الأطفال 6-11 سنة
أمر تجنبي القيام به: لا تعطفي على أبنائك!
هـل هـنـاك فـرق بـيـن الـعـطـف والـتـعـاطـف؟
فيما يلي موقف بين أم وطفلها وبناء عليه سأشـرح الـفـرق بـيـنهـما.
كان أيمن ابن السبع سنوات متحمساً جـداً لحفلة النجـاح التي سيقيمها بعد نجـاحه بتفوق هذا العـام. وكان من المقرر إقـامة الحفل في إحدى الحـدائق العامة ليستمتع الأطفال باللعب في الهـواء الطلـق. في صبـاح اليوم المحـدد لإقـامة الحفـلة فوجئ أيمن عند استيقاظه بسُحب ثقيلة تـمـلأ السماء، فانطلق بسرعة إلى المطبخ ليسأل أمه " لن تمطر أليس كـذلك؟ مازال بإمكـاننا الـذهـاب أليس كـذلك؟ .... أليس كذلك هــا؟"
شعرت الأم بالحزن على طفلها وفكرت أن بإمكانها تـأجيل الحفلة إلى اليوم الـتـالي إلا أنه سيكون بـدايـة الإجـازة الرسمية وبالـتـالي فـإن احتمال اعتـذار بـعض أصـدقـائه وارد جــداً (هـذا مـا حـدثت بـه الأم نفسها) حـاولت الأم تـهـدئة ابنها فـقـالت له: أعتقد يـا بني أن السُحب ستنقشع الآن لننتظر قليلاً ونـرى. تـنـاول أيمن القـليل من إفطـاره وقضى الصـباح كـلـه على النافذة آمــلاً في زوال السُحب... فـقـد كـان مـقــررا ً بـدء الحـفـلـة بـعـد صـلاة العـصـر.
بـحـلول الـسـاعة الـثـانية عشرة ظـهـراً بـدأت الأمـطـار في الـهـطـول، ولـم تـمض نصف سـاعة إلا وأصبح المطر غـزيراً جـداً وبـدا واضـحاً أن ترتيبات هـذا اليوم يجب أن تلغى عـنـدهـا شـعـرت الأم بالأسى على أيمن لأنه لابـد أن يكون محطم الـفـؤاد الآن فـقـامت بأخـذه بين ذراعيهـا وقـالـت لـه "عـزيـزي، أعـلم كـيف تـشعـر أنا آسفة. هـذه خيبة أمـل فظيعة لك وأنا مستعـدة للقـيـام بـأي شـيء يمـكن أن يوقف الـمطـر إلا أنـه لا يـوجـد شـيء كـهـذا... إلا أننا نستطيع الـذهـاب غــداً!!!
فـأجـاب أيمن " ولـكن صديـقـاي أحـمـد وعــادل لـن يستطيـعا حضـور حفلتي إذا كـانت غــداً لأنهما سيسافران اليوم بـعـد انتهاء الحفلة، وهـمـا من أصـدقـائي الأعـزاء وأرغـب في حـضـورهـمـا " وأضاف " هـذا ليس عـدلاً ليس عـدلاً فـالأشـياء دائـماً لا تسيـر في صـالحي فـأجابته الأم " لا تبكي يـا عـزيزي ولـكـن حقيقةً لا يـوجـد شـيء بـإمـكـانـي الـقـيـام بـه لإيـقـاف الـمـطر. وفـي هـذا الـوقت كـانت عـيـون الأم نفـسـها مغرورقه بـالـدمـوع وعـلى وشـك أن تنهمر بسبب شـعـورهـا بـالحزن والأسـى عـلى ابنها.
إن ردَ فـعـل الأم تـجـاه مـا حـصـل لأيمن جـعـله يشعـر بـأنه مُعـتـدً عـليـه عـنـدمـا لـم تأتِ الأمــور حـسـب رغـبـته، وعـادة مـا يـتـرتـب عـلى هـذا الـشـعـور مـا يـلـي:
1 . اعتقاد الـطـفـل أنـه ضـحيـة.
2 . انتظاره للـعـون من الـخـارج دائـمـاً (بمعنى عـدم اعتماده على نفسه).
3 . خـسـارتـه لـفـرصة الـتعـلم واستغلال الـتجـارب الـصعـبة لـتعـلم مـهـارات جديدة. وعليه فـإن الـتصـرف الـصحـيح للأم (أو المربي عمومـاً) في مثل هـذه المـواقف يتـمثل في:
التعاطف مع الطفل وعـدم العطف عليه، حيث يُقصد بالتعاطف: تفهم مشاعر الطفل والألم الذي يشعر به وفي الوقت نفسه طمأنة الطفل إلى تواجدي كأم بجـواره لمساعدته على تجاوز هـذه الأزمة.
وفي المقابل يُقصد بالعطف: الإحساس بالشفقة والأسى على الطفل نتيجة لما حصل له. وتعريف الطفل بأني كأم سأبذل كل ما بوسعي لتعويضه عن الأذى أو الضرر الذي حصل لـه.
ولتحقيق التعاطف لا بـد أن تُـقـنعي نفسك ابتداءً أنكِ لست مطالبة بتعويض طفلك عن خسارته أو ألمـه وذلك سيحصل ببساطة عندمـا تُـجيـبين على الـسؤال الـتـالي:
هل أنا من تسبب في ضـرر الطفل (على سبيل المثال في قصة أيمن تسأل أم أيمن نفسها هل أنا من تسبب في إفساد الحفلة؟)
ومن ثمٌ ساعدي طفلك على تجاوز أزمته عن طريق:
1 . تقبل فكرة أنـه سيشعـر بمشاعر مـؤلمة نتيجة لمـا حصل لـه.
2 . وصف هـذه المشاعر لـه: أنت حزين بسبب إلـغـاء حـفلة نجـاحك.
3 . اقتراح حلول للطفل في المواقف التي يمكن اقتراح حلول لـها.
4 . استغلال مثل هـذه المواقف لتقوية إيمانه بالقـضاء والـقدر حسب عمره.
5 . مراعاة التدرج في تنفيذ النقاط السابقة وعدم القيام بها دفعة واحدة.
6 . في بعض الأحيان يكون ما لا يقوم به الآباء بنفس درجة أهمية مـا يقومون به وذلك يعني ما يلي:
أ. عدم التدخل في شؤون طفلك قبل أن تسألي نفسك: هـل هناك حاجة فعلية لأقوم بشيء الآن؟ هل تدخلي سيريحني أم سيريح طفلي؟
ب. عدم الغرق في مستنقع تخيل ما يمكن أن يحدث (ماذا لـو .........؟) تقبلي حقيقة أن هناك أشياء في الحياة لا يمكن التحكم بها.
ج. عدم منع الطفل من الشعور بالحزن إذا حصلت له مشكلة ولكن أشعريه أن بإمكانه الاطمئنان إلى وجودك بجواره عندما يشعر بالحزن.
مرجع الفكرة
(Children the Challenge) for Rudolf Dreikurs
د. سلوى الهوساوي
خبير ومستشار تربوي لمرحلة الطفولة