قصص أمهات
حياتي كأم عزباء بدون دعم الشريك
فرح: أم لطفل واحد
مثل جميع طلاب السنة الأولى، بدأت الدراسة الجامعية وأنا أحلم بكل الأشياء التي من الممكن أن تحدث في هذا الحياة الجديدة. كنت أشعر بالحماس والقلق في نفس الوقت، تجاه الدروس التي اخترتها، والأصدقاء الجدد الذين سأقابلهم، وفرص لقاء الحب التي من الممكن ان تصادفني هناك.
كنت في التاسعة عشرة عندما قابلته. كنا نذهب إلى نفس الجامعة، وكنا كلانا ساذجين ولدينا تعطش لفهم العالم ما حولنا. أصبحنا أصدقاء، وبعد سنة، ومثل أغلب قصص الحب، أصبحنا أحباباً. لم تكن وسامته، أو وضعه المادي أوالاجتماعي ما جذبني إليه. كنت أصغر من أن أهتم بهذه الأمور في ذلك الحين. ولأكون صادقة، لم يملك اياً من هذه المواصفات. بدلاً من هذا، وقعت في حبه لأجل شخصيته، ولطفه، والطريقة التي عاملني بها. كان حبه كبيراً، وكان يظهر لي الكثير من الاهتمام، وعندما كنت معه كنت أشعر بأني أميرته، ومحبوبته، والأهم من ذلك شعر بأنني أفضل أصدقائه. بعد خمس سنوات: اتفقنا على الزواج، وبعدها بثلاث سنوات أنجبنا طفلاً جميلاً، وفي السنة التي تلتها حصلنا على الطلاق.
اتفقنا على الزواج، وبعدها بثلاث سنوات أنجبنا طفلاً جميلاً، وفي السنة التي تلتها حصلنا على الطلاق.
وانهارت حياتي وشعرت بأنني محطمة.
فقدت الإحساس. لم أشعر بشيء في الأسابيع الأولى سوى الخدران. كل ما كنت أريد عمله هو أن أبكي. ولكنني حبست دموعي من أجل طفلتي الصغيرة، و من أجل والديّ، ومن أجل نفسي أيضاً. عندما كنت أستلقي لوحدي في الفراش ليلاً، كنت أشعر بفراغ داخلي، وفي نفس الوقت بألم لا أستطيع وصفه. كنت أمضي ساعات أحدق في الحائط، وأفكر في العشر سنوات الماضية من حياتي. كنت أذهب إلى العمل وأحدق في جهاز الكمبيوتر دون أن أستطيع طباعة كلمة واحدة. كانت تتزاحم الأفكار في رأسي في محاولة لفهم ما حدث، وما هو الخطأ الذي بدر مني. سأعفيكم من تفاصيل طلاقي لأنها لم تعد مهمة. المهم هو أن كل شيء انتهى، وانني شعرت بأن حياتي انتهت أيضا. شعرت بالعار، وشعرت بأنني خيبت آمال والديّ وطفلتي، وآمالي. شعرت بأنه لا قيمة لي، ولمت نفسي. فكرت في كل الأوقات التي غضبت فيها منه - عندما كنت أتعافى من العملية القيصرية، وعندما كنت أعاني من قلة النوم بسبب المولود الجديد الذي يعاني من المغص. فكرت بالوزن الزائد الذي اكتسبته أثناء الحمل. فكرت بالأطباق المتسخة التي تركتها مراراً لأنني كنت متعبة، وتذكرت بأنني شعرت بأنني لم أعد جميلة كالسابق. كانت تطاردني هذه الأفكار ليلاً ونهاراً، واستمريت بمعاقبة نفسي. كان الشعور بالحزن والفقدان والعار يستنزف تفكيري. العديد من الأفكار كانت تتسارع في رأسي. كنت باختصار في حالة يرثى لها.
ومع مرور الوقت، تأثر عملي بشكل سلبي، وتدهورت صحتي، لذا قررت الحصول على المساعدة. إني محظوظة لوجود أصدقاء حولي فتحوا قلوبهم لي باستمرار، واستمعوا لي بدون كلل أو ملل وأنا أتحدث بشكل يومي عن حياتي. في النهاية أفصحت عما في داخلي وبكيت، وفي تلك اللحظة أحسست بانني بدأت بالتعافي. وجدت مدرباً رائعاً (life coach)، وهو ساعدني على ترتيب أفكاري. معاً استطعنا تحديد كل المشاعر الهدامة للذات وكيفية التعامل معها. لقد دست على كبريائي في الأشهر القليلة التي سبقت الطلاق وفي الأشهر الخمسة التي تلته، وبادرت سراً بالاتصال بطليقي وتوسلت إليه أن يعيد النظر في قراره. طلبت منه أن يبيّن لي أين أخطأت، حتى أنني قمت بالاعتذار عن كل شيء. أخبرته أنني أحبه وتوسلت إليه أن نعود معاً. ولكن كان لديه مشاريع أخرى- إذا فهمتم ما أعني.
بدأت الأمور تتضح في رأسي، وأدركت أن ما حدث لم يكن غلطتي. هل أنا كاملة؟ لا. ولكن من منا كذلك؟ كل ما أستطيع قوله أنني لم أكذب عليه، ولم أخنه، ولم أقلل من أحترامي له. كنت ملتزمة معه، وكنت أريد أن أعمل على إنجاح العلاقة بيننا. والأهم من هذا كله، كنت أحبه. ولكن كما يقولون "يد واحدة لا تصفق". بدأت برؤية الأمور بشكل أوضح، وأدركت أن الحياة ليست مثالية دائماً، وهي ليست كحكايات الخيال التي وُعدنا بها ونحن أطفال، عندما قيل لنا أننا سندرس جيداً في المدرسة وسنتخرج من الجامعة، وسنقع في الحب ، ومن ثم نتزوج، ونعيش في سعادة طوال العمر.
