الأطفال 6-11 سنة
ما هو العمر المناسب للطفل لدخول المدرسة؟ ولماذا؟
متى أدخل ابني المدرسة؟
معلمة ابني في الروضة دائماً تشكو من أنه كثير الحركة، لا ينتبه لشرح المعلمة، يلعب خلال الحصة، لا يعمل فروضة المدرسية كما يجب؟
هل يعاني طفلي من فرط في الحركة؟
ماذا أفعل؟ فطفلي لا يحب المدرسة؟
هذه الأسئلة تواجهنا باستمرار وتكون مصحوبة بالإحباط والتوتر من قبل أولياء الأمور
من هنا أحببت أن أشارككم ببعض الإجابات عن هذه الأسئلة.
الكثير من المربين سواءً الآباء والأمهات أو معلمات الروضة يعتقدون أن الأطفال أشقياء ومزعجون وفوضويون ومتمردون على تعليماتهم، وهم بحاجة للترويض والتهذيب.
فهم يركضون داخل غرفة الصف أو في البيت، يلعبون بكل شي أمامهم ولا يلتزمون بالمقعد الخاص بهم في الصف، لا يرغبون بحل الواجبات المدرسية، وغيرها من المشاكل التي لا تنتهي!
أما من وجهة نظرنا كخبراء في الطفولة المبكرة لا نعتبر هذا مزعجاً أو غريباً بل طبيعياً جداً، بل ونستغرب انزعاجكم من انفعالات الطفل هذه.
لأن الطفل يكون بحاجة إلى إثبات نفسه، ويميل للعناد والإصرار على رأيه محاولاً كسر بعض القيود ليختبر قدراته على الاستقلال الذاتي.
ويكون أيضاً لديه استعداد كبير للاستجابة للمثيرات ومعطيات البيئة المحيطة من الصوت والضوء والحركة واللمس والاكتشاف لما يدور حوله، وهذا يحتاج منا توجيهه من خلال الأنشطة وطرق الرعاية المناسبة.
كما أن الطفل في هذه المرحلة العمرية يتجه لتكوين العلاقات الاجتماعية مع المحيطين به، ويميل إلى الخيال، وهي فترة مهمه لغرس القيم والمبادئ والعادات والتقاليد وحب التعاون ومفاهيم الخطأ والصواب فيه.
هناك بعض الأهالي الذين يدخلون أبنائهم بعمر صغير إلى الروضة، ولكن عمر الطفل يكون ما زال بحاجة إلى اللعب والاكتشاف بجو من الامان والحب والحرية والاستقلال، لا إلى تحقيق الإنجاز والنجاح لإرضاء الأقران والكبار.
فالطفل بعمر الأربع سنوات والنصف يصبح أكثر إدراكا للقوانين والضوابط في المدرسة، ويكون تحصيله الدراسي افضل من طفل بعمر ثلاث سنوات بنفس الصف.
ذلك لأن الطفل الصغير لا زال بحاجة للعب وتنمية المهارات أكثر ولا يستطيع تحمل حصة كاملة يجلس فيها على كرسي لأنه يحتاج للحركة.
فتكون طاقته وقدراته الجسدية أقل من الطفل الأكبر. مما يؤدى إلى نيل الأخير للتشجيع والرضا من معلمته أكثر من الطفل الأصغر، الذي يكون محبطاً وغير قادر لان إمكانياته لم تكتمل بعد. ويظل هذا الفارق بين الطفلين موجود مع ازدياد العمر.
وهذا يوثر على تحصيل الطفل للدرجات في المدرسة، ليس بسبب قصوره العقلي بل بسبب عدم اكتمال نضجه بالدرجة الكافية لهذه المرحلة الدراسية، مما يستدعي من الطفل الأصغر بذل مجهود عقلي وجسدي أكبر للوصول لمستوى تحصيل الطفل الأكبر.
أما عندما يلتحق الطفل بالعمر المناسب بالمدرسة، يستطيع أداء واجباته المدرسية بسرعة وبجهد أقل ويستطيع توفير الوقت خلال النهار لتنمية موهبة يحبها. فتستمتع بطفولته أكثر ولا يظل منكباً على حل واجباته طوال النهار حتى يبدأ بالتذمر وكره المدرسة.
كما أن دخول الطفل إلى المدرسة بالعمر المناسب يجعله معتمداً على نفسه في حل الواجبات. وهذا له دور كبير في استقلاليته، لأن الطفل إذا اعتمد عليك في حل واجباته سيعتاد على ذلك حتى يكبر.
