بقلم: نتالي حمدي، أم لثلاثة أطفال

قبل أن أبدأ قصتي، أود أن أخبركم قليلاً عن نفسي. أنا نتالي حمدي تزوجت منذ ثلاثة عشر عامًا ولدي ثلاثة أطفال: سلافا (12)، نبيلة (5) وكريم (2). اعتدت أن أكون محامية قبل أن أكون أماً، وكان عليَّ التوقف عن ممارسة مهنتي لمدة ثلاث سنوات بعد أن أنجبت طفلي الأول، حيث أردت الانتظار ليكون جاهزًا عند دخوله الروضة. بعد ذلك، عدت إلى العمل، ولكن مرة أخرى اضطررت للتوقف لرعاية طفلي الثاني. بالرغم من كل هذه التغييرات لم يمنعني ذلك من استثمار وقتي مع أطفالي على أكمل وجه.

بدأ اللعب والمرح مع طفلي الأول، سلافا، عنما لاحظت سرعة نموه واكتسابه لمهارات جديدة، ومدى سعادته عندما يجرب لعبة أو نشاط جديدين. بدأت في اختراع ألعاب جديدة للترفيه عنه، قرأنا الكتب وكنا نذهب في نزهات طويلة للاستمتاع بالهواء النقي معاً. كان من الجميل أن أشهد تطوره وكيف أن أصابعه الصغيرة تصبح أقوى مع كل برج أو هرم أو فسيفساء نقوم في بنائها. استطعت أن أعيش معه خياله الجامح، خاصة عندما كان يلعب بالجنود وتأليف سيناريوهات الحرب والمؤامرات. وأكثر ما كان يعجبني هي طريقة تجميعه للبازل والأحجيات.

بفضل الألعاب التي لعبتها مع سلافا، كنت أكثر استعدادًا عندما حان وقت اللعب والمرح مع طفلتي الثانية، حتى أننا بدأنا اللعب في طفولتها المبكرة جداً وكانت الأمر أكثر متعة. أصبحت نشاطاتنا جزءًا من روتيننا. ولا زال أطفالي يتحمسون لاستكشاف أفكاري للألعاب الجديدة.

كنت أشد انتباههم بالألعاب والأنشطة لأنني أجمع ما بين المتعة والتعلم. فمثلاً في يوم من الأيام بينما كنا جالسين خارجاً، طارت فراشة صفراء جميلة جداً حولنا ثم هبطت على زهرة بجانبنا واستقرت هناك لبضع دقائق. كانت نبيلة تشعر بالفضول، وأعربت عن دهشتها، بقولها: "أمي، لا أستطيع أن أصدق كيف يمكن لشرنقة قبيحة أن تتحول إلى فراشة جميلة كهذه!" فكّرت أنها كانت فرصة جيدة لنا لإجراء تجربة معاً وتوضيح مراحل نمو وتطور الفراشة.

بمساعدة أخي الصغير، أحضرنا عددًا كبيرًا من لفافات ورق التواليت وبدأنا في لفها حول نبيلة وشكلناها على هيئة شرنقة.

ثم قام أخي بحملها رأساً على عقب لإعطائها إحساساً حقيقياً بالتجربة. بعد ذلك، بدأنا في فتح الأنسجة حتى ظهرت فراشتي الجميلة "نبيلة".

ضحكنا كثيراً في ذلك اليوم! تعلَّمنا أيضا شيئاً جديداً. قمنا أنا وأخي بشرح العملية لنبيلة، وبالفعل شعرت هي وأخيها سلافا بالاندهاش حيال هذا التحول "السحري" بأكمله. لم نتوقف هنا بل قمنا أيضاً بمشاهدة فيلم وثائقي عن الشرنقة والفراشة. كانت تجربتنا المتواضعة ممتعة كثيرًا ولكنها كانت تعليمية أيضًا. لقد كانت تجربة علمية عملية خلقت ذكريات مدى الحياة وسعيدة لدى أطفالي. ستبقى تفاصيل ذلك اليوم مطبوعة في عقولهم إلى الأبد، على ما أظن!

ما أحببته أيضاً هو مدى الفائدة التي عادت على كريم، طفلي الثالث، من وراء هذه التجارب والألعاب؛ حيث كان سلافا ونبيلة متحمسين دائما لتعليم أخيهما الصغير "الأشياء الرائعة" التي كانا يعرفانها، وكانا يسعدان بمشاركة المعلومات معه كلما كبر، قاموا بتبني نفس أساليب المرح التي استخدمتها معهم عندما كانوا أصغر سناً، وقاموا بنقل تلك التجربة إلى أخيهم.

ممارسة الألعاب مع أطفالك أمر ضروري لشخصياتهم ولصحتهم العاطفية. هذا هو السبب في أنني أشجعكم جميعًا على بدء اللعب مع أطفالكم في أقرب وقت ممكن.

اللعب معهم يبني الذكريات الجميلة، لأنه مع كل لعبة يتعلم الأطفال شيئًا جديدًا ويكتسبون المزيد من المعرفة. تشجع الألعاب الأطفال على أن يكونوا أكثر طموحاً وجموحاً لاستكشاف أشياء جديدة في المستقبل.

من المهم أيضاً التذكر أن التسلية والألعاب تعزز العلاقة بين الأطفال وأهاليهم، فيشعرون أنهم أقرب إلى أهلهم وإخوتهم ويشعرون بأنهم مرتبطين عاطفياً معهم من خلال هذه الألعاب.

تذكرون تجربة الشرنقة؟ أعتقد أن كل طفل لديه القدرة على التحول إلى فراشة!  قوموا دائماً بتغذية أطفالكم بالحب والدعم لمساعدتهم على التحول إلى فراشات تطير بحرية وسعادة.