ولكن الحياة لا تسيرهكذا. بالتأكيد هناك أناس يعيشون هذه الحياة، وآمل أن تستمر سعادتهم وتزدهر أكثر. ولكن في المقابل، الكثيرون منا لا يعيشون هذه الحياة. كم منا يعيش حياة زوجية بائسة لأننا نحس بأنه ليس لدينا خيار آخر؟ كم من الناس فقدن أزواجهن؟ كم منا يعاني من مرض ورغبته الوحيدة هي استعادة صحته مرة أخرى؟ كم من الأهل فقدوا أطفالهم، أو كامل عائلاتهم؟ كم منا يكافح من أجل إطعام أطفاله؟ كم منا يصلي ليلاً ونهاراً من أجل إنجاب طفل واحد؟ وكم منا تحطم قلبه وهو يرى طفله يصارع المرض ويحارب من أجل البقاء على قيد الحياة؟ كم منا يتحمل الصعاب خلف الأبواب المغلقة، ومن دون علم أحد؟ كل هؤلاء الناس يعيشون بيننا ، ولكننا لا نستطيع الإحساس بهم إلا عندما، لا سمح الله، يحدث معنا شيء مماثل.
كان هذا الإدراك أهم شيء فتح عينيّ على الحقيقة، ولم يكن من السهل التوصل إليه. إن السعادة ليست أن يكون هناك رجل بجانبك. إن السعادة أن تشعر بقيمة النعم في حياتك، الكبيرة منها والصغيرة، بدلاً من التحسر على ما لا تملك.
إن الطلاق لا يحدد من أنا كإنسانة، ولا يحد من إمكانياتي على العطاء. أنا أعرف قيمتي. أنا قوية. أنا مهمة.
إن الطلاق لا يحدد من أنا كإنسانة، ولا يحد من إمكانياتي على العطاء. أنا أعرف قيمتي. أنا قوية. أنا مهمة. أنا شابة في صحة جيدة. أنا أم لطفل سليم ورائع. ولدي في حياتي أشخاص أحبهم وأحتاجهم بقدر ما يحبونني ويحتاجونني. أنا أستيقظ كل صباح من دون الحاجة إلى أحد لكي يساعدني على النهوض من الفراش. إن حياتي بأكملها أمامي، وأحس بالامتنان والقوة لأنني أتخذ قراراتي. أنا أقرر ما أريد فعله. أنا أختار أن أثق بالناس. أختار أن أكون لطيفة وعطوفة، وأختار أن لا أشعر بالمرارة. أنا أبتسم بإعجاب عندما أرى ثنائياً من المحبين. أنا أتمنى الخير للناس جميعاً، بما فيهم زوجي السابق. أنا أختار أن أعطيه مجالاً لامحدوداً للتواجد في حياة طفلتي، لأنه الأب الوحيد الذي ستحصل عليه في هذه الحياة. أنا أحييه بابتسامة عندما يأتي لأخذها. أنا أقوم بذلك من أجل طفلتي ومن أجلي أيضاً. ، و أصلي من أجل أن يكون لدي القوة لاختيار هذه الأشياء دائماً. أنا لدي القوة لأختار، لذا سأقوم بفعل ذلك.
لم يكن هذا حلمي أبداً، مثلما لم يكن حلم أي من الأمهات العازبات أن تأخذ الحياة هذا المنحنى. ولكن أنا أؤمن الله قد اختار لي ، وسأتقبل هذا الخيار بصدر رحب وعقلية متفتحة. فأنا أشاء وأنت تشاء ويفعل الله ما يشاء.
أنا لا أنكرأنني أتمنى أن يدخل حياتي شخص ما ويرافقني فيها، ولكن إن لم يحدث هذا، فهو ليس مقدر لي. إن السعادة تأتي من الداخل، ولقد تعلمت أن أترك الأمور التي لا استطيع السيطرة عليها، وأن أركز على الأشياء التي من الممكن أن أغيرها، وأن أعمل ما بوسعي في الحالتين.
إن الحياة رحلة، ونصيحتي لنفسي ولكل الأمهات العازبات أن نكون فخورات بأن لدينا القوة الكافية للقيام بهذا الدور. لديكم إمكانيات لا محدودة، لذا آمنوا بأنفسكم. إذا لم تكوني قد بدأت مسيرة مهنية، فإن الوقت لم يتأخر للقيام بما تحبين. ابحثي عما يشعل فيك الشغف واسعي لتحقيقه. قد لا نملك أموال كثيرة لشراء آخر صرعات الألعاب لأطفالنا، ولنلبي كل رغباتهم، ولكن لدينا قلوب من ذهب ترعاهم وتعتني بهم، وهذا ما سيتذكرونه وهم يكبرون. إن علينا مسؤولية بأن نربي أطفالنا ليكونوا فخورين بأمهاتهم القويات والسعيدات. لن أكذب، إن الأمر ليس سهلاً، ومازلت أمر بأيام سيئة ، ولكني تعلمت أن أسمح لنفسي بالمرور بهذه الأيام، لأنه في النهاية، هذه الحياة التي أنعم الله بها علينا، عبارة عن رحلة ومسيرة.