صحة المرأة
كيف أثر ارتفاع هرمون الحليب على جسدي ونفسيتي
تحكي لنا الأم (أ.د) قصتها: بدأت تجربتي مع هرمون الحليب مع بداية حياتي الزوجية حين كنتُ في عمر العشرين ربيعًا، وقد كنتُ حينها طالبة جامعية، مرت الأشهر الأولى من الزواج على ما يُرام، وبعد أن أتممتُ العام على زواجي ولم يحصل الحمل بدأت أتساءل عن سبب ذلك وقلقٌ طفيفٌ يراودني، ذهبتُ لطبيبة النساء للاطمئنان، فطلبت مني مجموعةً من التحاليل الروتينية لمثل حالتي ومن بينها تحليل هرمون الحليب الذي قد يكون السبب في تأخر الإنجاب.
قمتُ بإجراء العديد من التحاليل المخبرية المرتبطة بتأخر الإنجاب، وكانت النتيجة هي ارتفاع هرمون الحليب، أخبرتني طبيبتي حينها أن الموضوع بسيط ووصفت لي الطبيبة علاجًا دوائيًا لخفض إنتاج البرولاكتين.
وكانت مدة العلاج 3 أشهر، بدأتُ بأخذ حبوب العلاج والأمل يحدوني بأن تؤول الأمور إلى انتظام الهرمون بانتهاء هذا الكورس، والذي كان من آثاره الجانبية العديدة: الشعور بالغثيان والاستفراغ، انتفاخ الجسم بشكلٍ مزعج وزيادة الوزن غير المعتادة رغم استمراري على العادات الغذائية ونمط الحياة إياه، كنتُ حينها أقومُ بتناول الدواء على معدةٍ فارغة أثناء اليوم فأُعاني من آثاره على المعدة، فقمتُ بتعديلٍ على طريقة تناولي له فأصبحتُ أتناوله قُبيل موعد الاستيقاظ الأساسي من النوم أي عند قيامي في موعد صلاة الفجر، ثم أعود للنوم لبرهة وبعد ذلك حين أستيقظ للذهابِ إلى الجامعة حيث كنتُ لازلتُ في صفوفي الدراسية، يكون مفعول الدواء الشديد الوطأة على المعدة قد خفّ بشكلٍ ملحوظ بهذه الطريقة التي أتناولها به فأتمكن من الذهاب لجامعتي وأنا في حالةٍ من النشاط والحيوية.
مرّت فترة الكورس العلاجي بينما أستمر في نجاحي الدراسي وهو اللغةُ العربية واستمتع بوقتي في دراستي له، إلا أن أملاً خفيًا ينتظرُ أن يرى النور ويتحقق وهو حلمي بأن أصبح أمًا يومًا ما، وأسعد والدي وإخوتي برؤية الحفيد الأول في العائلة فأنا الابنة الأكبر، كما أن زوجي هو الابن الأكبر في العائلة وسيكون والداهُ أجدادًا للمرة الأولى أيضًا بوصول ابننا باذن الله. وفي نهاية الكورس أخذتُ موعدًا لدى الطبيبة من جديد لإعادة التحليل والاطمئنان إلى نتيجة العلاج، وحين أجريت التحليل وجاء موعد النتيجة وكُلي أمل وتفاؤل بانتهاء هذا الارتفاع وانتهاء أعراضه التي أتعبت جسدي وأصابتني بالسأم.
فكانت المفاجأة غير المتوقعة هي أن النتيجة تُشيرُ إلى رقمٍ أعلى من ذلك الذي كان عليه الهرمون قبل بداية العلاج كاملاً، حينها صُدمت وشعرتُ بالإحباط الشديد واعترتني نوبة بكاء.
فأخبرتني الطبيبة أن هذا قد يحصل في حالاتٍ عديدة وأنني لستُ الوحيدة، اطمأننتُ نوعًا ما، وأشارت إليّ بإعادة تناول نفس الدواء من جديد لثلاثة أشهرٍ أخرى، وبعد ذلك عدتُ لإجراء التحليل من جديد فكانت النتيجة في المعدل الطبيعي.
وبعد ذلك بأشهرٍ قليلة حصل الحمل إلا أنه لم يقدّر له الاستمرار وتعرّضتُ للإجهاض في الشهر الثالث من الحمل. وحين رزقني الله بحملٍ بعد ذلك وحين كنتُ أتحدثُ إلى عن تاريخي ما قبل هذا الحمل، وتفاصيل الإجهاض من قبل أخبرتني أن السبب الأكثر توقعًا هو عدم وصول الدم بشكلٍ كافٍ إلى الجنين ووصفت لي حبوب الاسبرين لتحسين الدورة الدموية عند الجنين، وقد أخبرتها بأن هناك من يعزو سبب الإجهاض لاحتمالية ارتفاع هرمون الحليب عن مستواه الطبيعي مرةً أخرى بعد علاجي التام منه، وأثناء حملي فأخبرتني بأن ذلك مستبعد وأنني ما دمتُ قد عالجته فالحمل في أمان بإذنٍ الله وكل شيءٍ سيكون على ما يُرام.
مرّت شهور الحمل حتى وصلت لمحطتي الأخيرة ورزقت بابني الحبيب بفضل الله وأصبحت تجربة ارتفاع هرمون الحليب وآثاره مجرد قصة تُروى واستعدتُ توازن الهرمونات وقدرتي على الإنجاب بحمد الله.
رسالتي لكل أم تمرّ بهذه الحالة:
لا تحزني من أجل ذلك وتأكّدي أن الأمر أبسط مما تتصورين، وهو شائعٌ جدًا بل ويُصاب به الرجال والنساء، ولا يُعتبر حالةً مرضية خطرة بل هو عرضٌ بسيط يمكن علاجه بتناول الحبوب المتوفرة في كل مكان، كوني قويّة والقادم أجمل بإذن الله.
كما أنه من المهم أن تعرفي أنه ليس شرطًا أن كل أم تعاني من ارتفاع هرمون الحليب فإنه سوف يمنعها من الإنجاب خصوصًا إذا كان ارتفاعًا بسيطًا. فقد أخبرتني صديقة لي بأنها في بداية حياتها الزوجية قامت بعمل تحاليل شاملة للاطمئنان على الصحة العامة وليس بهدف الإنجاب، واكتشفت صدفةً أن لديها ارتفاع في هرمون الحليب، ووصفت لها الطبيبة العلاج لكنها لم تتناوله كونه قد كُتب عليه في الوصفة: هذا الدواء قد يسهم في حصول الحمل وزيادة احتماليته فتأكدي من رغبتك وزوجك في ذلك قبل تناوله. فخافت من هذه العبارة خصوصًا أنها كانت تستخدم مانعًا للحمل وليس لديها رغبة في الإنجاب، ثم بعد ذلك نسيت الموضوع تمامًا حتى توقفت عن المانع بعد فترة وحصل الحمل دون الحاجة لعلاج الهرمون بفضل الله.