الأطفال الصغار 15-18 أشهر

لكي لا نختلف كأبوين: لنتفق على أسس لتربية أبنائنا

لكي لا نختلف كأبوين: لنتفق على أسس لتربية أبنائنا
النشر : سبتمبر 20 , 2018
آخر تحديث : ديسمبر 28 , 2021
أتمت حنان الماجستير من الجامعة الأردنية عام ٢٠٠٥، حيث كان موضوع رسالتها التي أعدتها لنيل الماجستير يتناول التعلق لدى المراهقين وعلاقته بتقدير... المزيد

حين نتزوج، فإننا نأتي إلى الزواج من بيئتين مختلفتين -مهما تقاربتا- ونحمل أفكاراً مختلفة، ونكون قد مررنا بتجارب مختلفة، وربما عملنا على التعامل معها بشكل جيد أو لم نفعل. هذا كله يؤثر في علاقتنا ببعضنا كزوجين، والأهم أنه يؤثر في تنشئتنا لأطفالنا وطرق تعاملنا معهم. سألقي الضوء هنا على بعض العبارات التي سمعتها تتكرر، أو سمعت شكوى عنها من الأهل.

 

يقول الزوج للزوجة: "لماذا لا تعطين طفلنا الهاتف؟ دعيه يلعب كغيره. أتدرين؟ سأشتري له هاتفاً خاصاً به!"

حسناً، عدا عن المضار الكثيرة لإعطاء الهاتف للأطفال الكبار دون رقيب (حتى مع تحديد الوقت والاستخدام، فإننا لا ندري ما الذي يمكن له القيام به وحذفه دون أن ندري)، فإن خطورة ذلك تتضاعف مع الأطفال الأصغر سناً، وقد شرحت عن ذلك في مقالٍ سابق بعنوان "هل أمنع أبنائي عن الإلكترونيات أم أعطيها لهم عندما يشاؤون؟" لذا من الضروري أن يتفق الأهل على هذا الأمر معاً لكي لا يجد الطفل في أحدهما مصدراً سهلاً للحصول على الإلكترونيات. من الممكن أن يبحثا معاً ويتحدثا في إيجابيات توفير الإلكترونيات وسلبياتها، ووضع قواعد معاً لجميع الأسرة حول استخدامها؛ فالقدوة مهمة ولا تكفي القواعد التي تنطبق على الصغار دون الكبار! أما من حيث مقارنة الطفل بالآخرين، فهذا الأمر نفسه يعد معضلة؛ فما يناسب طفلاً لا يناسب الآخر، وإن كان استسهال تقديم الإلكترونيات لإسكات الطفل أمراً شائعاً فهذا لا يعني أبداً أنه صحيح أو صحي. لنبحث في الأمور جيداً قبل أن نتساهل ونندم.

 

يقول الزوج للزوجة: "بناتنا يتحدثن ويضحكن معكِ بينما يتوترن حين أكون في المنزل ولا يجلسن معي. لماذا لا تقولين لهن أن يعاملنني مثلكِ؟"

وقد تصدر مثل تلك العبارة من الزوجة؛ إذ تستغرب أن الأبناء أو البنات يميلون لأبيهم أكثر منها. في الحقيقة، فإن العلاقات بشكل عام طريق باتجاهين، وكلما استثمر الوالدان في علاقتهما بأولادهما ببذل الوقت والجهد والاهتمام الكافيين (لاحظوا أنني لم أقل المال أو الألعاب!) بالتواجد معهم في الأوقات الجميلة ومواساتهم في تلك الصعبة، سيكون التواصل أفضل بكثير معهما بالنسبة إلى الأطفال، وستكون العلاقة مبنية على المشاركة المتبادلة. أما لو كان أحدهما لا يتفاعل كثيراً، أو يجد في طلبهم الاهتمام إزعاجاً، أو يتظاهر بالاستماع بينما عيناه مشغولتان بالهاتف، فإن ذلك كله سيؤثر في الأبناء ولن يتفاعلوا معه. معظم الأطفال لا يعرفون النفاق، وهم يتصرفون حسب مشاعرهم وحسب النماذج التي تتمثل أمامهم، جيدة كانت أو سيئة. لذا، إن كان أي الوالدين يجد أن أطفاله لا يتفاعلون معه أو يصمتون حين يحاول التفاعل معهم أو غير ذلك مما يزعجه، فمن الضروري أن يراجع هو نفسه و"مدخلاته" في هذه العلاقة أولاً قبل أن يطالب بنتائج مختلفة عما يقدمه، أو ما لا يقدمه!

 

يقول الزوج للزوجة: "لا تعاقبي ابني. وماذا يعني لو أخطأ؟!"

