بقلم: د. مها المحتسب، استشارية طب أطفال وحديثي ولادة

يعتبر التبول في الفراش أو سلس البول الليلي (Nocturnal enuresis) مشكلة شائعة في مرحلة الطفولة تحل من تلقاء ذاتها دون علاج لدى معظم الأطفال.

ومع ذلك يبقى موضوع التبول اللاإرادي أمرا مقلقاً بالنسبة للآهالي والأطفال، لما فيه من إزعاج وحرج، كما أن بعض الآهالي يخشون ان تكون له علاقة بأي مشاكل صحية أخرى.

يتدرب معظم الأطفال على استخدام الحمام بين عمر ال 2-4 سنوات، ويمكن للكثير منهم في هذا العمر أن يبقى جافاً أثناء النهار ولكن ليس أثناء الليل.

حيث أن التحكم في المثانة أثناء النهار يحدث على عمر الأربع سنوات عندما يصبح الطفل مدركاً لامتلاء المثانة لديه ويبدأ في التحكم بها عن وعي. يستغرق التحكم في المثانة أثناء الليل وقتاً أطول ولا يُتوقع أن يتمكن منه الطفل تماماً قبل أن يبلغ الخامسة إلى السابعة من عمره.

بعد سن الخامسة، يواجه 15% من الأطفال صعوبة في أن يبقوا جافين في الليل، وفي عمر ال 15 عاماً يستمر 1-2% فقط منهم في تبليل الفراش. ويكون الأولاد أكثر عرضة مرتين من البنات للتبول في الفراش.

أسباب التبول في الفراش

عادةً، لا يكون معظم الأطفال الذين يعانون من التبول في الفراش مصابين بمشكلة صحية معينة، ولكن ما يحدث معهم قد يكون مرتبطاً بواحد أو أكثر مما يلي:

• نضج مثانة الطفل بشكل أبطأ من المعتاد.
• احتفاظ مثانة الطفل بكمية أصغر من البول مقارنة بالوضع الطبيعي.
• الإمساك، مشكلة شائعة عند الأطفال، يمكن أن تسبب التبول اللاإرادي.
• الآباء الذين يعانون من سلس البول هم أكثر عرضة لإنجاب أطفال يعانون من سلس البول.
• انخفاض مستويات الفازوبريسين (هرمون يقلل إنتاج البول).
• النوم العميق الذي يمنع الطفل من الشعور بامتلاء المثانة (هذه النظرية ما زالت مثيرة للجدل).
• نادرا ما تسبب المشاكل الجسدية أو العاطفية التبول اللاإرادي.
• تشمل المشاكل الطبية التي قد تساهم في التبول اللاإرادي عند الأطفال: مرض السكري، والتهاب المسالك البولية، والتلوث البرازي، والديدان الدبوسية، والفشل الكلوي، والتشنجات، ومشاكل النوم (مثل توقف التنفس أثناء النوم). يمكن تشخيص معظم هذه الحالات بسهولة.
  
  

متى يجب أن تستشيروا طبيب الأطفال الخاص بطفلكم؟

• إذا كان الطفل قد تدرب على استخدام المرحاض لمدة 6 أشهر أو أكثر، وبدأ فجأة في تبليل السرير.
• عندما يؤثر التبول في الفراش على قدرة الطفل على التواصل مع العائلة والأصدقاء.
• إذا كان الطفل يتبول أكثر من المعتاد أو يشعر بالعطش أو يشعر بالحرقة عند التبول أو وجود تورم في كاحله.

بالإضافة إلى وجود أي مشكلة في المثانة خلال النهار يمكن ملاحظتها.

