بقدر ما يستطيع. لذا، من المهم أن تكون العلاقة الزوجية جيدة.
هناء:
"هل أطمئن إذاً؟"
- الدكتورة: اطمئني يا عزيزتي. إنها فترة بسيطة وستمر. بالمناسبة، في هذه الحالة، أحذّر جداً من استخدام أي أدوية؛ فكل دواء له أثر كيماوي سلبي على الدماغ فيما بعد. وربما يخطئ الأطباء في التشخيص، ويدفعون بالوصفات الطبية دون اكتراث لما يسببه ذلك من أثر سلبي فيما بعد. إن جميع الدراسات العلمية الحديثة، والصادرة عن الجمعية الأميركية لعلم النفس خصوصاً، تثبت أن هناك بدائل كثيرة للأدوية، منها: العلاج المعرفي، العلاج السلوكي، العلاج بالضوء، وغير ذلك. كلها تحسن المزاج وتخفف من حدة الاكتئاب، ولنسمِّه اكتئاباً مؤقتاً؛ لأنه يبقى فقط لمرحلة معينة، ثم ينتهي.