العلاقات

ما علمتني إياه العلاقات في هذا المجتمع!

ما علمتني إياه العلاقات في هذا المجتمع!
النشر : نوفمبر 25 , 2019
آخر تحديث : ديسمبر 15 , 2020
سارية خراط مدونة اجتماعية وأم لطفلين هما: عون وحسن تسعى لنشر الوعي المجتمعي ومهارات الحياة بين الأفراد والعائلة والأطفال، تحب القراءة فهي عضو... المزيد

كثيراً ما سمعنا ذلك المثل الذي يقول: “قلل ناسك يرتاح راسك"، والحقيقة أن من قال هذا المثل كان مصيباً تماماً! فهذه قاعدة مهمة جداً في العلاقات من حولنا وتكوينها، والناس يتفاوتون بين مدرك لهذه القاعدة وبين متغاضٍ عنها على اعتبارها مجرد كلام لا أساس له من الصحة!

فهناك الكثير من الشخصيات التي دخلت إلى حياتك، منهم من غربلته الأيام ومنهم من قطعت علاقتك به بنفسك! وهناك أيضاً من رافقتهم لعشرات السنين ثم فارقتهم بلحظة، ومن كانوا بعيدين كل البعد عنك ثم عادوا إليك بلحظة أيضاً.. وتبقى أنت وسط كل هذا حائراً أمام تبدل المواقف وتغير الأشخاص!

مع الأيام يخوض الإنسان عدة تجارب منها ما هو حلو ومنها ما هو صعبٌ ومر.. لكن هذه المواقف والأيام تذهب ويبقى عليك أن تختار الأشخاص الذين ستبقيهم في حياتك، هؤلاء الأشخاص هم أفراد من محيطك ومن عائلتك ومن أصدقائك ومن أحبائك، منهم من ساندك وكان مصدر قوتك في أضعف أوقاتك، ومنهم من كان لك امتحاناً على هيئة بشر كنت مجبراً على اجتيازه لمجرد أن طريقك وطريق هذا الشخص قد تقاطعا في مرحلة ما من عمرك!

وبعد كل تجربة تخوضها.. و كل امتحان تجتازه تكون لك حرية الاختيار بين من ستحتفظ وتتمسك بوجوده في حياتك، ومن ستسمح له بالخروج بغير رجعة.. ففي نهاية الأمر هذه حياتك وأنت الأساس فيها!

من الرائع أن يكون للإنسان الحرية المطلقة في اختيار الأشخاص في حياته، من شريك أو حبيب أو صديق أو زميل في العمل.. لكنه لا يملك ترف الاختيار في بعض الأوقات، فيكون عليه أن يتمتع بالذكاء الكافي لتحديد هذه العلاقات ووضع خطوط واضحة تفصل بينه وبين كل شخص يصادفه في حياته..

وأؤكد وأصر هنا على كلمة حدود مع كل شخص مهما كان قربه لك، لأنه عند تجاوز هذه الحدود اعلم أنك ستخسر هذه العلاقة والشخص ونفسك إلى الأبد.

أما من اختارهم القدر لنا وكان وجودهم خارجاً عن إرادتنا ورغباتنا، فالتعامل معهم يتطلب ضعف الذكاء السابق لأنهم وكما يقال: "قدر ومكتوب". والتعايش معهم إجباري ومحتم.. إذاً كيف نحدد علاقتنا بهم؟! 

مع هؤلاء الأشخاص تحديداً تكون الخطوط التي نرسمها لعلاقتنا بهم عريضة وباللون الأحمر لأن خسارتهم ستكون فادحة وموجعة ومؤذية لنا ولهم على حد سواء.

أحب الأشخاص الاجتماعيين والعفويين واللطفاء من غير تكلُّف وتقلب في الوجوه، أعتقد لأنني هكذا تربيت وهكذا أردت أن أكون..

لكن مع مرور الأيام وتقدم العمر وتعدد التجارب والامتحانات أصبحت لي نظرة أخرى عن العفوية مختلفة تماماً عن تلك التي كنت أحبها.. فتحولت هذه الصفة إلى عيب أو علة يجب التخلص منها وبأسرع وقت ممكن لكي لا أخسر نفسي..

فكان الحل هو التعامل بشكل رسمي مع الكثير وألا أقترب كثيراً من الطرف المقابل حتى أطمئن إليه وأتوافق معه إلى حد ما، مع ترك مسافة أمان بيننا دائماً.. كان نوعا ما حلاً سلمياً وعقلانياً حتى اتفادى المواقف الصعبة فيما بعد.

ويأتي بعد تحديد علاقاتك تحديد الهدف من هذه العلاقات ونوعها..

فلا تجعل أهدافك شخصية بحتة وكن أنت المسيطر على مشاعرك وانفعالاتك وكل ما يتعلق بك في علاقتك مع الطرف الأخر وليس العكس! فليس هناك من يسعى لنجاحك وتحقيق مرادك سواك أنت! و ليس هناك من سيتحمل أخطاءك.. عيوبك ويمتص غضبك إلا انت..

أما سقف توقعاتك فلا ترفعه عالياً واجعله منخفضاً جداً حتى لا تصدمك المواقف وردود الأفعال في يوم من الأيام.

فما من علاقة مررت بها كانت كاملة وخالية من العيوب، لا بل هذا شيء شبه مستحيل لأننا نحن أنفسنا و كل فرد في أي علاقة ليس كاملاً.. فهو إنسان يخطئ ويصيب.. لذا فإنه من الفطنة أن يذهب الإنسان بعلاقاته نحو منحنىً إيجابي، فيكون حذراً وذكياً ومستعداً لكل شيء.

أيضا أن تحدد ما هو لك وما هو عليك مع كل شخص في حياتك، وماهي حدودك وما هي حدود الطرف الآخر هو شيء أكثر من مهم وضروري.. فالوضوح دائماً أمر جميل ومريح لكلا الطرفين. 

في الختام، كن ذكياً في انتقاء كل شخص تدخله إلى حياتك، لأنه بوجوده فيها لا شك سيأخذ من أيامك ومجهودك ووقتك وعواطفك الشيء الكثير... وعليك أن تدرك أن الرعاية الذاتية هي أمر بالغ الأهمية لكل فرد، فالتفت إلى نفسك واحتياجاتها ورغباتها لتتمكن من أن تقيها من أي شعور بالألم أو الخيبة. 

ففي هذه الحياة هناك من يستحق وهناك من سيجعلك تشعر بالندم حتى تستغرب من نفسك كيف سمحت له بالدخول إلى حياتك منذ البداية!

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية