الأطفال الصغار 24-36 شهر
ما الذي يمكنني فعله لو ضربني طفلي؟
عندما يبدأ أطفالنا أحبابنا باستكشاف أنفسهم وحواسهم وما يمكنهم أن يفعلوه بأيديهم وأسنانهم، يكون العض والضرب مقبولين منهم لأنهم لا يدركون ما يفعلون خلال السنة الأولى وربما الثانية من العمر. ولكم ضحكت حين كانت صغيرتي تعضعض قدميَّ أو يديَّ وهي تضحك مستكشفة أسنانها، ولم أكن أتضايق من ذلك أبداً.
لكن مع مرور السنوات، قد نجد سلوك الضرب المقصود قد ظهر فجأة حتى لو لم يكن الأب أو الأم يضربان الطفل أبداً. وفي الواقع، وجدت هذا الموقف يتكرر عدة مرات مع ابنتي مؤخراً؛ إذ تعبر عن إحباطها أو غضبها بالضرب الخفيف أحياناً. وفي الواقع، فإن ضيق الأهل وألمهم من هذا السلوك قد يدفع بهم إلى الغضب وإلى السلوك الغريزي التقليدي بـ"الهجوم أو الهروب". وما أصعب أن نبقى هادئين ومتمالكين لأعصابنا! فما التصرف الأمثل في مثل هذه الأحوال؟
أولاً: تقبل المشاعر.
من الضروري أن نتفهّم أن ما يقوم به الطفل هو تعبير عن شعور ما ولا يستطيع -أو لا يرغب في- التعبير عنه لفظياً. لذا، من المفيد أن نقول: "أرى أنك متضايق لأنني لم أحضر لك الحلوى التي طلبتها. يمكنك أن تطلب مني ذلك مرة أخرى وتقول لي: "أمي، لقد تضايقت لأنكِ تأخرتِ علي في إحضار الحلوى" اتفقنا؟"
ثانياً: التأكيد على الحدود.
لو استمر السلوك، حتى لو قمتِ بالتأكيد تقبل المشاعر، عليكِ وضع الحدود والتأكيد على أهمية قاعدة عدم الضرب: "نحن لا نضرب بعضنا في هذا المنزل. والضرب شيء مؤلم ولا يحبه أحد." ويمكنك الانسحاب من الغرفة التي يوجد فيها الطفل لكي لا يحاول أن يضربك مرة أخرى، وبالتالي يمكنه التفكير في كلامك.
ثالثاً: التعبير عن المشاعر.
بعد ذلك وحين يهدأ الموقف، يجب أن يدرك طفلك أن لديكِ مشاعركِ أيضاً. قولي بحزم وضيق، وبصوت هادئ دون صراخ أو عصبية (ما أمكن!): "إن الضرب يشعرني بالضيق والألم، وأنا متضايقة جداً مما فعلته قبل قليل."
رابعاً: إصلاح الضرر.
ولكي نترك للطفل مخرجاً، من الضروري أن نطلب منه الاعتذار وأن نسامحه: "هل يمكنك أن تقول آسف لماما؟" وبعد اعتذاره الحقيقي (الذي يكون بعد مقاومةٍ عادةً!)، قبلي طفلك وأخبريه أنكِ سامحته. ربما يحتاج الأمر إلى أن يساعدك في وضع شريط طبي لاصق على جرحك لو كان قد خدشكِ مثلاً، المهم أن يتعلم أن يتعامل مع تبعات سلوكه.
من المهم هنا أن نؤكد على أمر مهم أيضاً يتعلق بمصدر ذلك السلوك: من الضروري أن نلاحظ إن كان السلوك مجرد استكشاف للحدود ومرحلة عابرة، أو إن كان الطفل يشاهد الضرب (على التلفاز مثلاً) ويحاول تقليده فيما يشبه اللعب. وفي هاتين الحالتين يمكننا اتباع الخطوات أعلاه في التعامل مع ذلك السلوك.
أما إن كان الطفل يتعرض للضرب في مكان ما (كالروضة أو المدرسة)، أو من الأهل والأقارب حتى، فيقوم بمثل ما يتعرض له كنوع من التفريغ، فإن هذا الأمر يعد إساءة جسمية إلى الطفل تحتاج إلى التدخل بطريقة مختلفة: إذ لا بد من إيقاف المسبب أولاً، والتعامل مع مشاعر الطفل بسبب ما تعرض له، وتوجيهه للتعامل مع مثل هذه المواقف وكيف يتصرف في حال تعرض للأذى، ومساعدته على التعبير عن مشاعره بطريقة غير الضرب الذي تعرض له. لو كان الأمر مستمراً لمدة طويلة، فربما يحتاج الأمر إلى أخصائي نفسي أو أخصائي في العلاج أو الإرشاد النفسي الأسري، وإلى توعية الطفل وتعليمه طرقاً جديدة للتعامل مع مثل هذه المواقف. وبعد أن يكتسب الشعور بالأمان مرة أخرى، يمكننا العودة إلى الخطوات سابقة الذكر في حال تكرر السلوك بين فترة وأخرى.
اقرئي أيضاً: