قصص أمهات
هكذا استطعت أن أحظى مع طفلي بنوم هانئ ومريح
بعد أن تابعت مراحل تطور طفلي ذو الثمانية أشهر وتطور نومه، واتبعت كافة الطرق والسبل الممكنة لكي يحصل كلانا على نوم كافٍ ومنظم، وذلك باتباع بعض الاستعدادات قبل النوم مثل الاستحمام الليلي والماساج وخفت الإضاءة والتركيز على نوعية طعام العشاء وغيرها.
وجدت نفسي بالفعل أتقدم بخطوات ثابتة نحو نوم منظَّم لطفلي وبدأت تتضح لدي معالم روتين طفلي وروتيني الشخصي في ذات الوقت، وحصلنا على ليالٍ عديدة من النوم السريع المتواصل والعميق.
إلا أنه وبعد مضي فترة حصل تغيير بسيط إلا أنه مفاجئ، أصبح ابني شديد التعلق بي، فما إن أتركه في سريره أو أخرج من الغرفة حتى يستيقظ على الفور ويبدأ بالبكاء، فأرجع إلى الغرفة وأحمله من سريره وأضمه ليهدأ ويكمل نومه العميق على الفور.
اقرئي أيضاً: لماذا يقاوم الأطفال الصغار وقت النوم... وبقوَّة؟
عرفت حينها أن سبب البكاء لم يكن نتيجة ألم أو جوع بحمد الله، الأمر الذي أراحني قليلاً إلا أنه أقلقني أيضاً، فأنا بالفعل لا أدري إن كان متعلقاً بي بالفعل ويشعر بوجودي في غرفته، أم أنني أبالغ بمستوى استيعاب طفل ذو سبعة أشهر لما يجري من حوله؟!
أصبح الأمر مؤرقاً لي بحيث لا أستطيع تركه بعد النوم (مع العلم أنه ينام في غرفتنا وليس في غرفة منفصلة، إلا أنه ينام باكراً، فنضطر لإمضاء وقت السهرة في غرفة النوم).
وكالعادة بدأت بالبحث عبر الإنترنت، وبالفعل وجدت أن نسبة كبيرة من الأطفال في هذا العمر تبدأ لديهم حالة تسمى "حالة قلق الانفصال".
فكان أكثر ما فاجأني فكرة أن الطفل لا يعي أنه شخص منفصل عن الأم إلا بعد مضي عدة أشهر على ولادته، وغالباً بين الشهر السابع والعاشر وهنا تتولد لديه هذه الحالة من عدم الرغبة بالانفصال عن الأم ومفارقتها، وكما هو معروف فإن حاسة الشم لدى الرضيع تكون قوية جداً، فيزداد شعوره بالانفصال عندما لا يستطيع شم رائحة أمه حوله.
وفي معظم الفيديوهات والأبحاث التي شاهدتها كان طبيب الأطفال أو الأخصائي يهنئ الأهل لأن طفلهم لديه هذه الحالة، فهي دليل على وعي الطفل ونموه الإدراكي.
اقرئي أيضاً: هل نوم الأطفال طوال الليل حقيقة أم خرافة؟
وقد تستمر هذه الحالة لدى بعض الأطفال وتصل ذروتها في عمر السنة والنصف ثم تبدأ بالتلاشي بالتدريج.
إلا أنه يتوجب على الأهل عدة أمور لتفادي تفاقم الأمر وهي ما اتبعته مع طفلي:
- تدارك واستيعاب حالة الطفل، وفهم الموضوع بشكله العلمي وعدم اتهام الطفل "بالدلع" أو اتهام الأم بأنها عودته على الحمل والعناق.
- التعامل مع الطفل على انه طفل بالفعل! أي عندما يبكي يجب ألا يتم إهماله، فكلما استجبتِ لبكاء الطفل وأشعرته بأنك إلى جانبه إذا احتاجك، ستزداد لديه مشاعر الثقة والأمان.
- اللعب مع الطفل خلال النهار لعبة الغميضة.
- ضعي الطفل في سريره ثم ابقي بعيدة عن نظره، عندما يبكي انتظري دقيقتين ثم عودي واحمليه لدقيقة واجعليه يطمئن، ثم ابتعدي وعودي بعد ٣ دقائق، استمري بزيادة دقيقة في كل مرة إلى أن ينام (الأمر يحتاج إلى تحدي الذات والصبر).
صادف تطبيقي للنقاط أعلاه زيارتي إلى طبيبة طفلي لتتابع نموه، فخطر لي ان أسألها عن الأمر وإن كان لديها نصيحة ما تعطيني إياها، فنصحتني بشراء لعبة او دبدوب كي ينام بجانبه في السرير، فإذا أحبه وتعلق به سيساعده هذا في تسريع حل المشكلة.
وما إن خرجنا من العيادة حتى توجهنا لشراء لعبة محشوة وطرية يمكن أن تبقى بجانبه خلال النوم، فوجدنا أحد شخصيات (افتح يا سمسم) وما إن رآه طفلي حتى بدأ يضحك وأحبها كثيراً.
وأصبحت كلما وضعته في سريره أضع بجانبه اللعبة وأجعله يضمها أو يلمسها، وعندما يبكي استجيب لبكائه واضمه وأقبِّله و من ثم أعيده إلى السرير.
بقينا على هذا الحال ليلتين بالضبط، مع تطبيق النصائح المذكورة حتى أصبح الأمر أسهل بكثير..
اقرئي أيضاً: كيف تمكَّنا من جعل طفلنا يُحب وقت النوم ويطلبه بنفسه!
وها أنا الليلة أكتب هذه المقالة بعد أن حصلت أنا وزوجي وطفلي مجدداً على ليالٍ من النوم المتواصل الهانئ، يقضيها طفلي في سريره بجانبه لعبته، وأنا شبه متأكدة أنه لديه الثقة والأمان الكافيين بأن والديه بجواره دائماً يستجيبان له فور حاجته لهما.
كتبت سابقاً عن نوع الأطعمة التي تساعد في النوم العميق والاسترخاء لدى الأطفال، وبعد أن كان نوم طفلي منظماً ومريحاً، صار يستيقظ ليلاً بسبب حالة قلق الانفصال.
لكنني ما زلت متأكدة من أن خطتي في انتقاء أنواع معينة من الأطعمة لفترة ما قبل النوم نجحت لكن طفلي في تطور مستمر، وها قد نجحت أيضاً في تخطي أمر قلق الانفصال عند النوم!
ومن يعلم ماذا تحمل لنا الأيام القادمة من مفاجآت متعلقة بنوم طفلي، لكنني أعد نفسي وأعده بأنني سأبحث عن سبب أي شيء يؤرقه أو يبكيه، وسأعمل بكل جهد وصبر لحل الأمور بالطرقة الأفضل.
ولن أترك ابني لما أسمعه من مقولات بعض الناس مثل: "بيسكت لحاله" أو "اتركيه بيتعب من البكا وبينام"، ولن أقع ضحية اللوم إذا سمعت أحداً يقول لي: " ما إنت عودتيه عليك".
الطفل لا يعرف التمثيل.. هو فعلاً يحتاجك.. فأنت عالمه ورائحتك أمانه وعناقك وقبلاتك أهم من الأكل واللعب بالنسبة له!