مذكرات
قصاصة .. أخرجت من مراهقة ما لا يمكن توقعه!
القصة بدأت عندما انشغلت تلميذتان عن شرح المعلمة وكانتا تضحكان، وكتبت إحداهما كلاماً على قصاصة، ولما أرادت مناولتها لزميلتها، طلبت المعلمة منها بحزم أن تسلمها القصاصة فرفضت بشدة، حاولت المعلمة أخذ الورقة فقامت الفتاة بتمزيقها ودفعت بالمعلمة التي غضبت بدورها وأخرجت الفتاة من الصف. فخرجت التلميذة وهي تهدد وتتوعد.
بعد ساعة وأمام مرأى من الطالبات جاءت سيدة وسألت المعلمة هل أنت فلانة؟ فأجابت المعلمة: نعم، فصفعتها السيدة بكل قوة على وجهها ونشب شجار بينهما أدى لجروح وخدوش في وجه المعلمة، لاحقا أصرت المعلمة على إيصال الأمر للقضاء.
شعرت الطالبات بالغضب حيال ما حدث لمعلمتهن، وبادرن إلى جمع مبلغ من المال يكفي لشراء باقة أزهار وعلبة من "الشوكولاتة" للمعلمة الفاضلة التي دخلت إلى الفصل، ولما وجدت الهدايا على مكتبها تأثرت حد البكاء من شدة الفرح، فكانت الدموع أقدر من الكلمات على شكر صنيع الفتيات.
* * * *
هذه القصة وغيرها من القصص عن السلوك السلبي للمراهقين تؤكد بأن الأسرة والقيم التي تتبناها لها الدور الأهم في رسم خطوات المراهق وتحديد سلوكه، فلو أن تلك الفتاة وجدت في بيتها وعند أبويها قيمة احترام الكبير، ووجوب طاعة المعلم؛ لما أقدمت على تلك الوقاحة، ولو أنها إذ عادت لأمها وجدت التأديب وتصحيح السلوك لكان خيرا لها وأقوم، لكنها على عكس ذلك وجدت عند أمها جهلاً يفوق جهلها لأنها أتبعته بعدوان على شخص يستحق التقدير والاحترام، فانحدرت بنفسها وابنتها إلى انحطاط في السلوك من الإنسانية إلى سلوك الغاب.
وبالمقابل فإنه من المؤكد بأن الفتيات اللواتي بادرن إلى رد الاعتبار للمعلمة نشأن في بيوتات سويّة تعلمن فيها عمليا من الآباء والأمهات بأن توقير الكبير واحترامه خط أحمر لا يجوز تجاوزه بحال، وأن طاعة الأبوين ومن في مقامهما كالمعلم واجبة فيما نحب ونكره.
إن المراهق ليس فطرا يخرج فجأة من الأرض، بل هو بذرة غرسها الأبوان وروياها بماء الحياء منذ سنوات الطفولة الأولى، ولما شقّت البذرة طريقها إلى النور، وأورقت براعمها اغتسلت بأشعة شمس الدين والقيم النبيلة التي يتحلى بها الأبوان؛ فمدت جذورها في الأرض وأورقت، وصلب واستقام عودها، نعم، قد تبتعد بعض أغصان تلك الشجرة، لكن الأمر لن يحتاج أكثر من تشذيب تلك الأغصان.
إن طفل الأمس الذي هو مراهق اليوم قد اكتسب من والديه ما هما عليه، فإن كان خيرا فخير، وإن كان شرا فشر، تماما كما يمتص الإسفنج ما حوله من ماء سواءً كان نظيفا أو قذرا.
وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه؛ فكيف تريد أم من ابنتها أن تصدقها القول وهي تسمع أكاذيب أمها التي لا تتوقف، تكذب على زوجها وعلى أختها وعلى جاراتها وعلى أولادها!! وكيف ينهى والد ولده عن التلفظ بألفاظ نابية وقد تلوث سمعه بما يردده أبوه من ألفاظ نابية في كل حوار، وعند كل موقف، بل إنه لا يناديه إلا بأقذع الأوصاف البذيئة!!
إن أطفالنا صفحات بيضاء نحن من نكتب عليها، فإذا بلغ الأطفال سن المراهقة فإنهم يأخذون منا الأقلام ويكتبون خبر المبتدأ الذي بدأناه.