العناية بالذات
أحياناً تكون العناية بالذات أنانية ولا بأس بذلك
نقرأ ونسمع كثيراً عن العناية بالذات وأول ما يتبادر إلى أذهاننا هي منتجات العناية بالبشرة، وحمام الفقاعات، واليوغا، وغيرها، ولكن العناية بالذات هي أكثر مما يتم تسويقه على وسائل التواصل الاجتماعي.
بدأ مفهوم الرعاية الذاتية بالاهتمام بالجسد والعناية به، ثم تطور إلى مفهوم الاهتمام برفاهيتك وصحتك العاطفية والنفسية.
قد تعتذرين يوماً ما عن دعوة عشاء أو ربما تختارين عدم الرد على مكالمة هاتفية، وهذا قد يشعرك ببعض الأنانية أو الذنب.
ولكن إذا كان البقاء في المنزل يساعدك في تحديد أولوياتك وتجديد طاقتك وشفائك الروحي، فهل أنتِ حقًا أنانية؟
إعادة تعريف معنى الأنانية
عندما تتبادر كلمة "أناني" إلى الذهن، غالبًا ما يثير هذا المصطلح دلالات سلبية في البداية. نعتقد أن الأنانية هي خدمة الذات فقط والاهتمام بالنفس على حساب الآخرين. ومن المفترض أن نتجنب التفكير في "أنا واهتماماتي"، أليس كذلك؟ هذا الأمر دفعك ودفعنا لمحاولة إرضاء وخدمة الآخرين فقط، حيث إن العطاء يُعلَّم على أنه مفضل على الأخذ؟ لذلك، ما زلنا نفكر في الأنانية على أنها الأوقات التي نضع فيها أنفسنا أولاً.
ولكن علينا تغيير منظورنا للأمور، فعلى سبيل المثال، قيل لنا إننا بحاجة إلى ضبط قناع الأكسجين الخاص بنا أولاً قبل مساعدة الآخرين في حالة الطوارئ بالطائرة. لن يتهمنا أحد بالأنانية لاتباع هذه التعليمات أليس كذلك!؟
فكرري الآن معنا: لن أعاتب نفسي لكوني "أنانية".
أحيانًا أن تكون "أنانيًا" ليس بالأمر السيئ. هناك أوقات تكون فيها الأنانية هي الشيء الصحيح الذي يجب عليك فعله من أجل صحتك ورفاهيتك. هذه بعض الأوقات التي يكون فيها الاعتناء بنفسك أمرًا ضروريًا:
1. عندما تحتاجين إلى المساعدة
يحتاج الجميع إلى المساعدة من وقت لآخر، لكننا غالبًا ما نتجنب طلبها. سواء اعترفنا بذلك أم لا، فإن طلب المساعدة في بعض الأحيان قد يجعلك تشعرين بأنك غير كفء أو ضعيفة أو محتاجة.
لكن من المهم طلب المساعدة عندما تحتاجينها. إذا كانت ضغوط مشروع العمل تنتابك، فاطلبي من أحد زملائك في العمل المساعدة أو قومي بتفويض المهام. إذا كنت تشعرين بالوحدة وكنتِ بحاجة إلى الرفقة، فاطلبي الدعم من صديق. إذا كنت بحاجة إلى رأي خارجي غير متحيز، فاطلبي العلاج.
2. أنت بحاجة إلى الراحة
عندما تشعرين بالتعب - لا يهم ما إذا كان عاطفيًا أو عقليًا أو جسديًا - فقد حان وقت الراحة. في بعض الأحيان يكون فقط ما تحتاجينه هو النوم.
هناك عدد من العواقب لعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، بما في ذلك مشاكل التركيز وضعف جهاز المناعة ومشاكل الذاكرة. يمكن أن يكون لقلة النوم تأثير سلبي على علاقاتك. لكننا نشعر غالبًا أنه يتعين علينا المجاهدة والاستمرار رغم التعب، ولا يكون النوم على رأس أولوياتنا.
لكن الحقيقة هي أننا بحاجة إلى الراحة. إذا كنت تعملين لوقت متأخر وتتخطين النوم، فقد حان الوقت لإيجاد بعض التوازن بين العمل والحياة. وفي المرة القادمة التي تختارين فيها العودة إلى المنزل والنوم بدلاً من تناول العشاء مع الأصدقاء، فلا بأس بذلك. إذا كان هذا يسمى أنانية، فهذا هو النوع الذي تريدينه.
الراحة لا تعني دائمًا النوم أيضًا. سواء كان عقلك يشعر بعدم التوازن أو كنت تعانين من حالة صحية، اعتبريها يومًا مرضياً وقومي بأخذ إجازة. ولا تشعري بأنك مضطرة لغسل الملابس بما أنك في المنزل هذا اليوم. اقرئي كتابًا في السرير، أو شاهدي فيلم، أو خذي قيلولة.
إذا كنت تشعرين بالتعب أو الإرهاق أو الألم، فقد حان الوقت للحصول على قسط إضافي من الراحة وعدم الشعور بالذنب حيال ذلك. الراحة ضرورية لأي نوع من التعافي.
3. أنت بحاجة فقط إلى وقت بمفردك
قد لا يتفهمها بعض الناس عندما تختارين البقاء في المنزل على الخروج. إذا كان هذا هو خيارك وتشعرين بالراحة تجاهه، فلا تشعري بالأنانية لأنك تريدين أن تكوني وحيدة.
نحتاج جميعًا إلى قضاء بعض الوقت بمفردنا أحيانًا، وبعض الناس يحتاجون وقتاً أكثر من غيرهم. قد تكون المناسبات الاجتماعية مرهقة لبعض الناس. لا عيب في قضاء بعض الوقت لنفسك.
إذا كنت تعملين بلا توقف، أو كان مزاجك متخبط، أو كنت بحاجة إلى إعادة تقييم علاقاتك، فقد يكون الآن الوقت المناسب للتخطيط لقضاء بعض الوقت بمفردك.
لست بحاجة إلى ملء التقويم الخاص بك بالأحداث الاجتماعية والزيارات إلا إذا كنت ترغبين في ذلك. قومي بتجهيز حمام ساخن، وافصلي ذهنك عن العالم الخارجي، واحصلي على "وقتك الخاص" الذي كنت تتوقين إليه.
4. حان الوقت لإنهاء علاقة، أو وظيفة، أو وضع معيشي
ليس من السهل أبدًا الانفصال عن شخص مهم أو الانتقال إلى مدينة جديدة أو ترك وظيفة. إذا كنت تشعرين بشعور سيء عندما تتفاعلين مع شخص ما أو تخشين مواجهته مرة أخرى وينتابك شعور بالضغط والقلق تجاهه، فقد حان الوقت لإعادة التفكير في علاقتك.
غالبًا ما نبقى في صداقات أو علاقات لأننا نخشى إيذاء شخص ما. ولكن عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الضارة، فأنت بحاجة أحيانًا إلى أن تضعي نفسك في المرتبة الأولى، إذا كان هناك شيء ما يؤثر على صحتك، فقد حان الوقت لتوديعه.
5. العطاء ليس أهم من الأخذ!
يجب أن تتمتع أي علاقة بتوازن جيد بين الأخذ والعطاء. ولكن عندما تنقلب الموازين بحيث يكون كل ما تفعليه هو العطاء وكل ما يفعلونه هو الأخذ، فقد يكون الوقت قد حان للقيام بشيء ما.
التوازن بين الأخذ والعطاء مهم بشكل خاص عند العيش مع شخص ما. هل تجدين نفسك تقومين بجميع المهمات والأعمال المنزلية عندما تعودين إلى المنزل من العمل بينما الطرف الآخر يعود ليرفع قدميه ويستريح؟ من المهم أن يكون لديك توازن لتجنب تراكم شعور الاستياء والتعب.
اعتمادًا على الموقف، قد تختارين التحدث إليهم، أو أخذ استراحة قصيرة لإعادة الشحن، فليس من الأنانية إعطاء الأولوية لاحتياجاتك الخاصة على حساب الآخرين أحياناً إذا كان فعل العطاء يسبب لك المزيد من الأذى.
6. تجنبي الإرهاق بعد العمل أو في حياتك الشخصية
كل شخص عرضة لإرهاق العمل. يمكن أن تستنزف بعض المهن طاقتك بشكل استثنائي. عندما يحدث الإرهاق، يمكن لذلك أن يضر بحياتك المهنية والشخصية.
تشير إحدى الدراسات إلى أنه بالنسبة لأصحاب مهن الصحة العقلية، قد يكون من "الضروري" لهم ممارسة الرعاية الذاتية.
لذلك عندما يحين وقت انتهاء الدوام، قومي بإيقاف تشغيل إشعارات العمل وتأجيل الرد على رسائل بريدك الإلكتروني إلى الغد. في معظم الأحيان، يمكن التعامل مع أي شيء بشكل أفضل غدًا بدلاً من منتصف الليل.
بغض النظر عن طبيعة عملك، تأكدي من أن لديك وقتًا لفصل نفسك عن العمل. يمكن أن يساعدك إنشاء هذا التوازن بين العمل والحياة على تجنب الإرهاق وتحقيق المزيد من السعادة لحياتك الشخصية.
اهتمي بذاتك
لا تهملي نفسك وصحتك لتتجنبي الشعور بالأنانية. لا يجب أن تكون الأنانية شيئًا سيئًا. قد يكون من الجيد أن تكوني أنانية قليلاً لتعتني بصحتك العاطفية والعقلية والجسدية.
كثير من الناس الذين يركزون بالكامل على العطاء والاستسلام ينتهي بهم الأمر بالإرهاق والتعب والتوتر. وقد تم ربط الإجهاد المزمن بعدد من المخاطر الصحية، بما في ذلك حالات مثل مرض السكري والسرطان والأمراض العقلية.
يمكنك تقليل توترك بأن تكوني أنانية قليلاً بين الحين والآخر وتطبيق بعض ممارسات العناية الذاتية الجيدة.
المراجع:
https://www.healthline.com/health/when-to-be-selfish-self-care#Take-care-of-yourself