صحة الأطفال الرضع
متى يجب عليك أخذ طفلك لزيارة طبيب عيون الأطفال؟
بقلم: د. غادة سامي عبدالحافظ - أخصائية في طب العيون وجراحتها
إنَّ مجيء طفلك إلى هذه الحياة هو نعمة من الله وهديَّة لكِ، لا سيما حين تنظرين إلى هاتين العينين الصغيرتين اللامعتين وهما ترصعان وجهه الملائكي، بالكاد تنفتحان ولكن سرعان ما تلاحقانك في كل تحركاتك وانفعالاتك، ومن خلالهما سيرى طفلك هذا العالم المليء بالألوان والحركة، وسيمارس القراءة والكتابة وغير ذلك الكثير، فحاسة البصر هي نعمة من رب كريم، وأيّ نعمة!
لطالما كان زوجي يستمتع بتذكير ابنتيَّ بنعمة البصر، فلما كنا نرى مشهداً ساحراً كنَّا نقوم بتصويره، ثم يضع زوجي الصورة أمامنا والمشهد الحقيقي خلفنا، لنقارن بعد ذلك بين المشهدين، ومهما بلغت حِرَفيَّة آلة التصوير فإنها تخفق أن تعكس التفاصيل وتدرّجات الألوان التي نراها بأعيننا.
أذكر عند ولادة مريم -ابنتي الكبرى- أنني شعرت بارتياح كبير وأحمد الله على ذلك عندما ألقيت نظرة إلى عينيها وقد كانت الأجزاء الأمامية سليمة مع قرنية شفافة لامعة. نظرت باستخدام منظار العيون على انعكاس الشبكية (Red Reflex) فكان الانعكاس برتقالي اللون متساوياً في كلتا العينين.
وأنتِ أيضا، عند ولادة طفلك سيقوم طبيب الأطفال بفحص عام للأطفال حديثي الولادة، والذي يتضمَّن تلقائيا فحصاً لانعكاس الشبكية. تأكدي أن طبيب الأطفال قد فحص شبكية طفلك، وإن حصل هذا فهو كافٍ لهذه المرحلة العمرية.
إذا وصل طفلك قبل موعده المرتقب، أي كطفل خداج، فيجب أن تُفحص الشبكية بتفاصيل أوعيتها الدموية، وهذا الفحص يقوم به طبيب عيون أطفال، خصوصاً إذا كان وزن الطفل عند الولادة أقل من كيلو ونصف، وكان عمره عند الولادة أقل من ٣٢ أسبوعاً، وذلك لمنع فقدان البصر نتيجة مضاعفات اعتلال شبكية الخداج (ROP).
حاسة البصر لا تولد مكتملة، تماماً مثل الكلام والمشي، ولكنها تنمو وتتطور في أول سبع سنوات من حياة الطفل، حيث يكون الدماغ كالعجينة الطرية التي تتجاوب مع التجربة البصرية في هذه الفترة، فيأخذ البصر تدريجيا بالنمو و التطور.
عند الولادة تكون لدى الطفل رؤية عامة أقل وضوحاً للتفاصيل الدقيقة، في حين تكون رؤية الألوان أقل تشبُّعاً. أما مجرى الدمع قد لا يكتمل نموّه إلا في الثمانية أشهر الأولى، وهذا عند خمسة بالمئة فقط من الأطفال.
في هذه المرحلة يكون لدى الطفل ميل إلى تمييز أوجه الناس أكثر من الأشكال المجردة، وإلى تمييز الصور النمطية من حوله أكثر من الفراغ؛ ولهذا فإن وجهاً باسماً منكِ عند الرضاعة أو التنظيف كافٍ لنمو متكامل لحاسّة البصر عند طفلك. ولا حاجة للألعاب الباهظة.
في أول ثلاثة أشهر يتدرب الدماغ على السيطرة على حركة العينين وتناسقهما، فمن الطبيعي أن تكون الحركة غير متناسقة في هذه الفترة مع حَوَل متقطع أحيانا. بعدها تصبح السيطرة متكاملة، استعداداً للجلوس ورفع الرأس في الوضعية العامودية. وفي هذا العمر أيضاً يبدأ الطفل بالتعرف على يديه، وتصبحان شغله الشاغل، ينظر إليهما بين الفينة والأخرى.
كذلك فإنه بعد الثلاثة أشهر الأولى نتوقع استقامة في العينين، وحركة متناسقة بين العينين من حيث التركيز على الأشياء ومتابعتها. وإذا لاحظتِ بعد هذه المرحلة العمرية حَوَلاً أو اهتزازاً (رأرأة) في العين، أو لاحظتِ عدم متابعة طفلك لكِ عند التوجه إليه بالحديث أو النظر إليه وملاعبته، فيجب عليكِ أن تستشيري طبيب عيون متخصص في علاج عيون الأطفال على الفور.
أما إذا بدا كل شيء على ما يُرام منذ الولادة، وكان فحص طبيب الأطفال لانعكاس الشبكية سليماً، فإن أول زيارة دورية لطبيب العيون يُفضَّل أن تكون بحلول الثلاث سنوات، أو قُبيل مرحلة الروضة. في هذه الزيارة سيقوم طبيب العيون بفحص الأجزاء الأمامية والخلفية للعين، وفحص استقامة العين وتوازنها والرؤية البُعديَّة، ووضع قطرة توسيع للتأكد من عدم وجود أخطاء انكسارية أو الحاجة إلى نظَّارة. وبناءً على هذه الزيارة، يتم وضع خطة لمتابعات دورية.
راجيةً لطفلكِ تمام الصحَّة والسَّلامة
اقرئي أيضاً: