صحة المرأة

قصتي مع العملية التي غيرت حياتي

قصتي مع العملية التي غيرت حياتي
النشر : ديسمبر 04 , 2024
آخر تحديث : ديسمبر 04 , 2024
الدليل الشامل للأمهات في العالم العربي المزيد

 

منذ سنواتٍ طويلة وبينما أنا في رحلتي للوصول إلى نمط حياةٍ صحي ووزنٍ مثالي، تخطفتني خلالها أعراض وإشاراتٌ جسديّة على أن الوزن الزائد يُثقل كاهل جسدي، ومفاصلي، ويعرقل سلاسة العمليّات الحيوية فيه.

كان أحدها تعرّضي لسكري الحمل في حملي بطفلي الأول، وفي أشهر النصف الأول من الحمل مما يدلّ على كوني قد كنتُ قبل الحمل في مرحلةِ ما قبل السكري، وهذا ما تبيّن في نتيجة تحليلي للسكر التراكمي، كما تعرّضت لالتهاب الروماتيزم في مفصل الركبة من قبل، ومفصل الكتف، والذي تعد السُمنة أحد العوامل المسببة له.

كانت إحدى الخيارات المتاحة أمامي لتدارك الأمر، والحفاظ على صحتي وتحسين حياتي هي إجراء عملية تكميم المعدة، فقد حاولتُ مرارًا وتكرارًا وجربت العديد من الأنظمة الصحية وطرق إنقاص الوزن ولكن فشلت في الرجيم واستمر وزني في الزيادة حتى احتاج الأمر لتدارك سريع، حتى أصل لمرحلة معتدلة ثم استمر بعد ذلك في نمط الحياة الصحي، وقد كانت تمرّ بي فتراتٍ أُقدم فيها على الأمر وأشعر باطمئنانٍ إلى هذه الخطوة وهذا القرار، وفترات أخرى أُحجمُ وأخاف فيها وأتوجّس كثيرًا، خصوصًا حين أسمع أحاديث الناس عن التحذيرات من مخاطر العمليات، ومضاعفات ما بعد الجراحة..

 ردة فعل زوجي وأهلي: 

في أول الأمر عارضوني بشدّة واعتبروا أن هذه الفكرة ضربٌ من التهوّر والجنون، وأني لا أحتاج إلا إلى تقوية إرادتي فقط لأصل إلى الوزن المثالي وليس أكثر من ذلك. ولكن مع مرور السنوات كان يتضح لي ولهم أن المجهود الذي عليّ أن أبذله كبير والتحسن جدًا بطيء، كما كثرت التجارب من حولنا من أصدقاء العائلة والأقرباء رجالاً ونساءً، وارتفعت نسبة الأمان بفضل الله في مثل هذه العملية، كما أن رؤيتهم لنجاح تجارب من حولنا والفرق الشاسع قبل وبعد العملية في صحتهم ونمط حياتهم شجّعهم على مساندتي وعدم المعارضة على قراري فتمنّوا لي التوفيق والنجاح فيما أردت. 

السمنة هي المرض!

حين فكّرتُ في الأمر مليًّا توصّلت إلى قناعة أن السمنة بحد ذاتها هي المرض! وهي مرضٌ صامت لكنه يؤدي إلى غيره من التبعات، وأنني لو لم أقم بهذه العملية الآن لربما أكون في القريب بحاجة إلى عملياتٍ أخرى غير التكميم مثل عمليات استبدال المفاصل، أو أتعرض لمتاعب السمنة كآلام أسفل الظهر، ومفصل الحوض، والركبة. إلى جانب ارتفاع معدل السكر وتذبذب الضغط، وتأثير الوزن الزائد المباشر على الصحة النفسية فالسمنة تؤدي لنمط حياة صعب ومتعسر، بعيد عن الخفة والنشاط وسهولة الحركة والخيارات المتاحة. كما أنه يخفض من تقدير الذات، وشعور الشخص بأن الأمور تحت السيطرة، وأنه جذّاب وصاحب قوامٍ متناسق. وقد تجعلني أحتاج إلى علاجاتٍ مزمنة سأكون في غنًى عنها إن تمكنت من التخلص من الوزن الزائد.

 

كانت التجارب حولي محدودة، وبدأت رحلة جمع المعلومات وتوسيع الاطلاع على كل ما يخص العملية حتى وقعتُ على لقاءٍ مثرٍ على اليوتيوب، وعلى إثره قمت بالحجز لدى الطبيب بعد مشاهدتي للقاء الذي كان هو ضيفه، وقد كان الذي أدار الحوار أحد أفراد مجموعة من المتكممين الذين يتواصلون في مجموعة واتس أب والذين يبلغ عددهم 200 شخص قد مرّ بهذه التجربة، ويتبادلون الخبرات فيها ويقومون بالدعم والمساندة لكل من ينوي إجرائها بذكر الآثار الإيجابية والتحولات المبشّرة بالخير بعد قيامهم بها.

