مقابلات
عن الاكتئاب بتفاصيله مع الأخصائي النفسي سلطان الجويسر
حسب التقديرات الصادرة من منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 300 مليون شخص بالعالم يعيشون حالة اكتئاب (الدراسة صادرة في 2017) وبأن الاكتئاب هو سبب من أسباب اعتلال الصحة والعجز في جميع أنحاء العالم.
قد يصيب الاكتئاب فئات عمرية مختلفة، قد يصيب الطفل والمراهق والبالغ و كبار السن، وقد يصيب المرأة أو الرجل.
لفترة طويلة كان يعتبر الاكتئاب و الذهاب للعلاج النفسي وصمة على صاحبه في كثير من المجتمعات، لذلك كان هناك تردد كبير في اللجوء إلى العلاج وغالباً صاحب الاعتلال يلتزم الصمت خوفاً من النظرة المجتمعية له ويحول هذا بينه وبين حصوله على العلاج والدعم اللازم.
أصبحنا نشهد تغيير في هذا المفهوم لزيارة العلاج النفسي وأصبح اللجوء للعلاج النفسي خياراً متاحاً، ولكن مازلنا نحتاج لوعي أكثر وفهم أكثر.
سنناقش في هذا اللقاء مع الأخصائي النفسي سلطان الجويسر موضوع الاكتئاب ونتحدث عن بعض التفاصيل المهمة والمفاهيم الخاطئة بشأنه.
ما الفرق بين الحزن والاكتئاب؟ وما هو الخط الفاصل بينهما؟
يوجد اختلاط دائم ما بين الحزن والاكتئاب، ولكنهما حالتان مختلفتان، الحزن هو جزء من الاكتئاب وقد يكون مرتبط بإحدى المشاكل التي تواجهنا بشكل يومي فينتهي بانتهاء المشكلة أو بعد مرور فترة ولا يعطل أمور الحياة فيستمر المصاب بالحزن بتأدية أمور حياته اليومية بشكل طبيعي وغالباً يستطيع التغلب عليه بعكس الاكتئاب الذي يجد فيه المريض نفسه عاجزاً عن القيام بالمهام والأعمال بنفسه، وقد يظل على هذا الحال ويجد صعوبة في الخروج من وضعه دون تدخل علاجي.
يتكرر الحزن مع المشاكل الصغيرة ويكون لفترة قصيرة ومؤقتة قد تكون لساعات أو أيام ولا يمتد لأسابيع أو أشهر أو سنوات كما هو الحال عند الإصابة بالاكتئاب ولا ينتقل لكونه حالة مرضية غالباً إذ أنّ الحزن ليس بمرض، ولكنّ الاكتئاب مرض وتتفاوت حدة هذا المرض فقد يأتي الاكتئاب خفيفاً وقد يكون متوسطاً أو حاداً.
هل من الممكن أن يكون الاكتئاب وراثي؟
نعم من الممكن أن يكون الاكتئاب وراثي، وقد يتواجد بشكل مزمن.
ما هي المظاهر الرئيسية للاكتئاب؟
تتعدد مظاهر الاكتئاب وقد تختلف وتتفاوت من حالة إلى أخرى ومن أبرزها:
- قلة الاستمتاع بالأمور اليومية التي كانت ممتعة للشخص بالسابق.
- ظهوره بمزاج حزين في أغلب الوقت ويظهر هذا على ملامحه،
- ضعف الشهية للأكل وضعف الوزن وأحيانا قد يكون العكس فيصاب بزيادة بالوزن.
- قلة النوم أو زيادته بشكل ملحوظ، الكوابيس والأحلام المزعجة.
- نقص النشاط والإحساس بالإجهاد وفقدان الطاقة.
- الشعور الشديد بالذنب.
- الصعوبة في التركيز واتخاذالقرارات.
- الإحساس بعدم القيمة وقد يؤدي هذا الإحساس في بعض الحالات إلى محاولة الانتحار.
هل الاكتئاب يصيب فئة عمرية معينة أكثر عن غيرها؟ ومن الأكثر عرضة له؟
يختلف من مجتمع لآخر، ولكن من ملاحظتي في العيادة أغلب الحالات المصابة بالاكتئاب هي من فئة الإناث وتتراوح أعمارهن ما بين سن 20 إلى سن 40، وتختلف في ذلك الدراسات والإحصائيات المقامة بهذا الخصوص من مجتمع إلى أخر.
أحياناً قد يؤدي خلل في هرمون الغدة الدرقية و نقص بعض الفيتامينات والمعادن إلى الدخول في حالة من الاكتئاب ومن أهمها الحديد ، د ، ب١٢ ، ب٦ ، ب٢
وقد تؤثر الظروف الخارجية وتزيد من تعرض الشخص للاكتئاب مثل طبيعة العمل إن كان الشخص يتعامل مع حالات الموت بشكل يومي مثل الأطباء وقد يحدث العكس ويصابوا بحالة من الجمود لكثرة التعرض للأمر، ومن الممكن أيضاً أن يمر المعالج النفسي بفترات من الاكتئاب و علي أي حال بيئة العمل السيئة قد تكون أيضا مسببة للاكتئاب.
هل يسبب الاكتئاب مضاعفات معينة إن لم يتم علاجه؟
نعم قد يؤدي إهمال مرض الاكتئاب إلى مضاعفات إذا ترك دون علاج قد ينهي الشخص حياته الاجتماعية بالكامل وتسوء علاقته بالأكل والنوم وقد يبدأ بالتفكير بعدم أهمية حياته وبأنها دون قيمة وأحياناً يفكر بالانتحار إن زادت الحالة سوءاً.
ومن الممكن أيضاً بأن تكون حالة الاكتئاب متوسطة أو خفيفة يستطيع الشخص بأن يمارس حياته ويتخطى الحالة، ولكن ربما أنها سوف تعود إليه في فترات مختلفة لذلك الأفضل التوجه للعلاج النفسي بدلا من مقاومتها وحيدا.
هل صحيح بأن الاكتئاب يصيب المرأة أكثر من الرجل؟ وهل هي أكثر عرضه له؟
لا نستطيع أن نعمم الإجابة لأن هناك معطيات مختلفة تؤثر على نسب الإصابة وتفاوتها بين الجنسين، ولكن أحياناً طبيعة التعامل مع المرأة في بعض المجتمعات قد يجعلها أكثر عرضة للاكتئاب و الاحصائيات بشكل عام في الاكتئاب تشير إلى أنه لدى النساء أكثر.
كيف يمكن لاكتئاب المرأة أن يؤثر على حياتها مع أهلها وزوجها وأطفالها إن كانت أُمّاً أيضاً؟
في بعض الأحيان قوة التحمل و الصبر لدى المرأة أكبر من الرجل ، ولكن بعد مرور فترة طويلة من الضغوطات المكررة والمستمرة قد تصل لحالة من الانهيار وهذا بالتأكيد سوف يؤثر بشكل سلبي على علاقتها بزوجها وأطفالها. لنذكر في ذلك حالة الاكتئاب ما حول الولادة وما بعد الولادة قد تصل فيها الأم لمرحلة شديدة من الاكتئاب وتكره مولودها التي وضعته.
من يصاب بالاكتئاب قد يؤثر ذلك على أي طرف من الأطراف المحيطة به سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى العلاقات الاجتماعية.
كيف تتم معالجة الاكتئاب؟
أولاً يجب تحديد شدة الاكتئاب و نوعه، ومن ثم وضع خطة علاجية إما باستخدام العلاج نفسي بجانب العلاج الدوائي أو أن يكتفى بجلسات العلاج النفسي أو الدوائي فقط وهذا يعتمد على تشخيص الحالة و تقييم المعالج.
هل تؤدي الأدوية المضادة للاكتئاب للإدمان؟
يوجد هذا الاعتقاد الخاطئ لدى الكثيرين بأن جميع الأدوية النفسية إذا تم استخدامها لفترة ما فهي تسبب الإدمان، ولكن في الحقيقة إن تم استخدام هذه الأدوية تحت إشراف المختص فهي علاج فعال ومهم في علاج الكثير من الحالات. من جهة أخرى إن تم صرف واستخدام الأدوية دون إشراف المختص وبطريقة خاطئة قد تؤدي إلى الإدمان وإلى مشاكل صحية عديدة.
ما هي العلامات التحذيرية التي تسبق حالة الاكتئاب؟
يبدأ الشخص في الانسحاب من العلاقات الاجتماعية، قد يبدأ بالتأخير والتقاعس في عمله، قد يغلب عليه الصمت في كثير من الأوقات، ينام لساعات طويلة، قد نلاحظ تغيير في الشهية زيادةً أو نقصاناً. كل هذه العلامات قد تكون مؤشراً ببداية دخول هذا الشخص في حالة من الاكتئاب.
كيف يمكن لأفراد العائلة تقديم المساعدة والدعم؟
دور الأهل مهم جداً للمصاب بمرض الاكتئاب وللمصابين بالمرض النفسي بشكل عام أياً كان، بتواجدهم حوله باستمرار وتقديم الدعم له ومساعدته بالاستيقاظ من النوم وعدم تركه لوحده لوقت طويل، يمكنهم أيضاً مساعدته في الأكل إن كان يعاني من قلة الشهية، محاولة تحقيق رغباته وإسعاده بكل الطرق الممكنة وإخراجه من الحالة المزاجية الملازمة له.
ما هي أفضل الممارسات لتجنب الاكتئاب قبل الإصابة به أو بعد العلاج منه؟
من أهم الممارسات هي التواجد مع الناس وعدم الانعزال عنهم حتى وإن كان الشخص لا يود التحدث مع الآخرين، فوجوده مع الآخرين والاستماع لأحاديثهم قد ينقل تفكيره من حالة معينة إلى حالة أخرى لأنّ تواجده بمفرده سوف يؤدي غالباً إلى أفكار سلبية وسوداوية.
أيضاً من الممارسات التي قد تؤثر إيجاباً على النفسية هي ممارسة الهوايات وزيارة أماكن محببة لدى الشخص أو التواجد مع أشخاص يشعر بالراحة والسعادة بقربهم، شراء هدية لنفسه، والاستماع للموسيقى.
ومن الأمور المفيدة أيضا والفعالة والتي أنصح بها بشدة هي ممارسة الرياضة فالرياضة لها أثر بالغ على النفسية وتحسن المزاج.