الأطفال 6-11 سنة

كيف نحقق التوازن بين البيت والمدرسة في حياة الطفل

كيف نحقق التوازن بين البيت والمدرسة في حياة الطفل
النشر : سبتمبر 05 , 2021
آخر تحديث : ديسمبر 28 , 2021
خبير ومستشار تربوي لمرحلة الطفولة، دكتوراه علم نفس تربوي، رخصة دولية في التدريب على مهارات التربية، أم لأربع بنات وولدان، مؤلفة كتاب... المزيد

كانت ومازالت العلاقة بين البيت والمدرسة من أهم العلاقات المؤثرة على حياة الطفل بدرجة كبيرة لأنهما أكبر مجتمعين ينتمي لهما الطفل، الأمر الذي يتطلب وجود تكامل وتناسق بين هذين المجتمعين لتحقيق مصلحته.

يعتبر اختيار المدرسة المناسبة مسؤولية مباشرة من مسؤوليات المربي في البيت (الأسرة). السؤال الذي يطرح نفسه. على أي أساس يختار المربي المدرسة؟

تشير الأبحاث بأن حاجة الطفل للشعور بالأهمية وحاجته للشعور بالانتماء أهم حاجتين نفسيتين تتطلب إشباعاً متوازياً لضمان استقرار حياته وعدم ظهور مشكلات اجتماعية فيها (حاجتان يشترك فيها البشر في جميع المراحل العمرية، ولكن الاحتياج لها أقوى في مرحلة الطفولة).

يمكن تشبيه الحاجة للشعور بالأهمية والحاجة للشعور بالانتماء بمساري سكة القطار حيث لا يستطيع القطار السير بأمان إلا بوجود كلا المسارين.

عند اختيار المدرسة المناسبة لا بد للمربي أن يتخذ قراره بناءً على ما سبق. بمعنى أن يختار المدرسة التي تكمل دوره في إشباع حاجتي الطفل للشعور بالأهمية والانتماء.

بعد اختيار المربي للمدرسة لابد أن يعمل على تحقيق التوازن في العلاقة بينه وبين المدرسة بمعنى ألا يترك الحبل للغارب لها فيما يتعلق بمصلحة الطفل من ناحية تربوية وفي الوقت نفسه لا يتدخل في تفاصيل عملها. فيما يلي قصتين توضح المقصود مما سبق:

تواصلت معي أم طفلة في الثامنة من عمرها للوصول لحل بخصوص مشكلات طفلتها في الفترة الأخيرة والتي بدأت بعد بدء الأسرة في التعامل معها بطريقة مختلفة بناءً على نصائح من معلمتها والتي كانت للأسف نصائح غير تربوية (كانت الطفلة موهوبة وتظهر منها سلوكيات غير مألوفة من الأطفال عادةً). عند سؤالي الأم عن سبب تنفيذها لنصائح المعلمة (على الرغم من عدم اقتناعها بها) أفادت لأنها معلمة والمعلمة تَعلم!

في المقابل سمعت من إحدى الأمهات الثِقات بالنسبة لي أن بعض الأسر في مدرسة ابنها الخاصة قاموا بشراء كتب دراسية لأطفالهم من مدارس خاصة أخرى وبدأوا في تدريسهم منها. لأن المدرسة التابع لها أطفالهم تتبع أسلوباً دراسياً قائم على الاحتفاظ بكتب الطلاب الدراسية في المدرسة لاستخدامها في المدرسة فقط ويتم إبلاغ أولياء الأمور بهذا الإجراء بمجرد حضورهم للمدرسة للتعرف على نظامها وإبداء رغبتهم في تسجيل طفلهم.

القصتان السابقتان تمثلان عدم التوازن في العلاقة بين البيت والمدرسة (إفراط وتفريط). في القصة الأولى بالغت الأم في تقدير حجم المدرسة في حياة طفلتها من خلال تنفيذ تعليمات المعلمة حرفياً دون التفكير في احتمالية أن تكون مخطئة أو على الأقل لا تعلم جميع تفاصيل حياة الطفلة كما يعلمها الأهل (تفريط).

في المقابل أظهرت القصة الثانية (إفراط) أولياء الأمور في التدخل في الدور الأكاديمي للمدرسة على الرغم من معرفتهم مسبقاً بالطريقة التي تتبعها المدرسة.

 

كيف يمكن تحقيق التوازن بين البيت والمدرسة؟

فيما يلي أهم النقاط التي يجب على المربي أخذها في الاعتبار عند اختياره لمدرسة طفله والتعامل معها بعد الاختيار:

  1. يضع المربي في اعتباره أن تكون الأولوية في اختياره لمدرسة طفله كفاءتها من حيث المساهمة في إشباع حاجة الطفل للشعور بالأهمية والانتماء مع البيت.

  2. الحرص على فهم جميع التفاصيل الخاصة بالجانب الأكاديمي للمدرسة والاقتناع بها شخصياً وليس بناءً على آراء أشخاص آخرين أو سمعة المدرسة القوية.

  3. تجنب التدخل في تفاصيل الجانب الأكاديمي ما لم تكن هناك حاجة ماسّة لذلك.

  4. في حال كانت هناك حاجة للتدخل في الشؤون الأكاديمية للمدرسة (سواء إدارة أو معلمين) الحرص على الوصول لحل وسط مع المدرسة مع الحرص على أخذ مصلحة الطفل في الاعتبار أولاً بغض النظر أي الطرفين (بيت أو مدرسة) على حق.

  5. في أسوأ الاحتمالات إذا وصل الاختلاف في وجهات النظر للحد الذي يتطلب خروج الطفل من المدرسة لابد من مناقشة الطفل بهذا الخصوص وتعريفه بالوضع القائم بما يناسب سنه وإتاحة الفرصة له للاستفسار عمّا يريد الاستفسار عنه والسماح له بالتعبير عن مشاعره تجاه الوضع ككل.

 

 

كلمة أخيرة:

تحقيق التوازن بين البيت والمدرسة مسؤولية الطرفين إلا أنه من وجهة نظري الشخصية مسؤولية البيت تأتي بنسبة أكبر من المدرسة (70% مسؤولية البيت إلى 30% مسؤولية المدرسة) لأن العلاقة تبدأ منه عن طريق اختيار المربي في الأسرة للمدرسة كخطوة أولى وتواجد الطفل في البيت أكثر من تواجده في المدرسة وبالتالي يكون تأثيره عليه أكبر في معظم جوانب حياته ومن ضمنها ردود أفعاله تجاه المواقف المختلفة التي يمر بها في المجتمعات المختلفة وعلى رأسها المدرسة.

 

      د. سلوى الهوساوي

خبير ومستشار تربوي لمرحلة الطفولة

 

 

 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية