قصص أمهات
رسالة إلى أم مَلَك، حباً الله كوني أماً لطفلتك
بقلم: عبير عزة
مجدداً ... حاولت التغاضي والتمنع عن كتابة ذاك الموقف المؤلم ...
تلك المرة الاولى لي .. أذهب برفقة اطفالي لمركز تعليمي هادف ومكان للعب ... المرة الأولى لي بان أقف كأم متفرجه أترك بها اطفالي .. مبررة حاجتي للراحة النفسية ... لكن رغبتي بأن اشعر انهم بدؤوا بالاعتماد على انفسهم ... دون استراق النظر بين الحين والاخر أن والدتهم بينهم .. ليشعروا بالأمان ... وليعودوا إلى قواعدهم باللعب ...
قلبي لم يطاوعني اكتفيت بعشرة دقائق ... واندفعت نحوهم ونحو طفلي الصغير .. وبدأت بحب وبراحه نفسية أشاركه اللعب فلست مضطرة في نهاية هذه الفسحة باعادة ترتيب وهيكلة الغرفة والالعاب المبعثرة ...
مشهد "الخادمة" مع الطفل لم يعد ذاك المشهد الذي يؤثر بي كأم .. فهو الأمر الطبيعي ... وانا ذاتي لست طبيعية .. حقيقة آمنت بها هنا
اخترت التغاضي واستدرت ... لكن دائما تقف عقبة ما في طريقي ... استرقت النظر ... للطفلة التي لا تنظر للاطفال حولها ... محاولة اللعب بكل ما له صوت ... حاولت تحديد ... حالتها كمتلازمة داون ... أو توحد ... فسرعان ما تاكد لي انها مصابة بالتوحد ... لكن ليس بذاك الحد الشديد ..
لعنت دراستي الجامعية التي عززت فضولي ... فسارعت الى احداث درجات من الفوضى .. لمحاولة مني لجذب انتباه تلك الملاك الصغيرة ..
تلك التي رحلت والدتها دون ان تلتفت حولها ساعة تلو ساعة لتلك الصغيرة التي تركتها بعهدة كومة لا انسانية
احمد الله اني استطعت ... لكن كما يعرف الكثيرون ... التجاوب بين العيون والتواصل شبه مستحيل معهم ...
كل ذاك ... وذاك الشيء الذي لا يفهم على اي لغة من لغات الارض ... جالس في زاوية الغرفة دون مبالاة ... ودون ادنى درجات الانسانية ... بدات الصغيرة بالحركة ... مصحوبة بحركات لا ارادية وتعثر خطوات ...
وذاك الشيء المزروع كالمسمار لا يتحرك ...
شعرت بنار ... نار تلتهم امومتي ... وتلعن مجددا خطوات تلك الام التي اختارت ان تتركها بلا رحمة .. وهي أمسُّ الحاجة للحظات ... تخرجها من قوقعتها ... ومن انصهار جسدها بروحها ...
لعنت تلك المراكز التعليمية التي لا تشترط بقاء الام مع اطفالها ...
لعنت اللحظة التي اخترت بها التحرر من اطفالي ...
اخترت ان أجذب انتباهها اكثر ... عن طريق طفلي فتواصل الاطفال مع بعضهم ... هو الأقرب للحقيقة ...
كانت سعادتي تفوق الوصف ... وانا ارى تجاوب لصوت التصفيق الذي يحدثه ابني ..
... سارعت الى ذاك الشيء الذي بات التفاهم معه اصعب من تفاهمي مع ملك الطفلة ... اسميتها "مَلَكْ"
أخبرتها بلغة الاشارة ان تعتني بها وان لا تجلس وترافقها ... حتى لا تؤذي نفسها ...
... تألمت ... وتألمت ... بسعة هذا الكون حمدت الله اكثر على نعمه التي انعم بها عليّ ... وأنني أكثر الأمهات في هذا الكون غنى ً ... وان الارهاق والتعب ... وحالات الهستيريا التي تصيبني في كل نهار هي نعمة ...
... الى أم مَلَكْ
كرامة لله ... لا تتركي تلك الطفلة لتكون عهدة في يد لا ترحم طفولتها وحاجتها
كرامة لله .. تخلي قليلا عن جبروت امرأة أنوثتها في حذاء نعله احمر اللون ... والدم فيها اسود
كرامة لله ... إرحمي ضعف هذه الصغيرة ... وعجزها ... تلك الصغيرة هي الشفيعة لك ... وهي الهدية ... من الرحمن ... فاقبليها ...
... انت لست ككل الامهات ليس مسموحا لك ان تملّي ... أن تتعبي وحتى الانسحاب ...
هذه العهدة من الرب لك ...
فصوني العهد بها ...
الى كل أم ... رحمة ... وكرامة للخالق
ارحموا ضعف صغاركم ...