مناسبات
ما الدروس التي تعلمناها في عام 2020؟
اقترب العام من نهايته، ولا شيء فيه كان متوقعاً على كثير من الأصعدة؛ فاختلفت الخطط، وتغيرت التصورات، وظهرت صعوبات كثيرة متنوعة.
إذا كنتِ ممن يخططون للسنة الجديدة بانتظام، فربما تنظرين هذه الأيام إلى أوراق العام الماضي وخططه، وكيف أن كثيراً منها ظل معلقاً، وكيف سارت بعض الأمور بشكل أبطأ أو أسوأ مما تتخيلين، وكيف تحسنت أمور أخرى بطريقة لم تتوقعيها.
لذا، أشجعكِ على إحضار ورقة وقلم الآن. اقرئي الأسئلة التالية التي أضفت إليها بعض أفكاري الخاصة وإضاءاتي المتعلقة بكل سؤال، والتي ستحفزك على التفكّر بعض الشيء وتدوين بعض ما تعلمته من العام الماضي، وما يمكنك إضافته إلى أهداف العام الجديد.
ما هي النعم التي كانت موجودة وما زالت موجودة لدي؟ اكتبيها جميعها.
الامتنان لما لدينا بالفعل واستشعار تلك النعم الكثيرة التي نعدّها من المسلمات أمر مهم، ويساعدنا على تذكر كم لدينا بالفعل في مقابل ما نسعى لتحقيقه ونركض خلفه. فأمورٌ بسيطة مثل الصحة والعافية وعدم وجود وفيات في محيط المقربين، مثلاً، تبدو أكبر وأعظم بكثير مما نتصور.
وجود الأحبة والأبناء الذين يملؤون علينا البيت بينما غيرنا غارق في وحدته من النعم الكبيرة التي منّ الله بها علينا.
ربما التعرض للمرض والتعافي منه كان نعمة كبيرة في حياتك أيضاً، وكذلك القدرة على الاستمرار في الابتسام حتى الآن نعمةٌ تستحق التأمل والشكر.
فكري في طرقٍ لزيادة الاستشعار بالنعم. بدأت مع ابنتي بتدوين نعمة جميلة أو حدثٍ جميل كل يوم: أنا أستشعر النعمة، وهي تتعلم الكتابة أيضاً بينما تكتب أجمل ما في يومها.
هل تعلمت المرونة هذا العام والتكيف مع الواقع المتغير أم بقيت أتحسر على ما كان يمكن أن يكون؟ كيف يمكنني أن أكون أكثر مرونة؟
المرونة في علم النفس تعني التكيف الجيد في وجه المحن والصدمات والمآسي والتهديدات، أو مصادر الضغط الكبيرة (كالمشكلات الأسرية أو الصحية الخطيرة أو الضغوط المالية أو ضغوط العمل). وهي تتضمن النهوض ثانية من خضمّ هذه الصعاب، وتشكل دلالة على سعة الحيلة والتقبل من أجل السير قدماً، ربما بشكل أكثر وعياً من السابق.
لذا ربما يستحق الأمر التفكير في ذلك، وكيف تدبرت أمورك، وهل هنالك ما يشكل ضغطاً عليك إلى الآن، وكيف يمكن أن تتعاملي معه بمرونة أكبر.
لعل القراءة في الأمور التي تهمكِ من أهم الأسباب التي تزيد من المعرفة وتساعد في التكيف.
أعددت قائمةً بالكتب التي سأحاول إتمامها في العام القادم (من الكتب الغنية بالمعلومات، لا الروايات والقصص)، وأتمنى أن يعينني بعضها في التغلب على ضغوط الحياة.
كيف تأثرت علاقتي بمن حولي؟ ما هي العلاقات المهمة حقاً وكيف أقويها؟
في كثير من الأحيان، نتناسى العلاقات الأكثر أهمية وننشغل بالكثير من العلاقات الفرعية التي قد لا نجدها "وقت الجد". كما أن فقد الأحباب فجأة أو مرضهم ليس بالأمر السهل.
لذا، من المهم أن تفكري في العلاقات المهمة وتقويتها. ربما نفكر بالأسرة المقربة أولاً كالزوج والأبناء والأهل، ثم الصديقات المقربات، ثم الأبعد فالأبعد.
فمن خطر ببالك وما الخلافات العالقة التي يمكن تسويتها قبل فوات الأوان؟ وكيف نقوي العلاقات الجيدة ونمتّنها؟
بدأت أضيف في مفكرتي لكل يومٍ اسماً من أسماء أقاربي وصديقاتي لأسأل عنهم؛ فالحياة تشغلنا عن المقربين، ومن الجميل أن نتفقدهم من حين إلى آخر.
الشؤون المالية وتدبيرها: ما الذي تغير؟ وما الذي يمكن تدبره واقعياً في الفترة القادمة؟
سواء كنت تعملين ومعتادةً على وجود راتبك الخاص والإنفاق على ما يحلو لكِ، أو لم تكوني تعملين وكان زوجك هو الذي ينفق على الأسرة، فإن التفكير في أنماط الإنفاق في المنزل أمر مهم، فكم من أغراض أو أطعمة قد يصبح مصيرها القمامة لفسادها أو انتهاء تاريخها، وكم من ألعابٍ ذات جودة رديئة سرعان ما تُكسر، أو مختلف منتجات البشرة التي لا تستخدمينها حقاً وتأخذ حيزاً دون داعٍ. كل هذه أمور يمكنك التفكر فيها وفي كيفية تدبير شؤونك المالية بشكل أفضل.
أظهر العام الماضي أنه لا يوجد شيء مضمون، وأن المثل القائل "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب" مجرد تواكل مفرط في التفاؤل. إنه لمن الحكمة التدبر والتفكير في العواقب، ومن الرحمة والإحسان أن نتفقد من حولنا أيضاً وما الذي يحتاجونه وندعمهم ببعض المال الذي يكفيهم طمع الطامعين.
صحتي: كيف أهتم بها لتكون أفضل؟
ولا أعني هنا الصحة الجسمية فقط، بل الصحة النفسية أيضاً. فتناول الطعام الصحي، والطعام المعدّ منزلياً الذي تعرفين مكوناته، والإكثار من الخضار والفاكهة، ولعب الرياضة ولو لربع ساعة في اليوم، وتخصيص وقت للاسترخاء والقراءة وتطوير الذات والحديث مع صديقة مقربة.
كلها أمور تساعدكِ لكي تستمري، ولكي تكوني أكثر صحة وقوة وعطاءً. إن كنت تقومين بذلك بالفعل فشجعي صديقة مقربة تحاول أن تحسن من أسلوب حياتها ليكون صحياً بشكل أكبر.
وفي النهاية، نرجو من الله أن تكون أيامنا القادمة أفضل مما كانت في العام الماضي، وأن نتذكر دوماً: "إن مع العسر يسرا"، مهما كان ذلك العسر يبدو مظلماً وطويلاً وشديداً.
مع أمنياتنا لكم بسنة جديدة طيبة، ولقاء الأحبة الذين لم تروهم هذا العام، وأبوابٍ جديدة تفتح لكم لم تكونوا ترونها. إلى أن ألقاكم في مقال جديد في العام الجديد بإذن الله: نتمنى لكم السلامة والعافية.