قصص أمهات
قرار اتخذته على عاتقي تجاه طفلي!
لحظات ذهبية لا يمكن وصفها تلك التي وضعوا طفلي فيها بين يدي لأول مرة في غرفة الولادة، لم يسعني إلا وأن أتعجب من نظراته وصوت بكائه وتلك القدرة الإلهية التي جعلته منذ لحظاته الأولى يبحث عن مصدر طعامه ويلتقطه على الفور دون إرشاد وتعليم، كانت لحظات ثمينة بالفعل!
لم أبكِ حينها على عكس ما توقعت بل إن رهبة الموقف جعلتني أنظر إليه مذهولة دون أي ردة فعل، أراقب فقط، وكنت في كل مرة أضعه بين يدي أنظر إليه بعين التعجب وبعين الشفقة بعض الشيء على قلة حيلته وضعفه وعدم قدرته على إدراك ما حوله.
كنت أسرح بملامحه الصغيرة وأفكر لوقت طويل، كيف سيكبر... كيف سينمو... كيف سيتعلم...كيف سأفهم احتياجاته وسبب بكائه؟ ظننت حينها أنني على بعد ملايين الأميال من رؤيته بشكل مختلف أو بقدرات أعلى، ولكن بعد مضي شهر واحد من ولادته بدأت ألمس التغيرات البسيطة عليه من حيث الحجم والقدرات الحركية فملابس حديثي الولادة أصبحت صغيرة وبدأ يدرك الليل من النهار بعض الشيء وبدأت أفهم ما يريد وأفرق بين إشارات الجوع والحاجة للنوم وهو ما أسعدني كثيراً.
مضى الوقت بسرعة وبلغ من العمر ثلاثة أشهر، عندها شعرت بنقطة تحول في ذلك الكائن الصغير الضعيف الذي رأيته في غرفة الولادة، فقد أصبح قادراً على مسك الأشياء بيديه وإسناد رأسه كما أنه أصبح أكثر إدراكاً لكل ما يجري من حوله... ذهولي من طفلي لم ينته فلم أستطع يوماً تخيل السرعة التي يكبر بها الأطفال كما كنت أسمع!
وها هو الآن بعمر السبعة أشهر يستطيع الجلوس دون دعامة، يصفق يديه ويردد "بابابابابا"، كما أنه بدأ بالاعتماد على الأطعمة الصلبة والالتفات إلى الأصوات، وأسنانه الصغيرة بدأت بالظهور، ولا يمكنني تجاهل نظراته المليئة بالحماس حينما ينظر إلى صحن الطعام وتلك الضحكات التي تزداد علواً أسبوع بعد أسبوع والتي كنت أظن أنها موجودة فقط في مقاطع فيديوهات الإنترنت.
وجوده في حياتي جعلني أنسى كل المخاوف التي كانت موجودة لدي في فترة الحمل، ولحظات القلق التي عشتها ساعة الولادة وألم وتعب فترة ما بعد الولادة.
لذلك، قطعت عهداً على نفسي أن أبتعد عن كل من يمدني بطاقة سلبية ويشرح لي عن مدى صعوبة تربية الأطفال ومدى رغبتهم بانتهاء هذه الفترات للحصول على الراحة، كما أنني لن أسمع مرة أخرى لكل من تقول لي لا تحملي ابنك كثيراً لا تدلليه كثيراً فسيعتاد وجودك وستفسدين تربيته ولن تستطيعي إصلاح تربيته من جديد....
لأنني في الحقيقة أقول في نفسي دائماً: "يا ليت لحظات احتضاني لطفلي تطول وتطول وليتني أستطيع مراقبة تطور نموه ونظراته لحظة بلحظة". فقد أدركت اليوم بأن الوقت يمضي بسرعة وهذه اللحظات لن تعود وبالتالي سأحيطه بكل ما لدي من طاقة إيجابية وحُب وعاطفة ولن أمنع نفسي عنه لأي سبب كان وسأعمل على إمتاع نفسي وإمتاعه بهذه اللحظات والأيام قدر المستطاع.
نصيحتي، لا تفسدي جمال هذه الاوقات، قبِّلي طفلك واشتمِّي تلك الرائحة الأجمل في العالم كلما استطعتِ، ودعيه يشم رائحتك ويلمس وجهك ليتفحص تفاصيله وراقبي نظراته، لن تستطيعي مقاومة هذه النظرات البريئة العاشقة وستقعين في غرامها يوماً بعد يوم ستشعرين بقيمتك وأهميتك وعظمتك وحتى جمالك؛ ففي كل نظرة يرمقك بها ستجدين الكثير من الحب والثقة والعاطفة التي تنسيك تعب النهار بأكمله.
احضنيه بين يديك قدر ما تشائين فهذا لن يفسده، بل إن الدراسات العلمية أثبتت أن لحظات عناق واحتضان الطفل أمر صحي للغاية من حيث النمو الجسدي والعقلي كما أنها تحفز من إفراز هرمون السعادة "الأوكسيتوسن" الذي يقوى المناعة ويحسن النفسية.
انتظر بكل ما لدي من شغف أن أرى المزيد، الخطوات الأولى، الكلمات الأولى، ردود الفعل الأولى...
استمتعي واملئي منزلك فرحاً وأملاً وحباً فالأم السعيدة تنشئ أطفالاً أصحاء وسعداء!