رمضان

مذكرات آدم: جرعة من السعادة والفرح العائلي في شهر رمضان!

مذكرات آدم: جرعة من السعادة والفرح العائلي في شهر رمضان!
النشر : أبريل 28 , 2021
آخر تحديث : أبريل 29 , 2021
منذ طفولتي بهرتني عوالم القراءة التي أغرتني بالكتابة، احترفت هذه الصنعة بشغف منذ ١٩٩٣ عبر بوابة الصحافة الورقية، ومنها إلى الكتابة والتأليف... المزيد

قبل أن تحاصرنا ظروف فيروس كورونا في البيوت، وقبل أن تتقطع صلاتنا بأرحامنا وأحبابنا بسبب فترات الحظر، أعود بذاكرتي إلى يوم رمضاني لا أنساه أبداً عشنا فيه سعادةً غامرة، حتى تنزلت علينا وعلى ضيوفنا السكينة والراحة.

وأحب أن أروي تلك التجربة هنا لما فيها من فائدة ومن تذكير بأن في اجتماع أهل البيت على صلاة التراويح والاستماع إلى القرآن الكريم سر روحي يستحق أن نلتفت له. 

***

ازداد توتر زوجتي مع اقتراب موعد الإفطار، ولحسن الحظ فقد كان توتراً فاعلاً ومنتجاً وكأنه رفع عندها من نسبة هرمون "الأدرينالين"؛ فزاد كرّها وفرّها بين غرفة الضيوف والمطبخ وتجهيز السفرة. 

رفضت عروضي الجادة في المساعدة لأنها كانت مركزية جداً في إدارة الولائم، وتحب أن تقوم بها من الألف إلى الياء لوحدها. 

قلت لها: ستندم يا جميل!! 

قبيل أذان المغرب رنّ جرس الباب ففتحت للضيوف، وكان كل شيء على ما يرام، فعَلَت وجهَ زوجتي ابتسامة المنتصر. 

زاد فرحها بثناء ضيفي ووالدته وزوجته على أصناف الطعام والحلوى، تركت وضيفي النسوة يشربن القهوة ومشينا إلى المسجد لأداء صلاة العشاء. 

قلت لضيفي: ما رأيك أن نكتفي بصلاة العشاء في المسجد وأن نصلي التراويح في البيت بالنساء والأطفال. 

لم يستحسن ضيفي الفكرة وقال: ستشغلنا أحاديث السمر وجلبة الأطفال عن أدائها، ستكون صلاة مشوشة للغاية. 

قلت: إن صلاة السنن والنوافل في البيت أمر مستحب لنا، رغبّ إليه نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً". 

وأردفت بقولي: صلاة الرجل النافلة في بيته سبب لتنزّل الرحمات والبركات، وتذكير عملي لزوجته وأطفاله بالصلاة. 

قال ضيفي هادئ الطباع: لا بأس، نجرّب. 

ولدى دخولنا البيت عرضت على زوجتي ومن عندها من النساء أن يأتموا وأطفالهم بصلاتنا، وحتى لا يطول الأمر فقد اصطففت أنا وضيفي وشرعت في الصلاة. 

في الركعة الأولى لم يكن الأمر مريحاً بسبب الجلبة التي يحدثها تسعة من الأطفال، فقلت لنفسي سيشمت بي صاحبي، لكن ما إن نهضنا للركعة الثانية حتى اصطفت خلفنا النسوة وبعض الأطفال ممن تجاوزوا السابعة فهدأت الأمور نسبياً، ومع كل ركعة وما تتضمنه من تلاوة ودعاء وتسبيح كانت تتحسن الأمور على نحو طيب كما كنت أرجو. 

وبعد أن قضينا شطراً من صلاة التراويح تحدّثت مذكراً الحضور بمعاني بعض الآيات الكريمة التي تلوت والتي كانت تدور عن الروح والحياة الحقيقية في الوحي الإلهي فهو بالنسبة لقلوب البشر المتعبة كالغيث بالنسبة للأرض الميتة، وقادنا الحديث لأسئلة وجودية كبرى طرحها بعض الأطفال النبهاء فكان نقاشاً مثمراً وعلماً نافعاً هدانا الله إليه ببركة القرآن الكريم.

ولما عدنا لإكمال صلاتنا ومع كل تلاوة لفاتحة الكتاب كانت طفلتي التي لم تبلغ الرابعة ترددها بصوت ولا أجمل منه، فأدخلت بذلك المزيد من الفرح والسرور إلى قلبي، سلمت من الركعتين والتفت خلفي فإذا بها تقف معنا في الصلاة فاعتنقتها وأثنيت على تلاوتها، وحمدت الله تعالى على توفيقه فبصلاتنا صلى كل من في البيت حتى من لا تجب في حقهم الصلاة، ونظرت إلى ضيفي وقد تهلل وجهه، وقال: تعرف.. أولادي لأول مرة يقفون بهدوء وتؤدة في صلاة. 

قلت له: ألم يعدنا الصادق المصدوق بأن الرجل إذا صلى في بيته النافلة "فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً". 

لقد كانت ليلة موفقة، فطعام الإفطار الذي تعبت زوجتي في إعداد أصنافه لاقى استحسان ضيوفنا، لكن الأجمل كان اجتماعنا معهم على هذه الصلاة المباركة وشعورنا جميعاً بتنزل السكينة والبركة. 

قررت أن أصلي التراويح كل ليلة في البيت لعل سلام ليالي شهر رمضان وبركاتها تتنزل علينا، ولعلي أستمع مجدداً لتلاوة طفلتي سما..

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية