قصص أمهات
حملي بطفلتي الثانية لم يكن كما توقعت!
تمر المرأة في الكثير من التغيرات خلال حياتها، فتترك كل مرحلة أو تجربة أثارها الكبيرة عليها، ولعل أهم هذه المراحل وأكثرها تأثيراً هي مرحلة الأمومة!
تبدأ هذه المرحلة منذ اللحظة التي تكتشف فيها المرأة أنها حامل، وهي لا تتوقف أو تنتهي بذلك، حتى وإن لم يقدر للحمل أن يكتمل، حتى أنه يقال أن المرأة تكون أماً حتى وإن لم تمر بمرحلة الحمل ورعاية الأطفال، ولكنني أرى أن المسؤولية والواقع الذي تعيشه الأم لا يمكن أن يشعر به أي فرد إن لم يخض التجربة كاملة.
لقد وهبني الله بطفلتي الأولى منذ عامين، وقد كانت من أجمل عطايا الله و هداياه لي، وإن كنت كغيري من الأمهات مررت بالكثير من الصعوبات خلال فترة الحمل والولادة، والآن أحمل مسؤولية رعايتها والاهتمام بجميع احتياجاتها، ولكن كأي شيء في حياتنا، فإن الأمر لا يخلو من لحظات الحزن والتعب والحب والراحة والسعادة، ولكن ما يميز الأمومة أنكِ تشعرين بكل هذا في يوم واحد، وقد تشعرين بكل شيء في ساعة واحدة خلال اليوم، وما أن اعتدتُ على كوني أماً وما أن بدأتُ بترتيب حياتي ومحاولة التركيز مجدداُ على ذاتي، حتى اكتشفت أنني حامل بطفلتي الثانية.
لن أنكر أنني شعرت باليأس والحزن عند اكتشاف الحمل، ولن أقول أنني تقبلت هذا الخبر بسهولة، بل أنني ما زلت حتى اليوم أحاول أن أتقبل هذا التغيير، ليس رفضاً مني للأمومة ولا لطفلتي، ولكنني أشعر بالضعف الشديد وقلة الحيلة، وأشعر وكأنني مكبلة اليدين والقدمين والروح، وكأنني لا أملك من أمري شيئاً، أعلم بأنه لا يحق لي الاعتراض على ما يعطينا الله وأعلم بأنني سأشعر بالفرح ما أن تأتي طفلتي، ولكنني الآن أشعر بالحزن، وفي كثير من الأحيان بالتعب وعدم القدرة على الاستمرار، ولم يعد لدي الرغبة في الخروج من السرير ولا مواجهة العالم مجدداُ، وكأنه لم يعد بمقدوري أن أعطي أكثر.. أن أتحمل أكثر !
قد يكون وضعي للكثير من الخطط والتوقعات لهذا العام قد أثر على مشاعري، وقد يكون لمحاولتي السيطرة على كل أحداث حياتي والتخطيط لكل شيء الدور الأكبر في عدم قدرتي على تقبل ما يحدث، وكأنني لأول مرة في حياتي أقف أمام الحياة عاجزة، غير قادرة على مواجهة العالم، كأنني ضعيفة وهشة، وكأنني أقف وحيدة ولا أجد مكاناً أستند إليه، أشعر وكأن الأمومة قد سلبت ذاتي وتركتني أماً فقط لا غير، امرأة لا قيمة لها دون أمومتها ولا وقت لها لتستجمع ذاتها.
لا تسيؤوا فهمي، فأنا أحب طفلتي وأشكر الله كل يوم على هذه النعمة، ولكنني لا زلت أحاول أن أجد ذاتي بعيداً عن كوني أماً فقط أو أن أستطيع الموازنة فأجد الأم والمرأة معاً في داخلي، أن استطيع ترتيب حياتي مجدداً.
لا يجب أن تكون مشاعرنا مرتبة ولا أن تكون ردود أفعالنا متشابهة، ولا يجب أن تشعر المرأة بالخجل من التعبير عن التعب والحزن، فشعورنا تجاه التغييرات التي تحدث لا تعني أننا أمهات سيئات أو أننا لا نستحق هذه الهبة، إنما يعني أننا بحاجة للمساعدة والدعم، وأنه من الأفضل مواجهة ما نمر به وأن نعبر عن مشاعرنا بالشكل الصحيح قبل أن تتراكم هذه المشاعر وتصبح مشكلة مزمنة أكثر من كونها أزمة عابرة.
لقد علمتني هذه الفترة ألا أحكم على أحد وأن أحداث الحياة متغيرة ومتقلبة وأننا لا نستطيع في كثير من الأوقات السيطرة على كل شيء من حولنا، لذلك، فأنا أفكر بكل يوم على حدة، وأركز على صحتي وعلى طفلتي وأحاول أن أكون أماً حاضرة من أجلها كيلا أخسر هذه السنوات المهمة معها، وأعلم أنني سأستعيد التوازن الذي أبحث عنه، إن لم يكن ذلك في هذا العام أو الذي يليه، ولكنه آتٍ لا محالة.