أخبار حول العالم
عن ما حدث للأطفال المحتجزين في تايلاند ومعاناة أمهاتهن
في الشهور والأسابيع الماضية، سمعنا كأمهات العديد من الأخبار القاسية والتي يصعُب احتمالها؛ قصص عن أطفال تم فصلهم قسراً عن والديهم، أو أمهات وآباء حادين على أبنائهم الذين خسروهم في ظروفٍ مأساوية قد تكون ثقيلة على قلوب الأهالي الذين اختبروا كيف تكون الحياة بوجود ابن، وكم الحب الهائل في قلوبهم إلى هذا المخلوق الصغير.
فنقوم بقراءة الأخبار، ونحضن أطفالنا بقوة، ونشعر مع الأمهات اللواتي لا يستطعن ضم أطفالهن على صدورهن، وتنفطر قلوبنا لأجلهن. ولحسن الحظ فإن الخبر الذي يتصدر عناوين الصحف والوسائل الاجتماعية حالياً يحظى بتعاطف وابتهاج جميع الأمهات حول العالم لمعرفة أن اثنتي عشرة أماً تَمَكَنَّ من لقاء أطفالهن بعد أن كُنَّ على وشك أن يفقدن الأمل بعد ١٥ يوماً من الاحتجاز داخل أحد الكهوف في تايلاند جرَّاء الأمطار الغزيرة.
فقد كان فريق كرة القدم والمكون من اثني عشر صبياً تتراوح أعمارهم بين الـ ١١ والـ ١٦ومدربهم الذي يبلغ من العمر ٢٥عاماً يستكشفون أحد الكهوف بعد الانتهاء من التدريب في الغابات في حزيران ٢٣عندما انهمرت أمطار مفاجئة أدت إلى إغلاق الكهف واحتجازهم في إحدى قنواته المظلمة.
وتمكن فريق الإنقاذ الذي ضم خبراء من تايلاند وأستراليا والصين وماينمار والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة من إيجاد الأطفال ومدربهم في الثاني من تموز، حتى أن البحرية الملكية التايلاندية تمكنت من نشر فيديو لهم على صفحتها الرسمية على الفيسبوك مانحين الأهالي الذين كانوا ينتظرون أي خبر فرصة رؤية وجوه أبنائهم وأملاَ في لقائهم مجدداً.
لم يكن الأمر سهلاً أبداً حيث فقد أحد المنقذين، ويدعى سامان جونان (Saman Gunan) حياته أثناء العملية، بينما كان يوصل خزانات الأوكسجين لهم، وبذلك سيبقى في ذاكرة المجتمع والعالم كبطلٍ قضى في سبيل إنقاذ غيره.
الجدير بالذكر أن عملية الإنقاذ تمت على عدة مراحل، فبعد أن حددوا موقع الأطفال، كان يجب تهدئتهم وتحضيرهم إلى الخروج الأمر الذي استغرق وقتاً كونهم بحاجة إلى تعويض السوائل التي فقدوها إضافة إلى الغذاء كي يكون بإمكانهم تحمل مشقة الخروج دون أية مضاعفات.
تم بعد ذلك نقلهم عن طريق الطيارات إلى المستشفى، وهم حالياً في منطقة العزل لتجنب خطورة نقل أي عدوى لهم لضعف مناعتهم كما عليهم أن يبقوا مرتدين نظارات شمسية بسبب الفترة الطويلة التي قضوها دون التعرض إلى الأضواء، ويُقَدَّم إليهم الطعام سهل البلع والامتصاص، وسيبقون لمدة أسبوع تحت المراقبة. وفي الحديث مع نائب المدير العام في وزارة الصحة، أشار إلى أن الأطفال بصحة جيدة بشكلٍ عام حيث قال "الأطفال لاعبي كرة قدم، لذلك فإن لديهم مناعة قوية".
وبالحديث عن كيفية تمكنهم من البقاء هادئين طيلة هذه الفترة، فإن الفضل يعود إلى مدربهم إيكابول تشانثاونج (Ekapol Chanthawong) الذي عانى من فقدان والديه وجميع أهالي قريته وهو في العاشرة من عمره بوباءٍ أصاب الجميع ولم ينجُ منه سواه هو وجدته التي قالت بأنه دائماً ما يمنح طلابه الاهتمام والرعاية والوقت، وبأنها كانت متأكدة بأنه سيبقي على الأطفال هادئين وآمنين كونه يدرك تماماً معنى أن يفقد أحدهم أحبته، حيث استثمر وقتهم محتجزين في ممارسة التأمل ومن ثم أخذهم بجولات داخل الكهف باستخدام دراجاتهم الهوائية، حريصاً على سلامتهم ومُشاركاً إياهم حصته من الغذاء الأمر الذي جعله يعاني من سوء في التغذية وهو يخضع إلى العناية اللازمة حالياً وبالتالي فقد تمكنوا من رؤية أهاليهم أخيراً حتى ولو من خلال نافذة (حتى الآن).
قلوبنا مع الأمهات والآباء الذين لا يطيقون صبراً بانتظار اللحظة التي سيحتضنون بها أولادهم، إلا أنهم على الأقل سيحظون بنوم هادئ مطمئنين بأن أطفالهم أخيراً بأمان.
*المصادر:
- Mother.ly
- bigthink.com
- Canadian Press
- Tales of an Educated Debutante (Facebook Page)