الأطفال 6-11 سنة
انتبهي لنبرة صوتك عند حديثك مع أبنائك
هـل تعـلمين أن 38 % (مـا يـقـارب 50 %) من تواصلك مع أبنائك عن طـريق نبرة صوتك و7 % تواصل عن طريق الكلمات، قد لا تنتبه الأم أحياناً لتفاصيل صغيرة عند تواصلها مع أبنائها مثل نبرة صوتها وقد لا توليها أهمية عظيمة، ولكن في الحقيقة أن نبرة صوتك تؤثر كثيراً في تواصلك مع أبنائك وهذا التأثير قد يكون سلبي أحياناً ويؤثر في علاقتك معهم ويحدث فجوة فيما بينكم وقد يصيبهم بالإحباط دون أن يعبروا عن ذلك. القصة التالية ستوضح لك هذه الحقيقة بشكل أكبر.
كـانت الأم تساعد ابنتها " مـهـا " ابنة العشر سنوات في حل واجبها المدرسي، وبدا واضحـاً أن مـهـا لم تفهم كثيراً ما يجب عليها القيام بـه. "حسناً، مؤكد أنك تفهمين هـذا الجـزء أكثر" قالت الأم باحتقار. عندها قـرٌبت مـهـا رأسها من الكتاب وهي تنظر لصفحاته بمزيد من الحيرة والارتباك. كانت نبرة صوت الأم تشير إلى أنها لم تكن تعقد أمـالاً كبيرة على تعلمها الأمر الذي تسبب في شعور الطفلة بإحباط أكبر.
ربما استطعت تخيل نبرة الصوت التي استخدمتها الأم في حديثها مع ابنتها بعد قراءة العبارة -قالت الأم باحتقار – فلو قالت الأم نفس الكلمات "حسناً، مؤكد أنك تفهمين هـذا الجـزء أكثر" ولكن بطريقة تظهر تعاطفها مع ابنتها والصعوبة التي تواجهها لما كانت هناك مشكلة ...... نبرة الصوت عامل لا يستهان به.
بوجه عام نميل نحن الكـبار إلى استخدام لغة مـع الأطـفـال تختلف عن اللغة التي نستخدمها مع من هم في مثل سننا. وإذا ما عقدنا مقارنة بين طريقة كـلامـنـا مع أطفالنا وأصدقائنا مـثـلاً نجـد أننا نتحـدث مع أطفالنا بأسلوب ونبرة صـوتِ تُشـير إلى إحساسنا بالدونية نحوهم.
ولعل ما يـؤكـد هذه الحقيقة تعليق إحدى المتدربات في إحدى دورات التربية التي كنت أقـدمها لمجموعة من الأمهات الطبيبات. فأثناء تقديمي للجـزء الخاص بفن الإنصات والتعبير للطفل عن مشاعره علقت المتدربة على هـذه الجزئية بقولها " معنى ذلك أننا يجب أن نتعامل مع الأطفال كأي إنسان مع مراعاة فارق العمر لتبسيط المعلومة التي نرغب في إيصالها لتناسب المرحلة العمرية للطفل! "
مما سبق يتضح أن الوعي أو إدراك الطريقة الصحيحة للتواصل مع الأطفال (بما في ذلك نبرة الصوت المستخدمة معهم) لا يرتبط بدرجة تعليم المربي، ولكنه يتعلق بدرجة إتقانه للمهارات التي يحتاجها للتعامل معهم وهو أمر لا يتحقق بالصدفة، بل يتطلب انتباهاً وحرصاً للوصول إلى الدرجة المطلوبة منه.
عزيزتي الأم لتتعرفي على نبرة صوتك مع أطفالك راقبي نفسك أثناء حديثك معهم، بإمكانك تسجيل هـذا الحديث بوضع أداة تسجيل مستمرة بحيث تلتقطي من خلالها مواقف عفوية لكِ معهم دون استعداد لتتعرفي على أسلوبك الحقيقي معهم. قـد يـفاجئكِ ما ستحصلين عليه من معلومات بخصوص أسلوبك مع أطفالك ونبرة صوتك معهم.
متى ما أدركتِ الأخطاء في نبرة صوتك سينتقل الموضوع لديك من دائرة اللاوعي أو عدم الإدراك إلى دائرة الوعي والإدراك وعندها ستحرصين على تغيير أسلوبك ونبرة صوتك الحالية إلى أسلوب ونبرة صوت تشابه تلك التي تستخدمينها مع صديقاتك الأمر الذي سيساعد على فتح أبواب التواصل بينكِ وبين أبنائك.
مما يساعد أيضاً على تحقيق ما سبق الانتباه لنبرة الصوت التي يستخدمها الكبار مع الأطفال بوجه عام من خلال الأماكن المختلفة ... مثلاً في متجر، منتزه أو مناسبة اجتماعية.... إلخ، غالباً ما ستجدين الكبار يستخدمون نبرة صوت مع الأطفال تختلف عن تلك التي يستخدمونها مع بعضهم البعض الأمر الذي سيساعد على تمييز الفرق بين النبرتين.
عندما ترجعين للمنزل مرة أخرى استمعي لنبرة صوتك مع أطفالك واسألي نفسكِ ما يلي:
- ما الذي تُعبر عنه نبرة صوتي؟
- ما الذي يسمعه أطفالي؟
- هل تعبر نبرة صوتي عن فرض السلطة مثلاً في الوقت الذي أرغب أن أُعبر فيه عن الحزم؟
إجابتك عن الأسئلة السابقة بصدق وموضوعية سيضعك بإذن الله في المسار الصحيح فيما يتعلق بهذا الموضوع.
مرجع الفكرة
(Children the Challenge) for Rudolf Dreikurs