من الضروري أن يجلس الزوجان ويتفقا مسبقاً على الأمور التي تستوجب إخبار الطفل بأنه أخطأ، والتي تستوجب العقاب أو لا تستوجبه. بالنسبة إلى ما نقوم به شخصياً في المنزل، فإننا ننبه ابنتنا فقط عند القيام بخطأ بسيط أول مرة أو سكب شيء أو إيلام أحد من دون قصد، ونطلب منها الاعتذار. مرة أخرى: من الضروري أن نكون قدوة في ذلك؛ إذ نعتذر منها حين نرتطم بها مثلاً. أما الإيذاء عن قصد -حتى لو كان على شكل لعب- أو مضايقة الآخرين أو تعمد القيام بأمر قد نهيناها عنه فإننا نخبرها بخطئها وأننا تضايقنا ونطالبها بالاعتذار، ولو كانت قد قامت بتصرف خاطئ، كرمي الأشياء على الأرض مثلاً عن قصد، فعليها أن تعيد ترتيبها مرة أخرى لتصلح خطأها. من الضروري الحزم في هذه الأمور لكي لا يظن الطفل أنه لا بأس بأن يخطئ، ويحاول تجاوز الحدود باستمرار مع أحد الوالدين أو كليهما. من الطبيعي أن يحاول ذلك بين فترة وأخرى، لكن وجود قاعدةٍ واتساق الوالدين في تعاملهما بين بعضهما وفي كل مرة يظهر فيها السلوك سيساهم في معرفة الطفل لحدوده. لقراءة المزيد حول التعامل مع السلوك الخاطئ لطفلك، يمكنك الاطلاع على مقال "بدائل العقاب في التعامل مع السلوك غير المرغوب فيه".

 

تقول الزوجة: "لقد كنت غاضبة جداً من تصرف ابنتنا إلى أن راحت تهددني: "حين يأتي أبي سأقول له أن يضربكِ"، وعندها لم أستطع أن أمسك نفسي من الضحك."

في الواقع، فإن التهاون في التعامل مع مثل هذه العبارات للطفل يمكن أن تكون له نتائج كارثية. ولكي نتناول هذه النتائج من الضروري أن نتناول أولاً المضامين الكامنة وراء عبارة تلك الطفلة؛ فمن الواضح أولاً أنها تسمع مثل ذلك التهديد، وإلا لما كانت استخدمته، وهذا الأمر خطأ كبير إذ يُنظر إلى الأب في مثالنا هذا على أنه مصدر للعقوبة، كما أن الأم تعلن فيه عجزها عن التعامل مع سلوك طفلتها، الأمر الذي ستراه الطفلة دعوةً للتصرف كما تشاء في وجود أمها لأنها لن تتصرف مع سلوكها السلبي. ثانياً، فإن "الوازع" وراء السلوك هنا وازع خارجي يتمثل في شخص الأب في إيقاع عقوبة، وأشك أن من يستخدم هذا التهديد يقول في المقابل مثلاً: "سأخبر أباكِ حين يعود كيف ساعدتني في العناية بأخيكِ اليوم." هذا يجعل الطفل يراقب من حوله فقط سعياً لتجنب العقاب، ولن يساعده في بناء وازع داخلي يبني عليه السلوكيات الصحيحة ويميز تلك الخاطئة. ثالثاً، فإن ضحك الأم سيُقرأ من قبل الطفلة على أنه تعزيز وأن هذا السلوك يثير المرح ولا بأس من تكراره مرة أخرى، بل وربما الزيادة عليه، وعاماً بعد عام فإن الأم ستندم أشد الندم وتقول ليتني تعاملت مع ذلك مبكراً. يمكنك العودة إلى مقال "8 طرق لوضع حدود لأطفالنا" لقراءة المزيد عن التعامل مع السلوك المشاكس للطفل.

 

يقول الزوج للزوجة: "لماذا تريدين أن تعملي؟ اهتمي بالمنزل والأطفال. إن دخلي يكفينا ويزيد."

إن خيار العمل أو عدم العمل يفترض أن يكون خاصاً بالمرأة نفسها. هي الأدرى بظروفها وبوضعها النفسي والجسمي وما تستطيع احتماله أو عدم احتماله. أعرف حالاتٍ كانت المرأة فيها في درجاتٍ علمية وعملية مرتفعة وقررت أن لا تعمل -أو تعمل بدوام جزئي أو خفيف- لكي تعتني بالأبناء ولم تكترث لما يقوله من حولها بأنها ضيعت تعبها هباءً، وحالات أخرى لم تستحمل فيها الأم البقاء مدة طويلة في المنزل وكانت ترى أن وقت العمل هو وقتها الشخصي الذي تستقطعه من العناية بالمنزل والأسرة لكي ترى فيه الناس وتطور نفسها. الأمر شخصي جداً ويعتمد على أوليات المرأة وقدرتها على الموازنة وعلى ما يتوفر لها من دعم يساعدها في اتخاذ قرارها. وفي النهاية فإن دفعها باتجاه أحد الخيارين دون رغبة حقيقية منها فيه سوف يؤثر فيها ويزيد من إحساسها بالضغط، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على علاقتها بزوجها وأطفالها أيضاً.

 

من المهم الحوار والتفاهم بين الزوجين في هذه الأمور وغيرها، ومن المهم أن يجدا مساحةً للجلوس والنقاش في مستجدات حياتهما كزوجين وحياة أسرتهما الصغيرة من حين لآخر. أتحتاجين أن تتناقشي في المزيد من الأمور مع زوجك؟ اكتبي ما تودين مناقشته معه على ورقة وادعيه لفعل المثل لو أحب، واجلسا معاً مساءً لشرب كوب من النعناع مثلاً وناقشا ما تودانه بتفصيل وتقبل. ربما تفيدك بعض الأفكار الواردة في مقال "إلى زوجي العزيز: أود أن تقرأ رسالتي لكي نربي أبناءنا معاً في وئام". تحيتي.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية