قصص أمهات
تجربتي مع التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب في عمر العشرين
قصة كوثر مشاري، أم لطفل
لا أرى التربية سهلة ولا رعاية طفل في هذا الزمن سهلة أيضاً، لكنني وبعد ولادة طفلي الأول فاضل، رغبت في الحصول على طفل آخر لكي يكبر أبنائي معاً، لكنني كنت دائماً أتردد في ذلك، وبعد مرور عام كامل من المحاولة دون أن يحصل الحمل بدأت أقلق!
خاصة وأنني كنت أعاني من بعض المشاكل المتعلقة بأوقات الدورة الشهرية وعدم نزول الوزن، والإحساس بالتوتر والضغط دائماً، والهبّات الساخنة التي كانت تصيبني في كثير من الأوقات.
كانت بداية مراجعاتي مع الأطباء في شهر شباط 2020، عندما ذهبت إلى طبيبتي لأفهم ما الذي يحدث لي، فأجرت لي فحص سونار وطمأنتني أن وضعي جيد وأن عليّ الانتظار للشهر القادم حتى موعد الدورة لعمل الفحوصات التي تؤكد سلامة الأمور. لكن مع حلول أزمة كورونا أغلقت العيادات في الكويت، وبما أنني لم أكن أثق إلا بطبيبتي آثرت الانتظار وعدم الذهاب إلى أي مستشفى.
وبمجرد أن عادت الحياة نوعاً ما لطبيعتها وفتحت العيادات حتى ذهبت مرة أخرى إلى طبيبتي لإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة، انتظرت اتصالاً من العيادة، لكن لم يتصل بي أحد فاعتقدت أنه لا توجد هناك أي مشكلة، لأنهم قالوا لي أنه إذا كانت التحاليل جيدة لن يتواصلوا معي أو يحددوا لي موعداً مع الطبيبة.. إلا أنني لم أكن أعلم حقاً ما كان ينتظرني!
افترضت حينها أن الأمور على ما يرام، وتابعت حياتي على أمل أن يحدث حمل.. انتظرت كثيراً وما زلت أتذكر ذلك الإحساس بالخيبة مرة أخرى عندما قمت بفحص الحمل رغم تأخر الدورة.. لحظات قضيتها في الحزن والانتظار دون أي فائدة، فبالرغم من وجود طفلي الأول إلا أنني أردت الحصول على طفل آخر يملأ حياتنا سعادة وفرح.
إلى أن جاء اليوم الذي ذهبت فيه لزيارة طبيبتي لأسأل عن نتائج التحاليل للتأكد،
وتفاجأت عندما سمعت النتيجة.. ارتفاع في هرمون سن اليأس وانخفاض في مخزون البويضات!!لكن، كيف يحدث هذا وأنا ما زلت في عمر صغير؟! كنت قد بلغت حينها 22 عاماً فقط!
هنا بدأت بالانهيار وشعرت بكسر وحزن كبيرين، أخفيت شعوري عمن حولي، فما حصل معي لم أكن لأتخيله أو أفكر فيه كاحتمال وارد لكل ما أصابني.
للتأكد أعدت التحاليل، لعلها كانت خاطئة، لكنها لم تخطئ! جربت طبيبة أخرى ارتحت لها كثيراً وبدأت معها رحلة العلاج، في البداية كانت قد قررت أن نبدأ بدواء لتنشيط التبويض ونراقب الوضع، ولكن ذلك لم يفد في شيء، وخيبة أخرى أعقبها تكيس عرضي تعالجت منه بعد أخذ العلاج اللازم لأحاول مرة أخرى.. هكذا حتى اتخذت قراري بأن أجرب عملية التلقيح الصناعي..
وبدأت بالعلاج... أخذت إبراً منشطة وقبل العملية بيوم أخذت الإبرة التفجيرية، لا أنسى الألم الذي شعرت به وإن كان خفيفاً، لكن الأمل باحتمال الحمل كان يخفف عني ويصبرني على كل شيء.
