قصص أمهات
تجربتي مع الخوف من الحيوانات وابنتي
لطالما اعتقدت أن البالغين لا يخشون شيئاً وخاصة الأمهات، كنت أعتقد أن الشيء الوحيد الذي يخيفهم هو مرض أطفالهم أو ضياعهم، ولكن عندما أصبحتُ أماً، اكتشفت أن للآباء والأمهات مخاوفهم الخاصة بهم، والتي يحملونها معهم من طفولتهم لتكبر تلك المخاوف وتتحول إلى فوبيا.
لقد كنت أخاف من الحيوانات منذ صغري، حتى أن أمي وباقي أفراد العائلة كانوا يخبرونني بأنني كنت دائمة الاختباء عندما أصادف ماعزاً أو خروفاً في الطريق، ولا زلت حتى اليوم، أتفادى رؤية خروف العيد أو حتى السير في طريق يسير فيه قطيع من الأغنام، وينطبق ذات الشيء على الكلاب والأحصنة، ومختلف أنواع الحشرات، لا أعلم من أين أتى هذا الخوف من الحيوانات على الرغم من عدم تعرضي لأي صدمة أو تجربة سيئة في طفولتي.
وقد أكون من الأشخاص كثيرين القلق والتوتر وكثيرة الخوف في حياتي، فأنا أخاف من المهرجين والأشخاص الذين يلبسون الأقنعة ومن الأماكن الضيقة وبالتأكيد من البقاء وحيدة ومن الظلمة، وقد استطعت التعايش مع كل هذا، حتى أصبحتُ أماً، وأصبح هناك من يتبعني ويقلد خطواتي، وبما أنني حريصة كل الحرص لنقل كل شيء جيد لابنتي ولمنحها حياة سعيدة ومتزنة، قررت ألا أنقل لها خوفي أو الفوبيا الخاص بي.
لذلك أحاول في كل مرة نرى فيها كلباً في الشارع أن أحافظ على هدوء أعصابي وألا أهرب، وحتى وإن حاول الكلب الاقتراب منا. وفي كل مرة نلتقي بقطة في الحديقة وإن كنتُ لا أستطيع حملها أو تدليلها، إلا أنني أعطي ابنتي المجال لرؤيتها عن قرب واللعب معها، وأخطط أن أحضر لها حيواناً أليفاً عندما تكون قادرة على العناية بالحيوانات والتفاعل معهم، وأعمل على تجاوز خوفي وقلقي من الحيوانات أمامها، خاصة إذا اختارت أن تحصل على كلب في المستقبل أو ربما قطة.
أؤمن أن الأطفال يأخذون من المحيط بهم أغلبية سلوكياتهم وخاصة في التعامل مع الحيوانات، وهناك العديد من الدراسات التي تبين أهمية حصول الطفل على حيوان أليف، وكيف ينعكس ذلك على تحمله المسؤولية وقدرته على فهم أحداث الحياة وكيف أنه يصبح أكثر تعاطفاً مع الغير، وقد جربت خلال دراستي الجامعية تربية الطيور وقد كانت تجربة جميلة رغم الحزن الذي أصبت به عند موتها، وإن كانت ذكرى أليمة، إلا أن الموت هو حدث لا بد منه في حياتنا، ولا بد أن نستوعبه في مرحلة ما.
لذلك من حق ابنتي أن تحصل على طفولة متكاملة وأن تحصل على تجاربها الخاصة بها، وألا تنقل تجاربي ومخاوفي معها بدون حتى أن تعرف لماذا هذا الخوف، فخوفي من السباحة وغرقي وأنا طفلة، لا يعني حرمان ابنتي من تعلم السباحة والاستمتاع بالماء، أو حرمانها من تجربة مختلف المشاعر، فحمايتنا لأطفالنا وخوفنا عليهم، يجب أن يكون مدروساً، فربما تكون من الماهرين في السباحة أو ركوب الخيل، وقد تحب ابنتي تربية الكلاب أو قد تختار الحصول على مزرعة من النمل، وبذلك تكون عالمها الخاص بها وتجاربها الفريدة.
فأنا أريد أن تحصل ابنتي على لون عيني وشعري ولكن أن تملك عقلها وكيانها ومسار حياتها لوحدها.