الولادة
عملي كدولا جعلني أحب الحياة أكثر
أشعر بالفخر حين أسمي نفسي بدولا، وبأني محظوظة جداً لأني وجدت أخيراً عملاً ودوراً مثالياً لي وإن كان في عمر متأخر نسبياً!
خلال الأعوام التي أنجبت فيها أطفالي الأربعة، كان من حسن حظي أنني لم أعمل بدوام كامل طيلة هذه الفترة، لكني عملت دائماً بدوامٍ جزئي في الإدارة الطبية وكان حلمي أن أعمل كقابلة، فقد كنت دائماً مهتمة بأي شيء له علاقة بالحمل والولادة.
في عمر الـ 32 حصلت على فرصة الدراسة في جامعة في بريطانيا لأصبح قابلة كما كنت أحلم، كنت متحمسة جداً لذلك!، لكني وبعد شهرٍ واحد فقط تلقيت أخباراً سعيدة جداً بأنني حامل بطفلي الرابع، فعلَّقت جميع خططي لكي أستعد لاستقبال طفلي الجديد!
مرت 10 سنوات بعد ذلك، وبينما أنا أساعد ابنتي في البحث في فن القبالة كمهنة، اكتشفت فوراً ما هي وظيفة أحلامي وعرفت ما أريد أن أكون.. دولا.
والآن وبعد مضي ست سنواتٍ أخرى، أنا سعيدة جداً أن حياتي تتمحور حول الولادة والأطفال وكل شيء متعلق بذلك!
وكان من أكثر الأشياء التي أحببتها أثناء عملي كدولا هي تلك العلاقة المميزة التي بنيتها مع الكثير من الأمهات والآباء من ثقافات وبلدان مختلفة، فكنت أكتشف عادات متنوعة وأشعر أني أتعلم الكثير. عادةً ما ألتقي بالأزواج في الأسبوع العشرين من الحمل لكني ألتقي ببعضهم الآخر في الأسبوع العاشر أو الأسبوع الأربعين! وبعد لقائنا هذا ألتقي بهم مرة أو مرتين على الأقل، وذلك لأني أؤمن أن ذلك مهم جداً لكي نشعر بالارتياح لبعضنا، فنحن مقبلون على مشاركة أكثر اللحظات روعة وحميمية في حياتهم.
بعد الاتفاق مع الزوجين، احضر نفسي لاستقبال أسئلتهم ومكالماتهم كل يوم طوال ٢٤ ساعة وغالباً ما أتلقى المكالمات في وقتٍ متأخر من الليل يطلبون المساعدة، فأهدئهم وأطمئنهم.
ومع بداية الشهر التاسع للحمل ابتداءً من الأسبوع السابع والثلاثين أكون مستعدة لتلقي المكالمات في أية لحظة لحضور الولادة خلال ساعة، وأحاول أن أصل إلى الأهل في الساعات الأولى المبكرة من المخاض، لمساعدتهم بالاسترخاء والتنفس، فكلنا نعلم أنه من المفيد البقاء في المنزل بالقدر الذي تشعر فيه الأم أنها مرتاحة وتستطيع البقاء.
أقوم بمساعدتهم في كثير من الأمور مثل كي الملابس والطبخ والاعتناء بالأطفال.. لقد قمت بهذا كله مراراً! والجزء الأكبر من عملي هو مساعدتهم بمعرفة وتحديد الوقت المناسب للذهاب إلى المستشفى، ربما كان هذا مسؤولية كبيرة!
لكن هدفي يكمن في جعل الأمهات يذهبن إلى المستشفى وهن في مخاض مكتمل وحقيقي، فلا شيء يسعدني أكثر من أن تذهب الأم إلى المستشفى فيكون التوسع لديها بعد فحصها 8 سم وفي أفضل الحالات 9 أو 10 سم.
أبقى مع الأم والأب طوال فترة المخاض، طويلة كانت أم قصيرة، وقد كان أقصر وقت قضيته مع زوجين هو ساعة، وأطول وقت هو 30 ساعة!
فالمخاض من الممكن أن يكون طويلاً ومربكاً، لذا فأنا أصف نفسي بـ "مترجمة المخاض"، حيث أساعد الأمهات والآباء على فهم ما الذي يجري معهم وتفسير أية مفاهيم طبية من الممكن أن يسمعوها، بشكل عام أنا أساعدهم ليهدؤوا ويسترخوا في لحظتهم هذه.
إن مشاهدة طفل يأتي إلى العالم هو بلا شك من أكثر الأشياء المبهرة التي يمكن أن يراها الإنسان على الإطلاق، فلازلت أندهش وأتعجب من تلك الشجاعة والقوة التي تمتلكها النساء اللاتي ينجبن هؤلاء الأطفال الرائعين، فيسمحون لأجسامهم أن تقوم بهذه المهمة!
إنه شرفٌ كبيرٌ لي أن أكون هناك لحظة الولادة، وسأتذكر دائماً أول ولادة حضرتها، جابرييلا، فتاة صغيرة وجميلة. وبعدها بست سنوات حضرت 70 ولادة وأثناء كل واحدة منها كانت تملؤني الدهشة فأبكي من جمال اللحظة، أتمنى أن يلازمني هذا الإحساس دائماً!
أما بعد وصول المولود الجديد بسلام، أقوم أنا بقضاء الوقت مع الأم والأب، فأساعدهم في رعاية الطفل بإمساكه وإرضاعه لأول مرة. أشعر أنه من المهم جداً تقديم الدعم للوالدين في هذه المرحلة عندما يكون التعب والإرهاق والتوتر قد أصاب منهما الشيء الكثير! عادة ما أغادر وأعود إلى منزلي بعد ساعتين من وصول المولود، وأبقى على اتصالٍ دائم في الأيام التالية لتقديم نصائح ما بعد الولادة مع حرصي على عدم التطفل في تلك الأوقات واللحظات الشخصية.
أحب البقاء على تواصل مع الأهالي وعادةً ما أحضر احتفالاتهم العائلية من لقاءات أسرية وأعياد ميلاد وغيرها، فهاتفي مليء بصور أطفالهم، أحبهم وأحب أن أعرف آخر تطوراتهم.
بصراحة أنا لا أستطيع أن أعبر لكم كيف أن عملي كدولا قد غيَّر حياتي بشكلٍ كامل وكبير جداً، فإذا كانت هناك من تشعر بمثل هذه المشاعر التي اختبرتها فأنا أنصحها ألا تفوت الفرصة فقد يكون هذا هو العمل المناسب لها، وهو بلا شك سيملأ حياتها بالبهجة والفرح!