قصص أمهات
رسالتي لكل امرأة تطمح للجسم المثالي
لا تستغربوا من طرحي لموضوعٍ كلاسيكي جداً هذه المرة، الموضوع الذي تمت مناقشته مراتٍ عديدة ولكن لا يزال مطروحاً على الطاولة ألا وهو: الشكل والجسم المثالي!
هل سبق لأحدهم أن أخبرك بأنك تلك الطفلة البطيئة التي لا تستطيع المشاركة في سباق الجري؟ أو أن تمت مقارنتك مع قريباتك وإخبارك بأنك الفتاة السمينة التي عليها أن تنتبه لوزنها؟ هل سبق وأن نظرتِ إلى المرآة كارهةً لكل إنشٍ من جسمك؟ حسناً، لقد حصل معي كل ذلك!
في الحقيقة لم يقتصر الأمر على طفولتي فقط، بل أصبحت الأمور أكثر تعقيداً عندما كبرت... فالمجتمع والإعلام وضغط الأقران ومقارنة نفسك مع أشخاصٍ غير واقعيين يقومون بتجويع أنفسهم أو إجراء عملية جراحية في سبيل الحصول على قوامٍ مثالي لم يساعدوني كثيراً!
لم أكن أفهم لمَ كل هذا العناء؟ لماذا عليكِ أن تجعلي من جسمك مثالياً وإلَّا فإنك لن تتوافقي مع معايير المجتمع. تكبرين وأنتِ تكرهين شكل جسدك، ولم يعلِّمك أحد كيف تحبين نفسك، كما لم يخبرك أحدٌ بأن قلبك وعقلك مهمان كذلك، كيف ستعرفين وقد كبرتِ في مكان كلُّ من فيه يرهق نفسه بالحميات الغذائية، في مكانٍ قرر من فيه أن ينبذوا كل بنتٍ وولدٍ سمينين.
إذاً فما حصل معي في فصول حياتي اللاحقة هو أمرٌ طبيعي ومُتَوَقَّع، ظللتُ أتَّبِعُ الحميات الغذائية ثم أُصاب بحالاتٍ من النهم وبعدها أتَمَرَّن كالمجنونة، وهكذا تستمر عجلة كره الذات بالدوران دون توقف.
أُشارككِ كل هذا اليوم... لأنني أطمحُ أن أُساعد أكبر عددٍ ممكن من الناس من خلال اطلاعكِ على تجربتي في هذا الموضوع تحديداً. فليس الجميع منفتحين عندما يتعلق الأمر بقصصهم الخاصة، قصتي أنا ليست مميزة لكن صدقيني؛ هنالك قصصٌ مروعةٌ وراء العديد من الأبواب الموصدة، بعضها عن فقدان الشهية (Anorexia)، وبعضها عن الشره المرضي (Bulimia)، والأُخرى عن الانعزال الاجتماعي وغيرها الكثير.
بداية فإنَّ طلب المساعدة من المختصين في هذا المجال أمرٌ أساسي، ستتفاجئين بالقدر الضئيل الذي تعرفينه عن نفسك، ومن كمية الأشياء الجميلة التي تمتلكين ومن كونك إنسانة رائعة! فالحبكة تستمر بالتشابك فتجدين نفسك ذاهبةً للاستمتاع في وقتك مع الأصدقاء لينتهي بك الأمر قلقة بشأن عدد السعرات الحرارية التي اكتسبتِها من الانغماس في الطعام اللذيذ، والوزن الذي ستزيدينه، أو تشعرين بالذنب والاشمئزاز من ذاتك، والقائمة تطول للأسف!
لكن دعيني أُذَكِّرك بأن لا شيء يبقى على حاله ما دمنا نبذل جهداً في تغييره.
في حالتي أنا فقد أرسل الله في طريقي أشخاصاً رائعين، أشخاصاً لا يزالون يساعدونني أنا وآخرين غيري في فهم التصرفات والمشاعر التي نخوضها، أولئك الذين علَّمونا أن نحب أنفسنا وأجسامنا.
كنتُ أشعر بتحسنٍ في تقديري لجسدي يوماً بعد يوم، لا أدَّعي بأني راضية تماماً ولا أن العملية سهلة.
افعلي مثلي وحاولي بدلاً من النظر إلى المرآة والإشارة إلى عيوبك، حاولي البحث عن شيءٍ تحبينه في نفسك. أخبرتني خبيرة التغذية العزيزة على قلبي أن أنظرَ في عينيَّ وأن أنطق جملةً واحدة "أنا أُحبُّكِ"، انهرتُ حينها وشعرتُ بالأسف تجاه نفسي، لعدم حبي لذاتي وعدم وقوفي معها، لم أُدرِك قبل تلك اللحظة كم كنتُ مخطئةً حيال نفسي.
أمَّا عن طريقة سير الأمور فقد كانت بتعليمي أن أفهم جسدي ومشاعري. فتعلمتُ أن أستوعب ماهية تناول الطعام العاطفي والأمور التي تعمل على تحفيز عاداتي المرتبطة بالأكل العاطفي، وأنا سعيدةٌ الآن لأقول بأنه قد مرَّ وقتٌ طويل منذ آخر مرة أُصبتُ فيها بالنهم. علمتني تلك الدروس كيف أستمتع بطعامي دون أن أُغرق نفسي في الملامة والسلبية إن تناولت وجبة دسمة.
لقد بدأت أنظر إلى نفسي بشكلٍ مختلف، وصرتُ دائمة التقدير لصفاتي الحميدة، ومع الوقت بدأتُ أُعيرُ اهتماماً أقل للعيوب في جسدي. وجاء مع ذلك الفهم الحقيقي لضرورة التمرين، فقد أصبح شكلٌ من أشكال العلاج، وقتٌ أقضيه لنفسي داخلياً وخارجياُ، لم يعد طريقةً لحرق الدهون، بل لحرق الضغط والتوتر، واليوم أستطيع القول بأن التمارين الرياضية تمنحني شعوراً بالنشوة، سعادةً داخلية بأن بإمكان الأشياء الصغيرة في حياتنا أن تمنحنا الكثير، فعندما تبدئين التعاطي مع الأمور بشكلٍ مختلف وتكتشفي كم يمكن لجسمك أن يحقق، ستغيرين من طريقة تفكيرك. في الفترة السابقة كنتُ أتمرن على الكيك بوكسينغ الذي أعطاني قدراً هائلاً من الثقة بالنفس، وحالياً أنا أرفع الأثقال وأرى جسدي كيف يصبح أقوى من قبل بكثير.
أصبحتُ أفضل في التحكم في تصرفاتي وأسلوبي، الأمر الذي وضعني في علاقةٍ أفضل مع نفسي، تعلمتُ ألَّا آخذها كأمرٍ مفروغٍ منه، فعليَّ أن أسعى دائماً للوصول إلى أفضل مستقبل.
في النهاية، علينا أن نكون أكثر قوةً وصحة؛ لتهيئة أجسادنا بشكلٍ أفضل عندما يتقدم السنُّ بنا، كي نتأذى أقل في حال تعرضنا إلى إصابات، وأيضاً لسببٍ آخر: فلا أحد ينكر أن الحصول على هيئة أجمل وأكثر رشاقة أمرٌ محبب. لكن دعونا نبدأ في العمل على تغيير عقلياتنا، دعونا نعمل جاهدين على تغيير تلك الصورة النمطية وكسر ذلك القالب اللعين الذي يملي علينا كيف يجب أن نكون ونتشبه بمن! دعونا نحرر أنفسنا مرةً واحدة وإلى الأبد.