مذكرات
مذكرات آدم: مشاريع ناجحة وأخرى فاشلة!
المشهد الأول: مشروع فاشل
بأعلى صوتها توقظ طفلتها: "استيقظي، تأخر الوقت يا كسولة"... بعد دقائق تصرخ بها مجددًا لتأخرها في الحمام، تفتح عليها الباب لتجدها تمسح (شامبو) سكبته على الأرضية بمنشفة. تصرخ مرة أخرى: "غبية! لم تكتفِ بسكب الشامبو بل تمسحينه بهذه المنشفة النظيفة"... تقذف في وجهها الزي المدرسي وتأمرها بارتدائه بسرعة.
تقول الطفلة لأمها: "أشعر بخوف من الامتحان!" تجيب الأم: "لأنك لا تستمعين لنصحي؛ فقد طلبت منك أن تذاكري للامتحان لكن الكلام لا ينفع مع (.....)، هيا أسرعي فالحافلة على وشك الوصول، ولا تنسي يا فاشلة محفظة أقلامك كالعادة".
في الحافلة تلاحظ أن البنات ينظرن إليها ويضحكن، تضطرب بشدة وسؤال واحد يلاحقها: لماذا يسخرن مني؟ لدى نزولها من الحافلة تكتشف أنها تلبس فردتي حذاء مختلفتين. تفكر بسرعة في الانسحاب من الموقف المحرج ومن الامتحان أيضاً، فتذهب لممرضة المدرسة وتقول: بطني تؤلمني، أريد إجازة مرضية يجب أن أعود إلى المنزل...
المشهد الثاني: مشروع ناجح
تقترب الأم من سرير ابنتها، تمسح شعرها وتقبِّلها وتقول: "ألا تريد هذه الشمس أن تستيقظ فإن يوماً جميلاً بانتظارها". تبتسم البنت وهي تنهض وتقبِّل أمها، ثم تذهب إلى الحمام، تقلق الأم لتأخر ابنتها، تدق بابه وتقول: "هل من مشكلة يا حبيبتي؟"
البنت: "مشكلة صغيرة!" الأم: "هل أفتح الباب؟" البنت: "نعم. تفتح الأم الباب لتجد ابنتها تمسح (شامبو) سكبته بمنشفة". تقول الأم: "جيد، ابنتي كبرت وشعرت بالمسؤولية، لكن يا ابنتي لا تستخدمي المنشفة التي نستعملها لوجوهنا لمسح الأرضية". تقول البنت: "حاضر وسأنتبه في المرات القادمة".
تقول البنت للأم وهي تتناول فطورها: "أمي، أشعر بالخوف من امتحان اليوم". الأم: "لا تخافي يا ابنتي، إنه شعور طبيعي، وقد تشعرين بأنك نسيتِ كل المعلومات التي ذاكرتها، لكن اطمئني فسيكون أداؤك في امتحان اليوم رائعًا، وستحوزين أعلى الدرجات. هيا بسرعة يا حبيبتي فالحافلة على وشك الوصول". تغادر البنت فتناديها أمها وتقول: "لقد نسيت أمرين، الأول قبلة ماما، والثاني محفظة الأقلام".
في الحافلة تلاحظ أن البنات ينظرن إليها ويضحكن لكنها لا تعير الأمر اهتماماً وتعود لمراجعة ما ذاكرت للامتحان. لدى نزولها من الحافلة تكتشف أنها تلبس فردتي حذاء مختلفتين، تضحك وتنادي زميلاتها: تعالين وانظرن إلى أحدث موضة اخترعتها، تلتف حولها الفتيات وتقول إحداهن: رائع جداً، أحب هذه الموضة، سأفعل مثلك غداً.
* * *
أطفالي يحدثون جلبة حولي تمنعني من متابعة القراءة في كتاب حول التعامل الذكي مع أطفالنا لكني فهمت الرسالة التي يريد أن توصلها المؤلفة من خلال المشهدين السابقين...
إن الطفل صفحة بيضاء نحن نختار موضوعها ونسطِّر عنوانها الرئيسي، ثم هو من يكتب في إطار الموضوع الذي اخترناه. فإذا كان لا يسمع منا إلا التوبيخ واللوم وأن نعطيه أسماء وعناوين مثل: كسول، غبي، لن تفلح أبدًا، لا فائدة ترجى منك... فإننا بذلك نضع الفشل نصب عينيه وندفعه دفعًا لما يظن أنه قدر مقدور ومصير محتوم.
إذا اعتبرنا أطفالنا مشاريع، فإن نجاح وتفوق هذه المشاريع يعتمد بشكل رئيسي على ما نمنحه لهم من حب وجهد واهتمام مقصود، وما نبثه في نفوسهم من تفاؤل وعزيمة وإيجابية وانتصار في التعامل مع النكسات والتحديات.
أغلقت الكتاب وناديت ولدي هاشم واعتنقت جسده النحيل، وقبَّلته واعتذرت له عن توبيخي له الليلة الماضية على تضييعه الصلوات، وقلت له: هل تعرف أنك عندما تتوضأ أرى في وجهك نورًا؟ وهل تعلم أني أحب أن تجهر بصلاتك حتى أسمع تلاوتك الجميلة. فنهض من فوره وتوضأ وجاء يتلألأ وجهه بماء طهور وشرع يصلي دون أن يجفف أعضاءه كعادته.
لقراءة المزيد من مذكرات آدم: