صحة الأطفال الرضع
الخصية الهاجرة عند الأطفال الذكور: الأنواع وطرق العلاج
بقلم: د. أحمد ارشيد، طبيب أطفال حديثي الولادة
عند الحديث عن موضوع الخصية الهاجرة يتضح لدى الجميع أن هذا الأمر متعلق بالأطفال الذكور، وهو ما زال موضع شد وجذب من ناحية الأسباب والتشخيص والعلاج.
غرضي من طرحه هنا هو رفع ثقافة الأهل الصحية، ولما وردني من أسئلة بهذا الخصوص عن العلاج الطبي، والعلاج الجراحي، ووقت الجراحة، وعلاقتة بفقدان الخصوبة، والسرطان.
فماذا نعني بالخصية الهاجرة؟
الخصية الهاجرة (التي هجرت مكانها الطبيعي) تعتبر من أكثر مشاكل التطور الجنسي لدى الذكور، فالأمر الطبيعي أن تكون الخصيتان داخل كيس الصفن عند الولادة، فإذا هَجرت إحداهما أو كلتاهما كيس الصفن فإن ذلك يستدعي استشارة طبيب الأطفال.
فعندما تشكين عزيزتي الأم في وجود خصية هاجرة لدى طفلك، وذلك من خلال النظر إلى الكيس، فإما أن يبدو خالياً أو أن يكون هناك عدم تماثل بين جهتي الكيس، وهنا لا أنصح الأهل بمحاولة جس الخصيتين وذلك لهشاشتهما، وحتى لا يلحقوا الضرر بهما، لذلك ينصح بزيارة الطبيب فهو أعلم بتجنب هذا الضرر.
إن تشخيص وعلاج الحالة باكراً يجنب الطفل فقدان الخصوبة، أو فقدان مظاهر الذكورة (اللحية والشارب، والصوت الرجولي، والهيئة العامة الرجولية…)، والتحول السرطاني، والمشاكل النفسية.. وغيرها.
كيف تحدث؟
يبدأ تكون الخصيتين والمبيضين لدى الجنين على شكل كتلة واحدة، في مكان يقع أعلى البطن ما بين الصلب (عظام الظهر) والترائب (عظام الصدر)، ثم تتطور حسب جنس الجنين إلى مبيض أو خصية، ويهاجر كل منها إلى مكانه، فالمبيض ينزل قليلاً ويبقى داخل البطن، أما الخصيتان فتتجهان بعيدًا إلى كيس الصفن، ويكون ذلك بمساعدة حبل يشدهما ويفسح لهما الطريق، وهرمونات تحثهما على المسير، فإذا حدث خلل ما في الهرمونات أو الخصية أو الحبل، فسوف تتأخر حينها الخصيتان أو إحداهما في الوصول في الوقت الطبيعي (قبل الولادة)، أو أنها لا تصل أبداً أو ربما تضل الطريق إلى موقع آخر غير كيس الصفن.
وهذا يفسر بعض أسباب حدوث الخصية الهاجرة، ويفسر اختلاف الحالات عن بعضها، فلكل حالة خصوصيتها.
معظم الحالات لا تحتاج الى أي تدخل بل إلى الانتظارحتى تظهر لوحدها، والقليل منها قد يحتاج الى استشارة اختصاصي غدد صماء، وما بقي يكون الجراح هو من يحدد طريقة العلاج وأسلوب التعامل مع الحالة، كلٌّ حالة على حدة، وفي أغلب الأحوال سيقرر عمل منظار للتشخيص أو العلاج أو كلاهما.
أنواع الخصية الهاجرة
يمكننا أن نقسم الأنواع إلى خصية واحدة أو الاثنتين، وإلى خصية محسوسة عند الفحص باليد، لكنها في غير مكانها، أو خصية غير محسوسة أي لا يعرف مكانها.
إنه من المهم فحص الأعضاء التناسلية للطفل عند الولادة، وتكرار ذلك في زيارات لاحقة، حتى لو كانت الأمور طبيعية إذ ربما تعود الخصيتين لاحقا إلى البطن بعد أن تكون قد استقرتا في كيس الصفن.
و قد يصاحب الخصية الهاجرة تشوهات أخرى في العضو الخارجي، وأكثرها شيوعاً ما يسمى بالختان الملائكي، الذي يستدعي القيام ببعض التحاليل الطبية، وتحويله إلى جهة الاختصاص.
أما في الحالات البسيطة، حيث لا تكون الخصية في كيس الصفن، وبدون مشاكل أخرى، فيمكن الانتظار لأربعة او ستة شهور حتى تظهر، وليس من الضروري أن يقوم طبيب الأطفال بأي إجراء سوى المراقبة، وذلك قبل تحويل الحالة إلى الجراح، الذي سيقوم بالإجراءات اللازمة، ليحدد بعدها موعداً للعملية، الذي يكون عادة خلال سنة من تاريخ التشخيص، ونسبة النجاح في هذه العمليات يتجاوز ال 90%.
هناك من يحاول العلاج بالهرمونات، قبل الجراحة، وهو أمر غير متفق عليه، ونتائجه غير مرضية.
أما عن علاقة هذا التشوه بالعنونة (فقدان الخصوبة) وكذلك التحول السرطاني فإن احتمال حدوثهما يزداد عند الطفل الذي يعاني من الخصية الهاجرة مقارنة بالطفل السليم. وكلما كان العلاج مبكراً كلما ابتعدنا أكثر عن هذين الضررين.
إن من واجب الأهل تعليم الطفل عند البلوغ على الفحص الذاتي للخصيتين، كما هو الحال للثديين عند الإناث. وهناك الكثير من الفيديوهات على يوتيوب عن كيفية ذلك.
أرجو أن أكون قد وفقت في توضيح بعض الأمور المتعلقة بالخصية الهاجرة عند الأطفال الذكور، وأنا مستعد للإجابة عن استفساراتكم.
حفظ الله أطفالكم.