العلاقات
كيف نُسعد والدينا؟ هل الهدايا هيَ كل شيء؟
كثيرًا ما نفكر في أن نُسعد أمهاتنا وآبائنا، وأن نكون جزءًا سعيدًا لطيفًا من حياتهم ونردّ لهم بعض الجميل الذي أغدقوه علينا طيلة سنوات حياتنا منذ الطفولة وحتى الشباب، والدارج لأول وهلة هو أن يقوم أحدنا بإهداء والديه أو أحدهما هديّة قيمة فاخرة، تليق بمقامهم من بين الناس في قلوبنا، إلا أن هناك طرقًا أخرى أعمق أثرًا وأكثر سعادة لهما، فكري فيها مليًا وطبقي ذلك مع والديك وأضمن لك إسعادهم:
حسن المصاحبة:
حين كنا صغارًا كانت الأحاديث مع الأم والأب هي الجزء الأفضل من يومنا، ووسط انشغالاتهما ودأبهما المتواصل للقيام بمسؤولياتهما المتعددة، كانوا يمنحونا قدرًا ليس بالقليل من وقتهم واهتمامهم وأذنًا صاغية لأحاديثنا الطفولية وأسئلتنا اللامتناهية وحكايانا البسيطة، ومع مرور الأيام حين تتباعد الاهتمامات ونستغرق في حياتنا الشخصية واهتماماتنا المتجددة قد يقل الحديث الطويل مع والدينا، ويزيد في المقابل حديثنا وتبادلنا التجارب والآراء في مختلف الموضوعات مع أصدقائنا وأقراننا من جيلنا، وهذا يُحدث فجوة بين الأبناء والآباء، فلا أجمل للوالدين من حسن مصاحبتهم فهم أولى بها من غيرهم جرّبوا أن تأتوا إليهم محملين بأجمل الحكايا، وأطرف المواقف، ومختلف التجارب والخبرات الثرية التي مررتم بها وتبادلوا معهم حديثًا شيقًا كحديث الأصدقاء فسيكون من أفضل الأوقات المشتركة بينكما.
اتركوا مشكلاتكم عند الباب وادخلوا إليهم:
اعتدنا منذ نعومة أظفارنا بأن قلب الأم والأب يتسع لهمومنا من أصغرها لأثقلها، ودائمًا ما يكون لديهم الحلول السحرية، وإن لم يجدوها فكلماتهم الحانية وتعاطفهم مع ما نشعر به في تلك اللحظة تحديدًا يكون بمثابة حضن لقلوبنا وتهدئة فورية المفعول لمتاعبنا، إلا أن تلك الشكاوى والمتاعب التي تصحب كل منا في مراحل حياته، لا ينبغي أن يكون ملجؤنا الدائم فيها الوالدين، فهم أكثر من يهتمّ ويغتمّ فنغادرهم ونحن مرتاحي البال متخلصين من مشاعرنا السلبية، بينما يتحملوا هم عناء ذلك. فتبقى همومنا معهم، وليس ذلك هو الأولى! فكما ترقّ العظام عند الكبر ويضعف الجسد، كذلك النفس، تضعف وترقّ ولا تبقى قادرة على حمل المزيد من الأثقال المعنوية، فحاولوا ترك مشكلاتكم عند باب البيت، وادخلوا إليهم بابتسامة عريضة، وتفاؤل، وأخبارٍ تسرّهم عنكم وتطمئنهم إلى أن فلذة فؤادهم بأفضل حال.
التواجد في المناسبات التي تهمّهم:
إن إحدى أكبر وأهم أسباب السعادة لدى معظم الأمهات والآباء هي أن يصاحبهم أبناؤهم في المناسبات الاجتماعية، فيشعروا بالفخر بهم وبالأُنس معهم، وأنهم مهتمين بأمر العائلة والتواصل الجيد مع الكبير والصغير، ومعرفة أحوالهم وأخبارهم، وقد يتعذر الأبناء بكثرة الانشغالات وسرعة عجلة الحياة فيصبح ذلك التواجد الاجتماعي في آخر قائمة المهام والأولويات، إن كنتي مهتمة بإسعادهم حقًا فقومي بالاتصال على عمكِ أخ والدك باستمرار في مختلف المناسبات: الترقية، الأعياد، المناسبات الدينية، الانتقال لمنزل جديد، القدوم من سفر، المرض، التعزية، قدوم مولود جديد أو حفيد لعائلته، ثم أخبري والدك بذلك على سبيل الحديث العابر أو إبلاغه السلام، وتأكدي أنه سيكون سعيدًا بهذا. وينطبق الأمر على والدتكِ فلا تترددي في مرافقتها لزيارات التهنئة لقريباتها بالمولود الجديد، أو دعوات حفلات الزفاف بقدر ما تستطيعين، أو تأدية واجب العزاء لكل من يعزّ عليها، وغير ذلك كثير، وإن تعذر الحضور، استعيضي بالاتصال، أو حتى الرسائل الصوتية أو المكتوبة فالتكنلوجيا سهّلت الأمر كثيرًا، فقط علينا أن نكون أرهف حسًا وأقرب ممن يهمنا أو يهم والدينا أمرهم.
من خلال إنجاح مشروعهم الشخصي الذي هو أنت!
أفنى والدينا شبابهم في البذل والعطاء ومحاولات التطوير والتقويم لنا، ليصنعوا منا أفرادًا صالحين لأنفسهم وللحياة من حولهم، وتتفاوت الأهداف بين عائلة وأخرى إلا أن السعي المشترك بينهم جميعًا هو أن نكون ناجحين، فلا أجمل من إسعادهم من خلال تطبيق رؤاهم فيك، وإشعارهم أن المجهود لم يذهب سدًى، أخبرهم أولاً بأول عن نجاحاتك وخطواتك المتواصلة وإصرارك على التقدم والتطور ومختلف الإنجازات التي تقوم بها، كوني سببًا لشعورهم العميق بالفخر فذلك أجمل من عشرات الهدايا في الأعياد والمناسبات!
استشارتهم والاعتداد برأيهم السديد
لدى والدينا خبرة لا بأس بها في معاركتهم الحياة، اكتسبوها على مدار الأيام والسنين بقدر ما اختبروه من مواقف، ومن تعاملات واسعة مع مختلف أصناف الناس، ثمّني ذلك باللجوء إلى رأيهم السديد وقدّريه بشكلٍ فعلي بعيدًا عن الكلمات المنمقة، بأن تستشيريهم في مجالات اطلاعهم وخبرتهم فذلك يُسعدهم، ويفيدنا كثيرًا أيضًا.
تلمّس الحاجات والمبادرة بتقديم الخدمات
قد لا يخطر ببال والديكِ طلب خدمة معينة منك، ولكن من بين ثنايا كلماتهم وأحاديثهم عما يؤرقهم أو يتعثر تحقيقه معهم وبادر بتقديم خدماتك، ولو كانت بسيطة كالخدمات الالكترونية، أو الحجوزات الطبية، أو حتى طلب جلسات المساج العلاجي أو الاسترخائي لهم، والقائمة تطول بأنواع وتصنيفات الخدمات لكن أمر إسعادهم يستحق الاهتمام فعلاً فلا تتثاقلين عن ذلك، وتزداد الأهمية إن طلب أحدهم أمرًا بعينه حينها يكون قد أهداكِ طريقة لإسعاده على طبقٍ من ذهب.