أرى نفسي في شيرين أبو عاقلة. كان حلمي أن أصبح صحفية استقصائية وأتخصص في القضايا التي تبقيني قريبة من الإنسانية ولا أقرب على المرء أكثر من فلسطين! لقد كان والدي قلقاً جداً بشأن حلمي هذا، ونصحني بعدم القيام به خوفاً من أن أواجه أنا أيضاً نفس المصير الذي واجهته شيرين، وأن تؤخذ حياتي على يد الغاصبين في جنين.

وتخبرني أن الأمر ليس شخصيًا.

أرى نفسي في كل أم في غزة قلقة على أطفالها... قلقة من أن يمر جوعهم ومرضهم بعيون هذا العالم المريض مرور الكرام. إنني أرى عينيّ طفلتي المذعورة في عيون كل طفل في غزة. تعيش حالياً خوفًا لا يوصف ولا يمكنك التعبير عنه عند رفعك لهاتفك لتتابع ما على شاشته. ليالي يناير هي الأسوأ، فإلى أي حد يمكن للخيمة أن تدفئ جسد الطفل الصغير الذي فقد والدته قبل يومين فقط؟

وتخبرني أن الأمر ليس شخصيًا.

أسمع نفسي بصوت ابنة عمي التي تسكن في نابلس والتي تستيقظ كل يوم لا تعرف ما ستقدمه لها هذه الحياة. ومع ذلك فهي تثابر وتصلي من أجل وطن حر. وطن سيسمح لها بالانتقال من مدينة إلى أخرى دون طغيان نقاط التفتيش، تتنقل بسرعة نسر تم إطلاق سراحه مؤخرًا من الأسر.

وتخبرني أن الأمر ليس شخصيًا.

أرى وجه والدي في تجاعيد رجل فلسطيني يجلس بجانب أنقاض منزله. الذي قضى حياته في بنائه ليعلم أن أولاده آمنون. لكن هذا العالم دفن الأمن والأمان تحت الركام مع الأطفال.

وتخبرني أن الأمر ليس شخصيًا.

أرى صمود أمي وقوة جدتي وفخرهما بنساء فلسطين، يحملن طفلهن بيد وزجاجة زيت زيتون معصورة طازجة باليد الأخرى بعد أن أمضين موسم الحصاد في جني ثمار عملهن طوال العام. أراهن حتى أسمع طلقات نارية تحطم كل ما أرى.

طوال عقود لم نتلق سوى الظلم والموت والتهجير والقهر ووجع القلب. وفي كل مرة حاولوا القضاء علينا، عدنا بكل قوة وصمود وإصرار. فكل تجربة حطمت أرواحنا شهدناها ونجونا منها أعطتنا سببًا أكبر لنكون فلسطين. يحاولون محو تاريخنا ويحاولون سرقة هويتنا، لكن العالم يراهم على حقيقتهم؛ جبناء.

إن ارتباطنا بأرضنا أقوى من أي وقت مضى، وبغض النظر عما يعتقد مضطهدينا أنهم يفعلون بنا، فسوف ننهض لأننا الحقيقة.

وهذا بالتأكيد أمر شخصي...