قصص أمهات
طفلتي فريدة فراشتي الصغيرة التي تعشق الحرية
بقلم: باسنت ابراهيم- أم لطفلة وكاتبة
فريدة ... فراشتي الصغيرة ، أم عليّ أن أناديكِ بعصفورتي بعد الآن ؟! أصبحت مؤخرًا تنشغلين بالعصافير الملونة ، عصفووورة على الأشجار بحماس. لم أعرف أجنحة عصفورة أم أن جناحيكِ يقويان بما يلائم أجنحة عصفورة؟ حذين في التحليق أعلى وأعلى مثل العصافير ليس مثل الفراشات ... يقترب مولدك ولا أعلم كيف مرّ عامان بهذه السرعة!
أكتب لكِ لأذكرني بعهد قطعته على نفسي يوم كنتِ جنيناً جدًا في رحمي ، وعدتك ألا أكون أم مسيطرة تحب طفلتها ، وعدتك جيدة بقدر ما أكون وأكثر وأنني لن أغزل لأحلامك لجام ... أنا أمك ... خلقكِ الله لي وخلقني لكِ لأساعدك حتى يشتد عودك وتكبرين بصحة وسلام ... لست ملكًا لي وأوامري ليست مقدسة ...
حسنًا حسنًا ... لازلت عند وعدي يا صغيرتي ، لازلت أقوّم نفسي وطباعي لأفي بوعدي كاملاً ، ربما لهذا تكبرين مستقلة .. أكثر من أن كما يخبرني البعض؟ لم لا! منذ أيام بدأت طفرة التمرد ، ترغب في تحقيق جزء كبير من المرحلة بنجاح ، في مرحلة ما ، كنت جزءًا من المرحلة المستهدفة ، وانتكلين بنجاح المرحلة ... فأخجل.
تبدئين في اختيار ملابس قبول والإصرار على بعضها البعض ، تعبرين عن رأيك برفض أو الطعام ، وترغبين في تناوله بمفردك تماماً ، كذلك شرب الماء وحمل الكوب والزجاجة!
تضمين يديك لأنك لا ترغبين في الخروج الآن أو لأن الملابس لا تعجبك! متى بدأتِ تكوين ذوقك الخاص يا عقلة الأصبع؟ لن أنكر غضبي وخوفي من تمردك الذي بدأ مبكرًا... في الحقيقة مبكرًا جدًا.. ولكني لازلت على العهد. آخر تحدٍ بيننا كان صعود ونزول درجات السلم، صدقيني لم أكن اتحداكِ بقدر ما فاجأتني بإصرارك ومحاولاتك للصعود بمفردك! وحين نجحتِ كانت فرحتي مغلفة بالخوف...وفرحتك ممزوجة بالنصر والامتنان.
أضبط مشاعري متلبسة بالقلق والغضب، هل أنا خائفة عليكِ فعلاً من إصرارك على تجربة كل شيء وايذاء نفسك، أم خائفة من تقليص مساحة سيطرتي على الأمور وعليكِ، هل أعجبني دور البطولة المطلقة واعتمادك الكامل عليّ، هل أصابتني لعنة التحكم والسيطرة التي طالما هربت منها. على كل حال، كان لزامًا أن أذكّر نفسي بالعهد وأوثقه حتى نجدده دومًا... لأدرك جيدًا أن الفراشة تخرج من الشرنقة سريعًا جدًا الآن.
منذ أيام اصطحبتك لمحل العصافير لتراقبيهم عن قرب، لم تعجبكِ الأقفاص الملونة... تصرين على إخراج العصفورة وفتح القفص الجميل.. فطرتك تخبرك جيدًا أن مكانهم السماء...وطعامهم الحرية...
نشتري عصفورة صغيرة ثم نطلقها إلى عالمها حيث تنتمي، ورغم كل ما أكتب لن أستطع وصف هذه اللحظة الثمينة، حماسك ونظرتك وفرحتك بطيرانها عاليًا...
وحين حطت حمامة على شباك غرفتك، تبني عشًّا لصغارها، دخلتِ معي بحرص لنضع لها الماء ووقفتِ تنظرين من خلف الشباك.. سنطعمها ونتركها ترعى صغارها حتى يطيرا معًا.
اليوم صنعت لكِ بيدي سلسلة جميلة، تحمل دلاية عصفورة ذهبية، منذ عام صنعت لكِ واحدة تحمل فراشة ملونة وحبات لؤلؤ وردية.. واليوم أصنع لكِ ما يليق بقلبك الذي يشبه حبات اللؤلؤ العاجية النقية.
كنت أستمع لفيروز تشدو بـ"أنا عصفورة الساحات...أهلي ندروني للشمس وللطرقات"، وتذكرت أنني ندرتك لمثل الطريق كما نُدرت من قبلك...وإن طفلتي تعشق الحرية مثلي.
ستحملين العصفورة قلادة بالقرب من قلبك ... وستحملين الفراشة ، صورة جميلة ذات يوم أحلامك واحدة تلو الأخرى ، مهما مررتِ ، وأوجاع ، وأوجاع ، وستحملين. لكِ متى أردتِ يا فريدتي ...