إلى أن جاء يوم العملية، ذهبت مع زوجي وطمأنتني الطبيبة أن الأمور ستكون بخير وذكرتني أننا فعلنا كل شيء والآن هو وقت الدعاء وقراءة القرآن وطلب الحاجة من الله..
فشلت العملية وهنا كانت خيبة الأمل الكبرى.. لا أنسى انهياري وكسر قلبي وزوجي الذي يرى ما يحدث دون أن يملك شيئاً ليفعله فيقف مكتوف اليدين!
بعدها قررت التوقف عن المحاولة يقيناً بأن الله سيأتيني بطفل آخر يوماً ما سواء عن طريق العلاج أو بشكل طبيعي، ولعل الذي أبطأه الله عني اليوم هو خير لي، فالحمد لله دائماً وأبداً على نعمه التي لا تحصى..
جربت بعد ذلك القطاع الحكومي وأعدت الفحوصات هناك، لكن لتأخر المواعيد قررت بعد 3 زيارات أن أعود إلى طبيبتي في القطاع الخاص. لم يكن في بالي حينها أن أوافق على عملية أخرى، أو أن أتجه إلى أي علاج يؤثر على صحتي النفسية، لكني أذكر كلام طبيبتي أن الأمور جيدة ومشجعة لإجراء عملية أطفال أنابيب أو توقيت الجماع.
لم أرد توقيت الجماع لأن نسبة نجاحه قليلة، لذا اتجهت إلى عملية أطفال الأنابيب..
فحوصات وأدوية وطريق طويل للوصول إلى الهدف، لكن هذه المرة كنت سعيدة ومتفائلة سواء حصلت على طفل أم لا، كنت قد أيقنت أنه إن كان هناك خير في هذا الأمر سييسره ربي ويرزقني بطفل آخر بقدرته ومشيئته.. لم يكن العلاج سهلاً بسبب بعض الآلام لكنني أردت المحاولة مرة أخرى وأنا متفائلة جداً..
حتى أتى اليوم الموعود، وهو يوم سحب البويضات، كان هناك مخدر خفيف وبعدها بساعة ذهبت إلى المنزل لانتظار مكالمة من المركز لتحديد يوم الإرجاع، اتصلت بي الطبيبة لتخبرني أنه قد تم سحب ٤ بويضات والعدد جداً قليل، لذا قررت أن ترجع البويضات بعد يومين.
عدت إلى المركز لارجاع البويضات، وهناك قال لي الطبيب المسؤول: "هذا هو وقت الدعاء.. اسألي الله أن يتم الحمل"، غادرت المركز إلى بيتي وأكملت ممارسة نشاطاتي وحياتي بشكل طبيعي، لم أسمح لإحساسي بالمرض أو لأي مشاعر سلبية أن تسيطر علي.. كانت تتملكني حالة من الرضا والتسليم والاطمئنان لحكم الله مهما كان.. كنت مرتاحة من الداخل.
بعد أسبوع فقط قررت إجراء تحليل حمل منزلي، مع أن الطبيبة قالت إن النتيجة غير مضمونة، لكن ظهر لي خط خفيف، لم أصدق عيني، حتى جاء يوم تحليل الحمل الهرموني للتأكد من الحمل، وأرسلت لي الطبيبة النتيجة وقالت لي أسعد كلمات سمعتها في حياتي: "مبروك كوثر أنت حامل"!
بشرت أهلي وأحب الناس إلى قلبي بالخبر، وانتظرت يوم موعدي مع الطبيبة لأرى أكثر شيء انتظرته في حياتي، فبعد إجراء فحص السونار بشرتني الطبيبة بوجود طفلين.
دائماً وإلى هذه اللحظة أحمد ربي على هذه النعمة، ونحن الآن بانتظار قدوم طفلينا الجميلين لاستكمال فرحتنا،
نصيحتي لكل أم مرت بتجربة مشابهة لي، لنجاح علاج الحمل ابتعدي دائماً عن التوتر والسلبية، واتركي الأمور لله وثقي تماماً أن كل شيء يحدث لك هو خير.