تشخيص التبول في الفراش

بالنسبة لمعظم الأطفال، يعتبر سلس البول الليلي مشكلة عندما يؤثر على قدرتهم على التواصل مع الأصدقاء والآخرين. أما بالنسبة للأهل، فإن رغبتهم في الاطمئنان على أطفالهم بأن ما يصيبهم لا علاقة له بأي مشكلة صحية كامنة هو أمر مفهوم تماماً. لذا، هذه هي النقاط المهمة التي يجب ذكرها عند مناقشة موضوع التبول في الفراش مع الطبيب المختص:

• وجود تاريخ عائلي لسلس البول الليلي.
• الفترات التي يبقى فيها الطفل نظيفاً.
• مشاكل المثانة خلال النهار.
• عدد مرت حوادث التبول اللاإرادي الليلي.
• هل يشخر الطفل؟
• مشاكل عائلية تؤثر على الطفل.
• تأثير مشكلة سلس البول الليلي على الطفل والأسرة.
• كمية السوائل التي يشربها الطفل وعدد مرات التبول.

الاختبارات المطلوبة لمشكلة التبول في الفراش هو تحليل البول، وهو اختبار لتحديد فيما إذا كان هناك مشكلة صحية تسبب السلس وتحتاج إلى علاج.

إدارة التبول في الفراش والتعامل معه

• كونوا صريحين ودعول الطفل يعرف أنه هذا ليس خطأه هو وانتبهوا جيداً لمشاعره.
  
  
• ضعوا واقٍ لمنع التسريب على فرشة السرير، ودعوا الطفل يساعد في تغيير الملاءات المبللة إذا لم يكن محرجاً من ذلك، لتعليمه تحمل المسؤولية.
  
  
• اجعلوا الطفل يستخدم المرحاض ويتجنب شرب كمية كبيرة من السوائل قبل موعد النوم مباشرة، وقوموا بتوزيع كميات السوائل التي يتناولها خلال اليوم (40% في الصباح و 40% في فترة ما بعد الظهر و 20% في المساء)، وقوما بإيقاظ الطفل لاستخدام الحمام بعد ساعتين من النوم.
  
  
• ساعدوا الطفل على تحديد مكان المرحاض بسهولة باستخدام الأضواء الليلية.
  
  
• كافئوا الطفل على الليالي التي يبقى فيها الفراش نظيفاً ولكن لا تعاقبوه على تلك التي يبلل فيها فراشه.
  
  
• استخدموا أجهزة استشعار تبليل الفراش.

العلاج

يجب على الأهل أن يفهموا أن التبول في الفراش هو أمر لا إرادي تماماً، ولا ينبغي معاقبة الطفل أو صفعه بسبب ذلك.

فالتعليم والعلاج التحفيزي هو العلاج الأول والأنسب للأطفال الصغار الذين يجب أن يكونوا مستعدين وقادرين على المشاركة في العملية ومتحمسين للغاية وإلا لا ينبغي إجبارهم على ذلك.

ويشمل العلاج التحفيزي الاحتفاظ بسجل لتقدم حالة الطفل مع مكافآت أكبر للفترات التي يستطيع فيها أن يحافظ على فراشه جافاً.

كما أن استخدام منبه استشعار تبليل الفراش أمر يساعد كثيراً، وهو عبارة عن مستشعر خاص يطلق تنبيهاً عندما يبلل الطفل سريره، وهو يعمل بشكل أفضل عند الأطفال من سن 6 سنوات فما فوق، ويفضل بعد ثلاثة إلى ستة أشهر من تقنيات التدريب السلوكي.

يمكن أيضاً اللجوء إلى العلاج الطبي عن طريق الديسموبريسين، وهو دواء يقلل من إنتاج البول عند النوم، آثاره الجانبية غير شائعة ولكنها تحدث إذا شرب الطفل الكثير من السوائل قبل ساعة واحدة أو بعد ثماني ساعات من تناول الديسموبريسين. ومن المتوقع أن تحدث انتكاسات عند الطفل بعد تناول الدواء، لذلك فإن تقليل الجرعة اليومية تدريجياً قد يقلل من معدل الانتكاس.

بشكل عام يكون العلاج طويل الأمد وقد يتضمن مراحل من النجاح وأخرى من الفشل مع المتابعة المستمرة مع الطبيب المختص.