وهذا يشكل ضغطاً عليه وعليك، خاصة في المراحل المتقدمة لأنه غير قادر على استذكار دروسه لوحده فيستنزف طاقة والديه لمساعدته لإكمال فروضة الدراسية، فتحرم الأم مثلاً من وقتها الخاص لإنجاز مهام أخرى لبيتها أو لعملها أو للاعتناء بالأبناء الآخرين.
وقد يسبب ذلك أيضاً مشاكل في العلاقة بين الأم وطفلها بسبب الضغط النفسي المصاحب لهذه المشكلة، ومن ثم تضطر الاسرة لحل المشكلة بمشكلة أكبر وهي اللجوء للدروس الخصوصية التي تنهك ميزانية الأسرة.
فالدراسة ليست هي كل شي في حياة الطفل، لأنه يحتاج مساحة لنفسه يلعب وينمي مهاراته ويبني شخصيتة ويستمتع بوقته مع الأقران ويلعب في الحديقة أو الألعاب في المنزل مع اخوته.
وقد أجريت دراسات على العمر المناسب لدخول الطفل للمدرسة، وقد اختلفت الأعمار من دولة لأخرى، ففي الدنمارك مثلاً يمنع تقييم الطفل قبل عمر العشر سنوات، لأن هناك فارق في العمر بين طلاب الصف الواحد بشهور قد يصل إلى السنة.
وفي بريطانيا لا يسمح قبل الأربع سنوات بدخول الطفل الروضة. أما في السويد وفنلندا وجنوب إفريقيا يدخل الطفل المدرسة في عمر السبع سنوات والفترة التي تسبق ذلك هي فترة الحضانة، أو ما يسمى بالمدرسة التمهيدية التي تعتمد مبدأ تنمية المهارات.
وهذه الفترة تعتبر إلزامية بفنلندا سواء كانت الأم تعمل أم لا، ابتداءً من عمر الثلاث سنوات. وذلك لعظم أهمية تنمية المهارات للطفل في هذه المرحلة العمرية.
وفي الإمارات لا يسمح بدخول الطفل الروضة قبل عمر الأربع سنوات.
في جامعة بنيوزيلاندا قاموا بعمل دراسة وجدوا فيها أن الأطفال الذين يذهبون في سن الخامسة للمدارس يبدون مواقف سلبية تجاه التعليم من الأطفال الذين يبدؤون في سن السابعة، وأن ما قبل ذلك يجب أن يكون تنمية مهارات فقط ليستطيع الطفل الاستمتاع بطفولته ويكون على قدر من الوعي والإدراك عند التحاقه بالمدرسة في العمر المناسب.
وهناك أيضاً رسالة منشورة في الديلي تليجراف تم توقيعا من 130 خبير في الطفولة المبكرة، أجمعوا أن التعليم المبكر في الحضانات مهم جداً، وهذا ما تفعله الدول الأوروبية لأن الطفل قبل السابعة يحتاج للعب وتفريغ الطاقات بشكل يضمن تعلمه للمهارات واستمتاعه بالاكتشاف وصقل شخصيته وتحقيق ذاته.
إذاً، لماذا تدخلون أبناءكم إلى المدارس في عمر مبكر؟ هل يستحق ذلك كل هذه المعاناة والخسائر النفسية والمادية؟ هل يستمتع أطفالكم بطفولتهم كما يجب أو بأوقاتهم في المدرسة؟
عزيزي الأب، عزيزتي الأم..
أطفالكم أمانة في أعناقكم ونحن نعلم أنكم تريدون الأفضل لهم، وها أنا قد وضعت بين أيديكم الإجابة الشاملة المدعومة بدراسات لخبراء في مجال الطفولة المبكرة. ويبقى لكم حرية الاختيار..
أما رأيي الشخصي فأنا اعتبر الدخول المبكر للطفل إلى المدرسة انتهاك لطفولته وحرمان له منها، خاصة في ظل انتشار الحضانات التعليمية في معظم دول العالم.
وهي حضانات مهيئة كبيئة مناسبة، مدعمة بالبرامج والأخصائيين المدربين والمدركين لأهمية هذه المرحلة من عمر الطفل، يستطيع الطفل التعلم فيها بما يتناسب مع وعيه وإدراكه، في الوقت الذي يجد فيه المتعة والتسلية مع أقرانه.