قصص أمهات
هكذا بدأت مشروعي الخاص الذي أبعد أطفالي عن الشاشات
بقلم، لين مخيمر، من فريق أمهات360
قصة غالية أحمد صالح، أم لثلاثة أطفال
هذا العالم سريع جداً..
وأنا كأم، استطعت أن أرى آثار ذلك على أطفالي، فعجلة التكنولوجيا التي لا تتوقف عن الدوران كان لها أضرارها الظاهرة عليهم تماماً كمنافعها التي لا يمكنني إغفالها أيضاً.
فأطفالي كغيرهم من الأطفال ولدوا في زمان صارت فيه الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية عنصراً أساسياً في كل منزل، تسحرهم وتحملهم على قضاء الساعات تلو الساعات أمامها دون وعي منهم أو حتى منا نحن الأهل أنفسنا!
لكن بالنسبة لي.. قررت أن أفعل شيئاً، وأن أجد البديل لأطفالي!
أنا أم لثلاثة أطفال (بنتين وولد)، أعيش في طولكرم/ فلسطين، درست الصيدلة وعملت في مجالي مدة 7 سنوات، لكني بعد ذلك توقفت من أجل رعاية أبنائي، والالتفات لهم ولاحتياجاتهم.
كان أطفالي مدمنون على الإلكترونيات، ولم أكن أنا بعد مدركة لمخاطرها الكبيرة حتى لاحظت أن هناك مشكلة في النظر لديهم، عندها قررت أن أبحث عن حل، بالرغم من أن الظروف حولي لم تكن تساعدني كثيراً في ذلك.
فأنا أعيش في شقة في عمارة سكنية مطلة على شارع رئيسي مليء بالسيارات، فلم يكن بإمكان أطفالي أن يلعبوا أي ألعاب ونشاطات حركية داخل المنزل، ولا هم يستطيعون أيضاً أن يلعبوا في الخارج أمام البيت، فماذا أفعل لهم؟!
كنت أريد حلاً يساعدهم، يكون بعيداً عن الإلكترونيات وعن تلك الألعاب البلاستيكية السخيفة التي تتكسر بسرعة، والتي لا تقدم للطفل أي فائدة أو معلومة تنفعه.
ومن هنا بدأت فكرة مشروعي..
قررت أن أصمم كتاباً تفاعلياً فيه مجموعة من الألعاب المسلية والمفيدة للأطفال، أسميته "كتابي الأول مع ماما غالية".
الفكرة كانت بدائية وبسيطة، لكنها لاقت استحساناً كبيراً من قبل أطفالي أولا ومن الناس بعدها، فشجعوني على الاستمرار في تطويرها، بدأت أبحث أكثر، وشاركت في العديد من ورشات العمل وأخذت الكثير من الدورات عن دراسة شخصية الطفل عن طريق علم الفراسة، لأتمكن من التصميم باحترافية أكبر، وبطريقة تلائم الأطفال أكثر وتناسب شخصياتهم على اختلافها.
حتى صارت الأمهات يتواصلن معي للحديث عن شخصيات أطفالهن وما يميزهم أكثر، فأصمم وأضيف بناءً على ذلك الأنشطة الأنسب للطفل ولشخصيته في الكتاب التفاعلي، كما أنهن يستشرنني في مشاكل أطفالهن، وحالياً أنا أقدم استشارات مجانية لهن.
وبهذا تحول عملي من عمل يدوي بسيط إلى عمل مدروس ومصمم بحرفية ليناسب ميول الطفل واحتياجاته، ويبعده عن مضار الإلكترونيات وآثارها السلبية، ويعزز من مهاراته وقدراته الذهنية والحركية، وينمي خياله واعتماده على نفسه، ويعزز من التآزر البصري والحركي واللغوي لديه.
كما أنني كنت أريد أن أقدم مشروعاً يحمل الهوية العربية، بدل شراء الألعاب والمنتجات الأجنبية البعيدة أحياناً عن ثقافة أطفالنا وميولهم.
الكتب التفاعلية التي أصممها تتميز بخفة الوزن، بحيث يمكن للطفل حمل الكتاب إلى أي مكان والاستمتاع به، ويمكن أيضاً تقديمه كهدية لطيفة ومفيدة للأطفال.
بالطبع واجهتني الكثير من التحديات، من ضمنها كان قلة المواد الخام وصعوبة الحصول عليها وضيق الوقت، كما أن فكرة العمل اليدوي بحد ذاتها كانت متعبة ومختلفة بالنسبة لي، خاصة وأن خلفيتي الدراسية والعملية هي الصيدلة، إضافة إلى نظرة البعض السلبية في مجتمعنا للمرأة التي تعتمد على نفسها، فتتعامل مع التجار والزبائن وتدير مشروعها الخاص بنفسها.
لكني بحمد الله تخطيت كل هذا، واستطعت أن أقدم مشروعاً طفولياً هادفاً يضمن للأطفال لعب وتعلم سليمين، فيحصل الطفل على كتاب يشبهه ويشبه اهتماماته، يستمتع به في أي وقت، ويحمله معه إلى أي مكان يذهب إليه.
ولابد من أن الفائدة من المشروع قد تضاعفت مع الأوضاع الحالية، حيث يعاني أغلب الأطفال من تبعات الإغلاق والحظر الذي قيد حركتهم ونشاطهم وأجبرنا على إعطائهم الإلكترونيات لتلهيهم قليلاً، بينما نتمكن نحن من إنجاز مهامنا اليومية وأعمالنا بحرية.
عزيزتي الأم، إذا كنت لا تملكين الوقت أو المكان المناسب لتسلية أطفالك وبناء قدراتهم كما يجب، ابحثي دائماً عن حلول ترفيهية مفيدة يمكن أن تشغلهم وتنفعهم في ذات الوقت، ولا تيأسي أبداً، فالحل موجود دائماً!