وفي موعدي مع الطبيب استشاري الجراحة-تخصص السمنة والمناظير، نصحني بها على الفور خصوصًا مع بوادر مرض السكري، وأخبرني أنه لا يوجد ضمان للنتائج الجيّدة، حتى ألتزم باتباع التعليمات بعد ذلك.

 وهذه الفحوصات التي طلبها الطبيب لما قبل عملية تكميم المعدة:

  • فحوصات مخبرية للدم

  • مؤشر كتلة الجسم

  • معدل سكر الدم

  • الكوليسترول

  • فحص الغدة الدرقية

  • تخطيط القلب

  • أشعة للصدر للتأكد من عدم وجود بوادر للكحة أو حساسية تنفسية قد تؤدي لمتاعب بعد الجراحة.

 

تواصلت مع قريبات لي قمن بإجرائها وكانت تجاربهن مشجعة جدًا وثريّة بالمعلومات الدقيقة، فأصبح الطريق ممهدًا أمامي وواضحًا بالنسبةِ إلي..

بعد ظهور نتائج الفحوصات والتأكد من جاهزيتي لإجراء الجراحة قمت بالتنسيق في أقرب موعد مناسب، مع مراعاة ظروف أبنائي الثلاثة في تلك الفترة.. الذين كان أكبرهم ابنتي ذات العشرة أعوام، ثم ابنتي ذات الـ8أعوام، وأصغرهم ابني ذو الـ3 أعوام. فانتظرت حتى انتهائهم من الاختبارات النهائية للفصل الأول وحددت الموعد بعدها مباشرة.. كما حرصت أن يكون الموعد بعد فطام ابني تمامًا وتعليمه الحمام. 

 تحضيرات قبل عملية تكميم المعدة:

كانت العملية جراحة مناظير، بتخدير كامل.. وبعد أخذي موعد مع طبيب التخدير والذي قام بمراجعة فحوصاتي وإعطائي الضوء الأخضر لإتمام الأمر.

في اليوم المحدد للعملية طلب مني الطبيب تحضير نفسي بالصيام لمدة 12ساعة قبل العملية، والامتناع عن السوائل قبلها بساعاتٍ محدودة، وقد كنت استخدم علاج (ميتفورمين) وقمت بالتوقف عن تناوله لفترة يومين قبل العملية وذلك حتى لا يتعارض مع أشعة الصبغة أثناء العملية في حال احتاج الطبيب لإجرائها لي للاطمئنان من عدم وجود تسريب من المعدة بعد العملية "والتدبيس النهائي".

 جرعة تفاؤل قبل عملية التكميم:

وحين كنت على السرير المتنقل تدفعني الممرضة للوصول إلى غرفة العمليات، كنتُ أشعر بشيءٍ من القلق الطبيعي والذي دفعني للحديث إلى الممرضة وسألتها: من خلال معايشتك اليومية لمثل هذه العملية مع هذا الطبيب، كيف تكون حالة المريض بعد انتهائها، هل هناك ما يستدعي القلق؟ فابتسمت وأخبرتني أنها شخصيًا واحدة ممن أجروا هذه العملية على يد نفس الطبيب قبل عام تحديدًا.. وتكللت عمليتها بالنجاح والنتائج الإيجابية. فنظرت إليها نظرة خاطفة فوجدتها فتاة تتمتع بالرشاقة وتناسق القوام فأعطتني جرعة تفاؤل عالية قبل الدخول إلى غرفة العمليات.

استغرقت العملية 30 دقيقة وبعد ساعة ونصف كنتُ في غرفة الإفاقة، بحالةٍ مستقرة ولله الحمد.

 ماذا بعد نجاح عملية التكميم:

كانت أهم التوصيات الالتزام بالتعليمات ومنها:

  • تعاطي إبر السيولة لمدة أسبوعين، شرب الماء قدر المستطاع،

  • وكان المسموح لي في أول الأيام، تناول السوائل الشفافة فقط مثل مرق اللحم بدون بهارات لعدم تحمل المعدة، وعصير التفاح وعصير البرتقال بلا ألياف.

  • ثم بدأت مرحلة السماح الأطعمة المخلوطة مثل: شوربة الخضار، والشوفان المهروس، والكريمة، والزبادي، والجلي.

  • ثم الأطعمة اللينة الخالية من الدهون والبهارات مثل السليق والجريش باللحم المهروس شديد الاستواء.

  • وهكذا بالتدريج في قوام الأطعمة، وكمّياتها. فقد كان يسمح لي بتناول 6 وجبات صغيرة جدًا في اليوم، مع التركيز العالي على شرب الماء والسوائل حتى تسهل عملية الهضم على المعدة بعد الجراحة.

