قصص أمهات
لكل من أصابها سرطان الثدي مثلي
بقلم: لينا سكجها، أم لثلاثة وباحثة اجتماعية
إلى كل نساء العالم ... ما تشوفوا شر!
مررت في الأشهر الأخيرة بمحنة مرضية مضت على خير والحمد والشكر لله تعالى.
ففي يوم مشمس من أيام شهر التوعية لسرطان الثدي، جاءني إحساس غريب بأنني لا بد أن أفحص، حيث أن إعلانات وحملات التوعية والإرشاد لهذا المرض قد ملأت الشوارع ووسائل التواصل الإعلامي والاجتماعي، ولأنني أؤمن بأن على المرأة أن تكون واعية ومدركة لما يطرأ عليها من تغيرات وأن الفحص المتكرر والكشف المبكر ينقذ حياة ويساهم في استقرار أسرة، ذهبت وفحصت؛ فاكتشفت المرض في جسدي.
تفاجأت به ولكن لم أتبرأ منه أو حتى أخاف، فهو جاءني من حيث لا أدري ولكنني كنت على دراية أن الإنسان عليه أن يواجه الصعوبات وهو في حالة وعي كامل لكي يستطيع أن يتقبل الأمر الواقع للانطلاق نحو المراحل التالية.
لم يكن الموضوع هين على نفسي، ولا على عائلتي، ولا على أكثر الناس الذين أحب ويبادلونني المحبة. لم يكن سهل علي الاعتراف بأنني مصابة بسرطان الثدي و أنه يخترق جسدي وحتماَ سيأخذ من عمري، وأيضاً سيسلب مني رمز الأنوثة والأمومة. لكن؛ قدر الله وما شاء فعل، وما على الإنسان إلا السلام بمشيئة الله وعدم الاستسلام للضعف وقلة الحيلة.
جاءتني قوة ربانية تقمع جميع قوى السرطان لمواجهته، فالقوة الإلهية لم تسمح لي المجال في التعمق في التفكير السلبي أو ترجيح العاطفة على العقل، فأنا في مكان وزمان يحتاجان مني الى وضع العاطفة على جنب وترجيح العقل والمنطق لمواجهة هذا التحدي السرطاني الفتاك.
اشتريت قوة إيماني بضعفي وتسلحت بالمعرفة والبحث والاستشارات إلى أن تمكنت من السيطرة على انفعالاتي ليحل مكانها الشجاعة والجرأة في رحلة التخلص من هذا الورم الخبيث والمتسلل إلى جسدي من دون إذن أو إنذار.
ذهبت إلى مركز لعلاج للسرطان في بلدي الأردن الحبيب الذي يقدم رحلات علاجية لمرضى السرطان والذين هم كثر، حيث ارتفاع مستويات الإصابة بالمرض في تزايد مستمر يثير فضول المريض عن البحث في الأسباب. دخلت المركز وأنا في حالة ذهول وعدم وعي وخدران، بالرغم من أنني شحنت نفسي بكل العبارات الإيجابية وبحديث النفس التفاؤلي واستنفذت كل تكتيكات التنفس والتأمل؛ لكن كان للمركز هيبته، وبالرغم من حالة الخدران التي أصابتني فكان هناك في تفكيري: من أين وكيف تسلل هذا اللعين؟
بعد شهر ونصف من التشخيص والفحوصات اللازمة، تقرر إجراء عملية وبعدها رحلة علاج طويلة الأمد تشبه المدة الزمنية لأي خطة خمسية تحتاج إلى تحضير، تخطيط، وتنفيذ للوصول إلى النتائج المرجوة.
والآن وبعد أربعة أشهر منذ اكتشاف المرض إلى اليوم أنا في عافية صحية وكلي دافعية وحماس لحياة أفضل وعمل لتعزيز المرأة نفسياً واجتماعياً حتى تكون قيادية في بيتها ومع زوجها، ولأولادها، ومجتمعها الذي يقدر مكانة المرأة وكيانها ووجودها كعنصر أساسي ومهم في تغيير جذري للأفضل في كل المستويات.
فإلى كل نون النسوة وتاء التأنيث، لا تهبن المرض الذي هو أكثر سلاح ممكن أن يهددنا ويسلبنا حياتنا، ولا تهولن ما لا داعي له، وصافحن إن استطعتن، ولا تأخذن الأمور بشخصنة وحساسية، وصارحن بدلاً من أن تعاتبن، واجعلن حياتكن أكثر سهولة، بساطة، وأريحية بدلاً من التعقيدات التي لا داعي لها إلا أن تسلب منا سعادتنا وحريتنا.