  • وقد كنتُ في أول 45 يوم بعد العملية أتناول دواءً لتخفيض حمض المعدة حتى لا يتسبب في خلل في تدبيس المعدة، مما قد يؤدي إلى تسريب لا سمح الله ومتاعب. فقد أكّد لي الطبيب أنه أهم دواء لا يمكن التفريط أو التهاون فيه بتاتًا.

  • كما كنتُ أقوم بالإشراف على رعاية أطفالي ومصالحهم بحذر شديد، حتى تمر فترة النقاهة بعد العملية بسلام، أما بالنسبة للحركة فقد كان الأمر أيسر مما توقعت بفضل الله كون العملية كانت بالمنظار، فقد كانت عودتي بسلاسة إلى الحركة الاعتيادية خلال اليوم.

  • كما وصف لي الطبيب مكملاتٍ غذائية لتعويض نقص كميات الطعام، ومن أهمها: حديد، كالسيوم، فيتامينات متنوعة، كما أنه من المهم استيفاء حاجة الجسم من البروتين وإن لم أتمكن من ذلك فيُمكن تعويضها بمسحوق البروتين لدعم الصحة.

  • واتبعت نظام غذائي معتدل السعرات بحيث لا يتجاوز 1200 سعرة،

  • ثم حان شهر رمضان بعد شهرٍ من العملية، فأخبرني الطبيب أنه إن كان باستطاعتي تناول 6 أكواب من الماء خلال ساعات الفطر، إلى جانب الغذاء الصحي المتنوع، فيُسمح لي بالصيام، واليوم الذي لا أكمل مقدار الماء لا يُسمح لي فيه بالصيام.

 نتائج ما بعد عملية تكميم المعدة:

  • بنهاية الشهر الأول كنتُ قد خسرت 7كيلوغرامات.

  • بعد 3أشهر أتممت نزول 15 كيلوغرام.

  • بعد 7 أشهر وصل النزول إلى 25 كيلوغرام!

  • حين أتممت العام من إجراء العملية كنتُ قد خسرتُ 35 كيلوغرام.

  • حين إتمام العامين كانت النزول لا يزالُ مستمرًا ويزيدُ أحيانًا ويثبت أحيانًا أخرى حسب الالتزام بالتعليمات والتي على رأسها الابتعاد عن تناول الحلويات بجميع أنواعها فهي المفسد الأول لنتائج عملية تكميم المعدة ومشروع إنقاص الوزن.

 

وقد قالها الطبيب بالحرف الواحد لي قبل العملية: إن كنتِ قادرة على تجنب السكر والأطعمة مرتفعة السعرات فاتجهي نحو التكميم، أما إن كنتِ غير ذلك فالتكميم ليس الإجراء المناسب لكِ! لأنها عملية تعتمد على تقليل الكميّات فقط وليس تقليل الامتصاص مثل عملية تحويل المسار. ووصل وزني من 116 كيلوغرام إلى منتصف السبعين كيلوغرام بفضل الله. 

 

وداعًا لمتاعب السُمنة!

اختفت تدريجيًا الكثير من المتاعب الصحية بفضل الله، ومنها: مشكلة الحرقة في البول بسبب ضغط الدهون على المثانة.

 كما أن تأثير التكميم على عضلات قاع الحوض إيجابي جدًا، فهو يخفف الضغط الناتج عن الحمل على هذه الأعضاء، فتكون فرصة الحمل المستقبلي أكثر أريحية وخفّة بعد الجراحة بإذن الله.

وبفضل الله انتهت متاعب تذبذب السكر وارتفاعه، وآلام أسفل الظهر التي كانت لا تفارقني، وأصبحت حياتي أكثر خفّة وأريحية وتحسّن أدائي في مهامي اليوم وأسلوب حياتي، ورعايتي لمصالح أبنائي ومنزلي. ناهيكم عن أني أصبحت محظوظة فأنا أستطيع أن أجد مقاسي متوفرًا في مختلف المحلات التجارية وأنتقي أجمل قطع الملابس وأرتديها بذهول وأتباهى بها، وأستمتع بسماع عبارات الإطراء والثناء ممن حولي من الأهل والصديقات في كل مكان. وانعكس هذا على نفسيّتي بشكل إيجابي كبير.

كما أنني قمتُ بالالتحاق بالنادي الرياضي بعد العملية بـ 3 أشهر لتسريع عملية النزول، وللتخفيف والتفادي لمشكلات الترهّل الناتج عن النزول السريع.

 

هذه تجربتي وقصّتي مع العملية التي غيّرت حياتي للأفضل والأجمل والأهم من ذلك للأكثر صحّة بحمد الله، أتمنى أن تكون تجربة ملهمة لمن ينوي السير على خطاي ويفعل شيئًا من أجل نفسه، وقد كانت دعواتي بتيسير أموري هي رفيق الدائم وهذا ما وجدته في كل حين بحمد الله.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية